لا شك أن من “اقرب” الخاسرين من اعتقال الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية للفترة النيابية 2019-2024، عائلته الكريمة، فكم هو صعب و قاس و غير معتاد ، ان تحرم من زوجك ووالدك، في سن ال 83 عاما ،و يزج به في الظلمات ويقضي 550 يوما في السجن من أجل تدوينة.
لا شك أن زوجته الفاضلة، قدمت مرة أخرى و تقدم يوميا دروسا في الطمأنينة و التسليم لقدر الله و الصبر، كما ان ابناءه، ساروا على خطاه، في المقاومة السلمية المدنية،بالدفاع عن والدهم في المحافل الوطنية و الفكرية و الدولية…إلا أن ان الجرح أليم، و الألم شديد و الرجاء في نصر الله كبير.
2- لقد قدمت مناضلات و مناضلي حزب حركة النهضة_التونسية ،على مدار السنين و المحن والتحديات، دروسا عظيمة في العطاء و البذل و التضحية بالغالي و النفيس،كما ان قياداتها المركزية و الجهوية و المحلية على امتداد تراب الجمهورية،قدموا و بخاصة بعد الإنقلاب على الدستور، مستويات عالية جدا من الوعي الحضاري والسياسي و تنويع أساليب المقاومة السلمية المدنية ،بالرغم من جميع الإنتهاكات الجسيمة والخطيرة ضدهم وضد عائلاتهم الكريمة… الا ان الغنوشي يبقى، المرجع الأول و رمز الحركة وعنوانها الرئيس، عامل الإستقرار و رجل الوحدة، صاحب الصبر الإستراتيجي و الثبات المبدئي، و صاحب القرار الأول و الأخير، في المواجهة أو التهدئة…فقد كان في اول الصفوف عند مقاومة الاستبداد، ثم رجل الحوار و التوافق الوطني، و تقدم الجميع فجر الإنقلاب، ثم قاد المقاومة السلمية المدنية منذ اللحظات الأولى لمحاصرة البرلمان بدبابة إلى لحظة اعتقاله قبيل أذان المغرب ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المعظم.
لا شك،ان صورة الغنوشي أمام مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، فجر يوم 26 جويلية_يوليو 2021، ستبقى خالدة في تاريخ تونس، كرفض للإنقلاب على دستور البلاد و مؤسساتها المنتخبة، لن نذيع سرا ،ان قلنا ان الغنوشي، كان يحرص على التفاصيل في المسيرات الوطنية و اضرابات الجوع، بان تكون وطنية ،جامعة ،شاملة، و الحرص كل الحرص على البقاء في دائرة الشرعية،و تحريم ،نعم تحريم اي محاولة، ولو محدودة او ضعيفة للعبث في هذا المنطقة السيادية الحساسة، الا ان اكبر خسارة لحركة المقاومة السلمية المدنية للإنقلاب، في جبهة الخلاص الوطني المناضلة او خارجها. إن غياب”الشيخ”مثل هزة قوية و صعبة ،بما يمثله من قيمة أخلاقية عالية،و استعداد فطري، و بثبات ديني ووطني،في تعزيز مقومات الحوار مع الجميع، الجميع، جميع بنات و ابناء تونس
و توطيد قيم العيش المشترك.
4- بين الشيخ راشد و فلسطين ،قصة حب و عقيدة و نضال، وجب ان تروى للأجيال القادمة في يوم من الأيام…ورغم أنني لم اقابل الشيخ ،منذ يوم 15 جويلية_يوليو 2021،بعد ان طلبت منه زيارة اهلي المقيمين في الخارج والذين لم ارهم منذ 6 اشهر،و رغم ان مياه كثيرة مرت منذ ذلك.
لكني اقدر ان اقول بكل طمأنينة، ان أكثر ما يألم الشيخ راشد اليوم ،ليس السجن او التنكيل به و بعائلته الكريمة ،بل ما يحدث في غزة،و اعتقد ان غياب الشيخ عن هذه المعركة المفصلية،
هي خسارة كبيرة في تعبئة علماء الأمة، و حشد العزائم و الهمم في الصفوف القومية و الإسلامية، و غياب رجل بامة في الدعم والإسناد، إنها قصة حب عظيمة بين الشيخ وفلسطين و الشعب التونسي العظيم، الذي ان غاب عن الجهاد بالنفس و المال المثير ،فإنه حاضر مع غزة وفلسطين على مدار الساعة والمعارك بالدعاء المبين.
5- بكل تواضع و تجرد، ومعرفة دقيقة، اقول ان غياب
و تغييب الأستاذ الغنوشي ، رجل الفكر والحوار
و الدولة الرفيع، أثر و يؤثر كثيرا في استقرار تونس و في الدفاع على امن و وحدة و استقرار المنطقة المغاربية و العربية الإسلامية و خسارة كبيرة في حجم الإستثمارات الأجنبية الممكنة من الشرق و الغرب، لما يمثله الرجل من اعتدال في الفكر وسط جحيم ملتهب، و توافق وطني وسط انقسامات شديدة و رجل ثقة في الكلمة و العهد…
تونس و جيرانها تخسر كثيرا باعتقال رجل الفكر والحوار راشد_الغنوشي.
6- ان اكبر خسارة للعالم ،باعتقال راشد الغنوشي، ان قيس اعتقل اهم رجل دولة في حركة الإسلام العظيم، القادر بعون الله
و توفيقه على الحوار مع العالم مع المحافظة الثابتة
على مبادءه،و الإندماج في المنظمة الدولية مع المحافظة على الهوية الإسلامية، و البحث عن المصالح المشتركة بين الأمم، دون الذوبان في اغراءات المناصب او المكاسب،،،بل بثبات و عزم و عزيمة و حب الحياة وواحترام الآخرين و قيم العيش المشترك.
7- لا شك، ان الخاسر الأكبر، من اعتقال الأستاذ راشد الغنوشي، هو قيس سعيد. لنكن أكثر دقة، فإن جهات واطراف عدة،خبيثة ،لعبت قبل الإنقلاب على تغذية مشاعر غير محببة و مرضية بين رجلين في أعلى هرم الدولة،أثرت كثيرا في علاقتهما،و للأسف الشديد، و سياتي يوم نتحدث عنها،الا ان قيس سعيد، انتقل من رتبة أستاذ القانون الدستوري المرموق، إلى الإمام الظالم بعد الإنقلاب على الدستور واعتقال الغنوشي ،و قادة الحركة الوطنية العظام ،و خوفي،كل الخوف ان يوصم، بالقاتل مدى حياته وبعد الممات،ووعمر طويل لو بقي الغنوشي في المعتقل، وحل قضاء الله لا قدر الله.