تقاريرمصر

فشل مدوٍ: السكك الحديدية تُغرق مصر في أزمات مالية خانقة

يتواصل صخب الآلات الثقيلة والرافعات في صميم صحراء الصعيد وفي عرض البحر المتوسط والبحر الأحمر دون أي اهتمام بعواقب هذا التوجه المتهور الذي يضع البلاد في دوامة من الفشل والإفلاس.

الحكومة تسير بخطى متسارعة نحو تنفيذ مشروع السكك الحديدية الأضخم في تاريخ البلاد والذي يمتد على مسافة 2000 كيلومتر ويحتوي على 60 محطة ضخمة مشابهه لمحطة بشتيل التي تعكس فشل التخطيط والتنفيذ.

بينما تتفاخر الحكومة بإنجازات وهمية تتكشف الحقائق الكارثية حول هذا المشروع الذي يبتلع مليارات الجنيهات دون أي عائد يذكر.

مع تكاليف تشغيل يومية تصل إلى 170 ألف جنيه بينما الإيرادات لا تتجاوز 5000 جنيه في اليوم الواحد، يظهر جلياً أن هذا المشروع تحول إلى عبء ثقيل على كاهل البلاد.

فبدلاً من أن يكون مشروعا رائدا يسهم في تطوير شبكة النقل ويعزز الاقتصاد، أصبح ضحية للإهمال وسوء الإدارة، حيث لا تنجح المحاولات المستمرة في تحسين أوضاع السكك الحديدية المتدهورة.

تتجلى مأساة هذا المشروع في عدم وجود دراسة جدوى حقيقية تستند إلى أرقام دقيقة وتحليل شامل. بل إن المشاريع القديمة التي تم إنشاؤها على مدى 170 عامًا أصبحت تواجه نفس المصير المظلم حيث تتراجع إيراداتها أمام تكاليف التشغيل المتزايدة. لقد عانت شبكات السكك الحديدية من الإهمال وعدم الصيانة مما أدى إلى تدهور مستمر في الأداء العام.

هذا التوجه العشوائي لا يعدو كونه محاولة للظهور بمظهر الدولة المتقدمة في حين تتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

فبدلاً من معالجة المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد، تجد الحكومة نفسها محاصرة بأعباء جديدة نتيجة لهذه المشاريع الفاشلة التي تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية.

إن تفشي الفساد في إدارة المشروعات يعد من أبرز العوامل التي تسهم في هذا الفشل الذريع، حيث تسود المحسوبية والرشوة في تحديد أولويات الإنفاق.

مما يثير التساؤلات حول كيفية صرف أموال دافعي الضرائب في مشروعات لا تجلب أي فائدة. بل على العكس، تزيد من الأعباء المالية التي تفرض على كاهل المواطنين الذين يعانون بالفعل من تدهور الخدمات الأساسية.

مشروع السكك الحديدية، والذي كان من المفترض أن يسهم في تحسين شبكة النقل وتعزيز الاقتصاد، تحول إلى لغز محير حيث لا تعكس الأرقام أي جدوى اقتصادية واضحة.

ومع كل يوم يمر، تتكشف المزيد من الأبعاد الكارثية لهذا المشروع الذي يضع البلاد في حالة من عدم الاستقرار المالي. ويبدو أن الحكومة لا تملك أي رؤية واضحة للخروج من هذه الدوامة، بل تستمر في تكرار الأخطاء نفسها دون أي اعتبار للعواقب.

الأرقام تتحدث عن نفسها، حيث تبلغ تكاليف التشغيل اليومية 170 ألف جنيه والإيرادات 5000 جنيه فقط، مما يعني خسارة يومية فادحة تضاف إلى قائمة الخسائر المتزايدة.

في حين تستمر الحكومة في الترويج لهذا المشروع كإنجاز، فإن الواقع يكشف عن تفشي الفشل والإهمال الذي يهدد بقاء هذا المشروع.

إن هذا الفشل الإداري في إدارة المشاريع الكبرى يتطلب وقفة حاسمة وشفافة من قبل المعنيين. لا يمكن أن تستمر البلاد في تجاهل الحقائق المرة، ولا يمكن أن يبقى الشعب ضحية لسياسات عشوائية تفتقر إلى التخطيط الجيد والرؤية الواضحة.

لقد آن الأوان لإعادة النظر في هذه المشاريع الكبرى وتحديد أولويات واضحة تنطلق من احتياجات المواطنين الحقيقية وليس من أجندات سياسية أو مصالح شخصية.

يتعين على الجميع أن يدركوا أن الوقت قد حان لإنقاذ البلاد من هذا المأزق الخطير. لا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو بينما تسير الحكومة في مسار محفوف بالمخاطر،

حيث يكفي أن نلقي نظرة على الأرقام لنرى الفشل المروع. فبدلاً من أن تكون مشاريع السكك الحديدية رافداً للاقتصاد، أصبحت عبئاً إضافياً يعوق تقدم البلاد ويعمق من أزماتها.

ونؤكد أن الطريق نحو الإصلاح يحتاج إلى تغييرات جذرية في السياسات والإدارة، وينبغي على الحكومة أن تكون أكثر استجابة لنداءات المواطنين وأن تعيد تقييم هذه المشاريع بطريقة تعكس مصلحة الشعب أولاً وأخيراً.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى