إقتصادتقارير

إرتفاع الذهب يفضح فساد الحكومة المصرية وتخاذلها أمام الأزمات الاقتصادية

شهدت أسعار الذهب العالمية اليوم حالة من التذبذب الحاد بشكل غير مسبوق، فتحت الأسعار صباحًا على قفزة مفاجئة ليصل سعر الأوقية إلى 2758 دولار، وهو ما يمثل ارتفاعًا يزيد عن 30 دولار في أقل من 48 ساعة، وهي زيادة لم يكن من المتوقع حدوثها في ظل الظروف الطبيعية إلا على مدار شهور أو ربما سنوات.

ولكن سرعان ما عاد الذهب للهبوط الحاد مع نهاية اليوم، ليصل سعر الأوقية إلى 2719 دولار، في انعكاس واضح للفوضى الجيوسياسية التي تعصف بالعالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.

الانهيار السريع في أسعار الذهب يعكس حالة الفوضى التي يعيشها السوق العالمي، ولكن في مصر، هذا التذبذب الفوضوي يكشف الوجه الآخر لقصة أكثر تعقيدًا وأشد خطورة، وهي تقاعس الحكومة المصرية عن مواجهة الأزمات الاقتصادية المتتالية، وإخفاقاتها في توفير الاستقرار اللازم لسوق الذهب المحلي.

رغم الاضطرابات العالمية، إلا أن الحكومة المصرية تبدو وكأنها تقف مكتوفة الأيدي، عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات حاسمة لمواجهة هذه التحديات.

على الرغم من أن الصراعات الدولية تؤثر بشكل كبير على أسعار الذهب عالميًا، فإن الحكومة المصرية لم تقم بأي خطوات جدية لتحصين السوق المصري أو حماية المواطن المصري الذي يعاني من تأثيرات هذه الفوضى.

بل على العكس، تبدو الحكومة وكأنها تعتمد على التذبذب في أسعار الذهب لتحقيق أرباح سريعة دون النظر إلى التداعيات الكارثية على المواطن العادي.

وفي حين أن أسعار الذهب كانت قد شهدت ارتفاعًا تدريجيًا خلال الأشهر الماضية، بدون أي هبوط ملحوظ، كما أشار المهندس هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، فإن هذا الارتفاع لم يكن إلا قنبلة موقوتة.

إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 4.7% منذ بداية أكتوبر، ولكن الحكومة لم تقم بأي دور لتهدئة السوق أو حماية الاقتصاد المحلي من هذا الارتفاع الجنوني.

يبدو أن الحكومة المصرية تقاعست بشكل فاضح عن وضع خطط اقتصادية فعالة لمواجهة تداعيات الأزمات الدولية، متجاهلة بذلك معاناة المواطنين الذين باتوا عاجزين عن تحمل أسعار الذهب الباهظة التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.

ففي السوق المحلي، ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 صباح اليوم ليصل إلى 3753 جنيهًا، بعد أن أغلق أمس عند مستوى 3737 جنيهًا، ولكن مع هبوط السعر العالمي إلى 2719 دولار للأوقية مساءً، انهار سعر جرام عيار 21 ليصل إلى 2720 جنيهًا.

هذا التقلب الفوضوي في الأسعار المحلية يظهر بشكل جلي أن الحكومة المصرية لم تتمكن من وضع آليات واضحة لتنظيم السوق أو الحفاظ على استقرار الأسعار، ويعكس ذلك بشكل أساسي فشل السياسات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة.

ورغم تصريحات المسؤولين المتكررة حول استقرار الاقتصاد، فإن الحقيقة تشير إلى العكس تمامًا، حيث يتعرض المواطنون يوميًا لتقلبات الأسعار التي تجعل من الصعب عليهم إدارة حياتهم اليومية.

الصراعات الدولية ليست هي المذنب الوحيد في هذه الأزمة. فإن السياسات الاقتصادية الحكومية غير المدروسة هي التي أدت إلى هذه الفوضى في السوق المحلي.

ففي الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية اضطرابات، تتفاقم الأوضاع في مصر بسبب غياب التخطيط الحكومي وسوء إدارة الأزمات الاقتصادية. كما أن اعتماد الحكومة على سعر صرف الدولار كعامل أساسي لتحديد أسعار الذهب المحلي لم يعد كافيًا في ظل التحديات الحالية.

ومن المدهش أن الحكومة لم تقم حتى الآن باتخاذ أي إجراءات لتهدئة السوق أو تقديم حلول عملية لمواجهة هذه الأزمة. ففي الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من الغلاء المعيشي وارتفاع تكاليف الحياة، يبدو أن الحكومة مشغولة بجني الأرباح من تقلبات الأسعار بدلاً من اتخاذ خطوات فعلية لحماية الشعب.

إنها فضيحة اقتصادية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فضيحة تعكس حالة الفساد والإهمال التي تعاني منها الحكومة المصرية والتي تترك المواطن وحيدًا في مواجهة هذه الأزمة.

ومع استمرار الصراعات الدولية، يبدو أن أسعار الذهب لن تستقر في المستقبل القريب، مما يعني أن الوضع قد يزداد سوءًا. هذا الأمر يستدعي ضرورة تدخل الحكومة بشكل عاجل، ولكن حتى الآن لا يوجد أي مؤشر على أن هناك نية حقيقية لحل الأزمة أو التعامل معها بجدية.

والأسوأ من ذلك أن الحكومة لم تقدم أي توضيحات بشأن الإجراءات التي ستتخذها للحد من هذه التقلبات، مما يثير الشكوك حول مدى جدية الحكومة في حماية الاقتصاد الوطني والمواطنين.

تظهر هذه الأزمة أن الحكومة المصرية تعاني من حالة من العجز الكامل عن التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي تواجه البلاد. وفي ظل استمرار هذه الفوضى، فإن الوضع قد يصبح أكثر تعقيدًا وخطورة، ما لم تتحرك الحكومة فورًا لوضع حد لهذا التدهور الخطير.

ومع ارتفاع الأسعار والانخفاضات المفاجئة، يعاني المواطنون الذين يعتمدون على الذهب كوسيلة لحفظ مدخراتهم من خسائر فادحة، مما يزيد من تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي.

الأزمة التي يعيشها سوق الذهب في مصر اليوم ليست مجرد نتيجة للصراعات الدولية، بل هي نتيجة مباشرة لتقاعس الحكومة المصرية وفشلها في مواجهة الأزمات الاقتصادية. والمواطن المصري هو من يدفع الثمن.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى