تقاريرمصر

انفلات الأسعار يجتاح الأسواق والحكومة المصرية تتفرج والمواطن يدفع الثمن

في الوقت الذي تعاني فيه الأسر المصرية من انفجار الأسعار وارتفاع غير مسبوق في تكلفة المعيشة، يقف المواطن البسيط مكتوف الأيدي أمام هذا الانفلات الجنوني الذي يجتاح الأسواق بلا رحمة.

في غياب تام لأي رقابة فعالة، ترتفع أسعار السلع بشكل يصيب الجميع بالذهول. لم تقتصر موجة الغلاء هذه على السلع الفاخرة أو المستوردة بل امتدت إلى أبسط احتياجات الحياة اليومية، بدءًا من الخضار والفاكهة، وصولاً إلى المنتجات الأساسية التي يعتمد عليها كل بيت مصري.

ومع كل هذا الفوضى، لم نجد أي تدخل واضح من الأجهزة المعنية التي من المفترض أن تحمي المواطنين من استغلال التجار وجشعهم الذي بات لا يعرف حدودًا.

في الأسواق المصرية اليوم، تعيش البلاد واحدة من أسوأ موجات التضخم في تاريخها الحديث. أسعار الخضروات والفاكهة التي كانت يومًا ما متاحة للجميع أصبحت الآن ترفًا لا يقدر عليه الكثيرون.

الطماطم، الخيار، البطاطس، جميعها شهدت ارتفاعًا جنونيًا في أسعارها لدرجة أن المواطنين باتوا يعجزون عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.

لا يكاد يمر يوم دون أن يسمع المواطن المصري عن زيادات جديدة في أسعار السلع، ولا يجد من يطمئنه أو يخفف عنه هذا العبء الذي يزداد ثقلًا مع مرور الوقت.

في ظل هذه الظروف، تساؤلات عدة تطرح نفسها: أين أجهزة الرقابة؟ أين وزارة التموين والتجارة الداخلية؟ أين جهاز حماية المستهلك؟

الأرقام لا تكذب، والإحصائيات تتحدث عن نفسها. لقد ارتفعت أسعار بعض الخضروات بنسبة تجاوزت 50% في فترة قصيرة جدًا، في حين زادت أسعار الفاكهة بنسبة مشابهة، إن لم تكن أعلى.

وأصبح المواطن العادي عاجزًا عن توفير أبسط احتياجات أسرته. هذه الأرقام تعكس واقعًا مريرًا يُدمي القلوب، ويُظهر الفشل الذريع في التصدي لجشع التجار وغياب الرقابة الفعلية على الأسواق.

فبدلاً من التدخل السريع والعاجل للسيطرة على الوضع، يبدو أن هناك حالة من التخاذل غير المفهوم من جانب المسؤولين المعنيين الذين يكتفون بالوعود الجوفاء دون أن يترجموا هذه الوعود إلى أفعال ملموسة على الأرض.

إن الأزمة التي يعاني منها المواطن المصري اليوم ليست مجرد ارتفاع في الأسعار، بل هي انعكاس لفشل كامل في سياسات الرقابة والتدخل الحكومي.

غياب الرقابة جعل الأسواق مرتعًا للتجار الجشعين الذين يستغلون حاجة الناس لتحقيق أرباح خيالية على حساب معاناة المواطن البسيط.

كل يوم يزداد الفارق بين ما يجنيه المواطن من دخل وبين ما يتطلبه من مصاريف يومية لتلبية احتياجاته الأساسية، وكأن الحكومة قد قررت أن تتركه فريسة لهؤلاء التجار بلا أي حماية أو مساندة.

المشهد اليومي في الأسواق بات كابوسًا لكل مواطن، حيث يتنقل الناس بين المحلات في محاولات يائسة للعثور على سلع بأسعار معقولة، لكن دون جدوى.

كلما حاول المواطن التكيف مع الزيادات السابقة، يأتي ارتفاع جديد ليقضي على ما تبقى من قدرته الشرائية. وهذا لا يحدث فقط في السلع الفاخرة أو المستوردة بل حتى أبسط المواد الغذائية كالخضار والفاكهة.

لقد أصبح من المستحيل تقريبًا على العديد من الأسر المصرية توفير احتياجاتها الأساسية دون أن تضطر إلى تقليص نفقاتها بشكل كبير. كيف يمكن لأبٍ أن ينام مرتاحًا وهو لا يعلم كيف سيوفر لأبنائه وجبة الغد؟

في ظل هذه الكارثة الاقتصادية، يستمر المسؤولون في تجاهل حقيقة الأزمة. فبدلاً من التحرك الفوري والجاد لمعالجة هذه الأزمة، نرى تصريحات مبهمة ووعودًا غير محددة عن خطط مستقبلية لمواجهة الغلاء.

ولكن أين هذه الخطط؟ وما الذي يمنع تطبيقها الآن؟ هل ينتظر المسؤولون حتى يصل المواطن إلى نقطة اللاعودة، حيث لا يجد لقمة عيش تسد رمقه؟ ما يحدث في مصر اليوم ليس مجرد ارتفاع في الأسعار، بل هو انهيار كامل للنظام الذي من المفترض أن يحمي المواطن من هذا الاستغلال البشع.

لقد فشلت الجهات المعنية فشلاً ذريعًا في فرض رقابة صارمة على الأسواق. كان من المفترض أن يكون هناك إجراءات رادعة للتجار الذين يتلاعبون بالأسعار، لكن الواقع يقول إن هؤلاء التجار أصبحوا أكثر جرأةً في استغلال حاجات الناس.

في غياب العقوبات الصارمة، وفي ظل التواطؤ الضمني من بعض المسؤولين الذين يغضون الطرف عن هذه الممارسات، أصبح المواطن المصري هو الضحية الأولى والأخيرة لهذه الكارثة الاقتصادية.

إن استمرار الوضع الحالي يعني المزيد من المعاناة للمواطن المصري، الذي أصبح يعيش تحت وطأة أزمة اقتصادية غير مسبوقة. إذا لم تتحرك الجهات المعنية بشكل فوري لتطبيق قوانين صارمة وفعالة تردع هؤلاء التجار وتعيد النظام إلى الأسواق، فإن الأمور ستزداد سوءًا، وسيجد المواطن نفسه أمام مصير مجهول لا يعلم كيف يمكنه مواجهته.

المطلوب اليوم ليس مجرد وعود أو تصريحات إعلامية فارغة، بل تحرك فعلي وسريع من كل الأجهزة الحكومية المعنية للتصدي لهذه الأزمة.

يجب فرض رقابة صارمة على الأسواق، وتطبيق القانون بكل حزم على كل من يتلاعب بالأسعار أو يستغل حاجة الناس. هذا هو الحل الوحيد لإنقاذ المواطن المصري من هذا الجحيم الاقتصادي الذي لا يعرف الرحمة. لقد حان الوقت لتتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه الشعب، الذي لم يعد يحتمل المزيد من الأعباء.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى