تقاريرثقافة وفنون

خالد العنانى مرشح اليونسكو في زمن هدم التراث المصري

في مشهد مأساوي يتكشف أمام أعين العالم، يظهر جلياً التقاعس الفاضح للحكومة المصرية تجاه تراثها الثقافي، حيث تتجه الأنظار إلى ترشيح الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار الأسبق، لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، بينما تجرف الجرافات ما تبقى من التاريخ في القاهرة.

هذا الترشيح، الذي كان يجب أن يكون مصدراً للفخر، تحول إلى فضيحة تلطخ سمعة مصر في المحافل الدولية، وتحمل في طياتها دلالات عميقة عن الفساد المستشري في عروق الدولة.

ترشيح وسط الكوارث

في إبريل 2023، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن ترشيح العنانى للمنصب الدولي، متجاهلاً الدمار الذي يتعرض له تراث مصر الإسلامي.

ما يزيد من الاستغراب هو أن مجلس وزراء الخارجية العرب اعتمد هذا الترشيح في سبتمبر 2023، وكأنهم يباركون هدم القيم والمبادئ الثقافية.

هل يعقل أن تتجه مصر، التي تمتلك تاريخاً حضارياً يمتد لآلاف السنين، نحو قمة اليونسكو بينما تتنازل عن جزء من تاريخها أمام عيوننا؟

الجريمة ضد التراث

تجري الأعمال الوحشية في مقابر الإمام الشافعى، تلك المعالم التاريخية التي تعتبر رمزاً للعمارة الإسلامية. الجرافات تكتسح المقابر وكأنها لا تملك أي قيمة، بينما تُرفع الأصوات مطالبة الحكومة بالتوقف عن هذا الفعل الإجرامي.

لكن أين هي الحكومة؟ أين صوت وزير الآثار؟ لا شيء سوى صمت مريب يعكس فساداً عميقاً يجتاح مؤسسات الدولة. كيف يمكن للعنانى أن يتطلع إلى منصب عالمي في حين لا يمتلك الشجاعة للدفاع عن هويته الثقافية؟

فشل ذريع في الحماية

يعود هدم المقابر إلى خطط الحكومة في عام 2021 لتطوير محور صلاح سالم، ما أدى إلى إزالة المدافن التاريخية بلا رحمة.

يأتي هذا في وقت كان فيه العنانى يدير وزارة الآثار، وهو ما يزيد من استغراب المثقفين والأثريين الذين اعتقدوا أن الوزارة تهدف لحماية هذه الكنوز بدلاً من تسليمها للجرافات.

قرارات المجلس الأعلى للآثار، التي أُصدرت في عام 2015، كانت تتضمن اعتبار منطقة الجبانات بالإمام الشافعى منطقة أثرية، لكن لم يتم تنفيذها.

فضيحة وطنية بامتياز

أصبح الأمر واضحاً، إن فشل الحكومة في حماية التراث يمثل فضيحة وطنية. والأنكى من ذلك هو أنه بينما يتم هدم مدافن عظماء مثل وزير الحربية الأسبق محمود سامى البارودى والمشير محمد راتب باشا،

تتواصل الحكومة في تجاهل النداءات المتكررة لحماية هذه المواقع. كيف يمكن للحكومة أن تتغاضى عن هدم معالم تاريخية تحكي قصص أجدادنا وتشكّل جزءًا من هويتنا؟

مطالب بمحاسبة صارمة

أصوات النواب تتعالى بمطالب ملحة لوقف الهدم وإجراء مراجعة شاملة لكل الأنشطة المعنية بحماية التراث. لكن هل ستتحرك الحكومة فعلاً؟

إن الإهمال لا يشكل تهديداً فقط للتراث، بل يهدد الهوية المصرية بأكملها. الحفاظ على التراث ليس خياراً بل هو واجب، وفشل الحكومة في القيام بدورها يعد بمثابة خيانة للوطن.

عار على الحكومة

في خضم هذه الكارثة، يظهر الفساد الحكومي كعامل رئيسي يقوض كل ما هو جميل في تاريخ مصر. بينما يخطط خالد العنانى للحصول على منصب في اليونسكو، فإن التاريخ يمحو نفسه تحت عجلات البلدوزرات.

في ظل هذه الأوضاع، تظل تساؤلات عديدة بلا إجابات: هل تستطيع الحكومة أن تنقذ ما تبقى من تراثنا؟ هل هناك أمل في أن يعود الوعي لحماية هويتنا الثقافية؟ إن التجاهل الحالي يعد بمثابة جريمة لا يمكن السكوت عليها، فالأمة التي لا تحمي تراثها ستفقد هويتها إلى الأبد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى