تقارير

الحكومة المصرية تتجاهل إنقاذ اقتصادها رغم فرصة توفير 800 مليون دولار حتى 2030

في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، تواجه مصر اختبارًا جديدًا يكشف عن تقاعس واضح من قبل الحكومة في استغلال الفرص الاقتصادية التي قد تخفف من معاناة الشعب المصري.

حيث أعلنت مدير عام صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، أن تخفيض الصندوق لرسوم الديون سيمنح مصر فرصة ذهبية لتوفير ما يصل إلى 800 مليون دولار بحلول عام 2030.

هذا الإعلان الذي كان يمكن أن يمثل نقطة انطلاق لانتعاش الاقتصاد المصري المتأزم، لم يُقابل إلا بتجاهل شبه تام من الحكومة المصرية التي تواصل إهمالها المتعمد للملفات الاقتصادية الحيوية.

هذه الخطوة من صندوق النقد الدولي تأتي في وقت يحتاج فيه الاقتصاد المصري إلى أي فرصة تخفف من أعباء الديون الضخمة وتساعد في تحسين حياة المواطنين الذين يعانون من تدني مستويات المعيشة والبطالة المرتفعة.

فرغم أن مصر تئن تحت وطأة ديون هائلة تجاوزت الـ 160 مليار دولار، ويعاني اقتصادها من تدهور في قيمة الجنيه وارتفاع معدلات التضخم، إلا أن الحكومة المصرية لم تظهر أي تحرك واضح للاستفادة من قرار الصندوق.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تتجاهل الحكومة المصرية هذه الفرصة الفريدة؟ كيف يمكن لحكومة تواجه تحديات اقتصادية جذرية أن تفوت فرصة تخفيض رسوم ديونها وتوفير 800 مليون دولار كان يمكن أن تستخدم لتحسين قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية؟ هذه التساؤلات تعكس حجم الإهمال والتقاعس الذي أصبح سمة من سمات الأداء الحكومي في مصر.

إن هذا القرار من قبل صندوق النقد الدولي لا يمثل مجرد عرض مساعد بل هو أيضًا فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري وتقليص الفجوة الكبيرة بين المديونية والإنتاجية.

إلا أن الحكومة المصرية تظل غارقة في سياسات فاشلة وعشوائية لا تحقق أي تقدم حقيقي في مواجهة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

وبينما تحتفل الدول المجاورة بتقدمها الاقتصادي وتنميتها المستدامة، لا تزال مصر في موقع المتفرج، لا تحرك ساكنًا أمام فرص التحسين والتطوير التي تأتيها على طبق من ذهب.

ومن اللافت للنظر أن هذا التخفيض في الرسوم، الذي سيمتد حتى عام 2030، ليس مجرد مبادرة مؤقتة أو صغيرة. فهو يمثل تخفيفًا كبيرًا للأعباء المالية على المدى الطويل، ما يمنح الاقتصاد المصري هامشًا أكبر للاستثمار في مشروعات التنمية والنهوض بالقطاعات المتدهورة. إلا أن الحكومة، وكعادتها، تبدو منشغلة بقضايا ثانوية وغير قادرة على اتخاذ خطوات جادة في الاتجاه الصحيح.

هل يمكن للحكومة المصرية أن تستمر في هذا التجاهل الممنهج لاحتياجات الاقتصاد والمواطنين على حد سواء؟ وكيف يمكن أن تتحمل نتائج هذا الإهمال في المستقبل؟

خاصة وأن صندوق النقد الدولي قد وجه تحذيرات عدة حول أهمية الإصلاح الاقتصادي في مصر وضرورة تقليص الديون المتراكمة، إلا أن الاستجابة كانت دائمًا بطيئة وغير كافية.

إن التخفيض المتوقع لرسوم الديون كان يمكن أن يفتح الباب أمام استثمارات جديدة ويشجع القطاع الخاص على المساهمة بشكل أكبر في تعزيز الاقتصاد الوطني.

إلا أن التخبط السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه مصر يجعل من الصعب رؤية أي تغيير إيجابي في الأفق القريب. هذا القرار كان من الممكن أن يعيد بعض التوازن إلى الحسابات المالية للدولة، لكنه للأسف قوبل بتجاهل مخيب للآمال.

من المثير للدهشة أن الحكومة المصرية تبدو وكأنها تعمل في عزلة عن الواقع الاقتصادي العالمي. ففي وقت تتخذ فيه الدول الأخرى خطوات حثيثة للاستفادة من الدعم الدولي وتحسين موازينها التجارية، تستمر مصر في السير بعكس الاتجاه، متجاهلة كل الفرص التي قد تساعدها في الخروج من دوامة الديون. كيف يمكن لحكومة أن تتجاهل توصيات صندوق النقد الدولي الذي لطالما كان حليفًا استراتيجيًا لها في الأزمات السابقة؟

من الواضح أن مصر بحاجة ماسة إلى تغيير جذري في سياساتها الاقتصادية، بدءًا من إعادة النظر في إدارة الديون إلى تحسين الشفافية والحوكمة في إدارة الموارد المالية.

هذه الفرصة التي قدمها صندوق النقد الدولي ليست مجرد مساعدة مالية، بل هي فرصة لإعادة بناء الثقة بين الحكومة والشعب والمجتمع الدولي. إذا كانت الحكومة لا تستطيع رؤية هذه الفرصة فكيف ستستطيع مواجهة التحديات الأكبر التي تنتظرها في المستقبل؟

لا يمكن للشعب المصري أن يتحمل المزيد من التجاهل في وقت يعاني فيه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وزيادة معدلات الفقر، وتراجع مستوى الخدمات العامة.

فكل دولار يتم توفيره من خلال تخفيض رسوم الديون كان يمكن أن يسهم في تحسين حياة الملايين من المصريين، إلا أن الحكومة تبدو غير مكترثة بالمصالح الوطنية.

إن مصر لا يمكنها تحمل المزيد من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تقاعس الحكومة. التخفيض الذي أعلنه صندوق النقد الدولي كان يمكن أن يمثل نقطة تحول في مسار الاقتصاد المصري، ولكن مع استمرار الحكومة في تجاهل الفرص، يبدو أن المستقبل سيكون مليئًا بمزيد من الأزمات المالية.

ما الذي يجب فعله؟ تحتاج الحكومة إلى تغيير جذري في سياساتها الاقتصادية، بدءًا من التعامل مع الديون وصولاً إلى تعزيز الاقتصاد المحلي. تحتاج إلى رؤية جديدة وشجاعة في اتخاذ القرارات التي تضمن استغلال الفرص بدلًا من تفويتها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى