تقارير

محمد معيط .. مهندس انهيار اقتصاد مصر يتسلم منصبًا دوليًا في صندوق النقد

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً ودهشة كبيرة، تم تعيين وزير المالية المصري السابق، محمد معيط، ممثلاً للمجموعة العربية والمالديف في صندوق النقد الدولي، خلفاً لمحمود محيي الدين، بدءاً من 26 أكتوبر الجاري.

وبالرغم من تاريخه المثير للانتقادات خلال توليه وزارة المالية، لم تتردد المؤسسة الدولية في منحه هذه المنصب الحساس الذي قد يؤثر على سياسات اقتصادية عالمية، في وقت تعد فيه مصر من أكثر الدول التي تعاني من أزمة الديون المتفاقمة.

في أول تصريحاته بعد تعيينه، أشار معيط إلى أنه سيعمل على معالجة مشكلات الديون العاجلة التي تواجه الدول النامية، والتي ارتفعت بشكل كارثي وأصبحت عبئاً ضخماً على تلك الدول. كما أكد أنه يسعى إلى إيجاد تمويلات تدعم التنمية المستدامة،

لكن هذا التصريح الذي يبدو مبشراً يخفي خلفه واقعاً مؤلماً يعيشه الاقتصاد المصري منذ سنوات بسبب سياسات معيط الفاشلة.

مصر تغرق في بحر الديون في عهد معيط

لا يمكن إنكار أن وزارة المالية تحت قيادة محمد معيط قد شهدت انهياراً مالياً لا مثيل له، فقد ارتفعت الديون الخارجية والداخلية إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

في عهد معيط، بلغ إجمالي ديون مصر 16 تريليون جنيه، ما يعادل حوالي 340 مليار دولار، وكانت النسبة الأكبر من هذه الديون ديوناً خارجية بلغت 168 مليار دولار.

ويشكل هذا المبلغ الهائل ما يقرب من 96٪ من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لمصر والذي يبلغ 17 تريليون جنيه. هذه الأرقام الكارثية تعكس عمق الأزمة التي أغرق فيها معيط الاقتصاد المصري.

وقد حددت الحكومة سقف دين الحكومة العامة عند 16.4 تريليون جنيه، أي ما يعادل 96.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وهذا السقف المرتفع ليس إلا دليلاً آخر على عجز الاقتصاد المصري في التعامل مع حجم الديون المتزايد، وما يترتب على ذلك من ضغط متزايد على المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار وتدني مستوى الخدمات.

الموازنة العامة .. خداع للشعب أم للصندوق؟

عندما تم تقديم مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2025/2024 لمجلس النواب، كان واضحاً أن هناك فجوة كبيرة بين الأرقام التي أعلنتها الحكومة وتلك التي قدمتها لصندوق النقد الدولي.

أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب اتهم الحكومة بتقديم نسختين مختلفتين للموازنة، واحدة للشعب وأخرى للصندوق، مما يعكس مدى التلاعب في الأرقام والمعلومات.

فقد قدم معيط لمجلس النواب موازنة بمصروفات إجمالية تبلغ 3 تريليونات و870 مليار جنيه، بينما أعلن صندوق النقد أن المصروفات الحقيقية تبلغ 4 تريليونات و789 مليار جنيه.

هذه الفجوة الهائلة ليست إلا دليلاً على غياب الشفافية والتضليل المتعمد الذي مارسه معيط خلال فترة توليه المنصب.

ولم يتوقف التضليل عند هذا الحد، بل تعدى ذلك إلى الأرقام المتعلقة بالأجور وتعويضات العاملين، حيث قدم معيط رقم 575 مليار جنيه، في حين أكد صندوق النقد أن الرقم الحقيقي هو 648 مليار جنيه.

ويظهر هنا بوضوح الفشل في إدارة الموارد وتقديم معلومات دقيقة، مما يضع المزيد من الضغوط على الاقتصاد المصري المتعثر.

التناقضات الكارثية في أرقام الموازنة

التناقضات في الأرقام لم تتوقف عند الأجور والمصروفات فقط، بل امتدت إلى مجالات أخرى حيوية مثل العجز والفوائد. فقد قدرت الحكومة العجز بمبلغ تريليون و245 مليار جنيه، بينما قال صندوق النقد إنه يصل إلى تريليون و570 مليار جنيه.

والأمر الأكثر خطورة هو الفوائد التي تقدرها الحكومة بمبلغ تريليون و800 مليار جنيه، بينما أكد صندوق النقد أن الرقم الحقيقي هو 2 تريليون و408 مليار جنيه.

هذه الفجوة في الأرقام تعكس حجم التخبط الذي عانت منه إدارة معيط، وغياب رؤية واضحة لاحتواء أزمة الديون المتفاقمة.

وعندما تم تقديم هذه الأرقام في البرلمان، اندلعت حالة من الفوضى، حيث نفى معيط صحة الأرقام التي أعلنها صندوق النقد

وطلب حذف كلمة النائب الذي كشف عن هذه الحقائق من مضبطة البرلمان، في محاولة يائسة لإخفاء الكارثة المالية التي خلقها بنفسه.

سياسات معيط .. ضرائب جديدة ومزيد من الديون

طوال فترة تولي محمد معيط وزارة المالية منذ عام 2018، كانت سياساته المالية تعتمد بشكل أساسي على زيادة الضرائب وتقليص الدعم، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي وزيادة معاناة الفقراء.

فعلى الرغم من الانتقادات الحادة التي واجهتها الموازنة، استمر معيط في تبني سياسات تقشفية رفعت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والكهرباء والوقود، مما أضاف أعباء إضافية على المواطنين.

وفي الوقت ذاته، شهدت مصر توسعاً كبيراً في الديون الداخلية، مما زاد من خدمة الدين الخارجي وأدى إلى تقليص المصروفات العامة المخصصة للتنمية والخدمات الاجتماعية.

وبالرغم من هذه الأزمات، استمر معيط في سياساته التي أغرقت مصر في الديون وأدت إلى تراجع كبير في مستويات المعيشة والقدرة الشرائية.

محمد معيط في صندوق النقد .. كيف يدير أزمة ديون العالم بعد إغراق مصر؟

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن كيف يمكن لشخص كان سببًا مباشرًا في غرق بلاده في ديون كارثية أن يكون قادرًا على حل مشكلات الديون في دول أخرى؟

تعيين محمد معيط في منصب دولي رفيع بعد سنوات من الفشل المالي في مصر يعتبر خطوة استفزازية للشعب المصري، الذي يعاني من تداعيات سياساته الاقتصادية.

ففي الوقت الذي يدعي فيه معيط أنه سيعمل على حل أزمات الديون للدول النامية، يظل سجله مليئاً بالإخفاقات والتناقضات التي لا يمكن إنكارها.

هذه الخطوة تفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات حول معايير التعيينات في المؤسسات المالية الدولية، وتثير الشكوك حول مدى جدوى هذه السياسات في تحسين أوضاع الدول النامية التي تعاني من أزمات مشابهة لتلك التي صنعها معيط في مصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى