تقارير

زمن السلبية وواقع الأزمات: الحكومة المصرية تتجاهل آلام الشعب وتفشل في تأمين القمح

تعيش مصر اليوم في زمن تسوده الأزمات المتعددة والمستفحلة حيث كانت تُعرف في عصور سابقة بأنها سلة غذاء العالم لتتحول اليوم إلى ساحة من الفقر والمعاناة الشديدة في ظل غياب حكومي صارخ وفيما تواصل الحكومة تراجعها عن مسؤولياتها التاريخية والشعبية

وتُشدد الخناق على الفلاح المصري الذي كان يومًا ما عماد الإنتاج الزراعي، مما ساهم في تدهور الوضع الغذائي في البلاد وكأنها عادت لزمن الجهل والفقر حيث يتغذى المواطن المصري على الأمل المفقود ويتجرع مرارة الحياة يوميًا.

حيث يعتبر القمح أحد العناصر الأساسية في النظام الغذائي المصري إلا أن الحكومة تُظهر تقاعسًا عجيبًا في التعامل مع هذه القضية الحيوية إذ تتجه نحو استيراد كميات كبيرة من القمح على الرغم من الإمكانيات الزراعية الهائلة التي تملكها،

إن هذه السياسة المتناقضة تعكس صورة مؤلمة عن الفشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء مما يثير تساؤلات عديدة حول مصير الفلاحين المصريين الذين يُعتبرون عماد الزراعة والاقتصاد.

لقد اعتاد المصريون على اعتبار الأرض هي مصدر قوتهم حيث كان الفلاح المصري على مر العصور هو من يقوم بزراعة الأرض والاعتناء بها لكن الحكومة لم تفعل شيئًا لتمكينهم من الاستمرار في هذا الدور بل ساهمت في تضييق الخناق عليهم بتشجيع الاستيراد الذي أضر بهم بشكل غير مسبوق،

بالإضافة إلى أن غياب السياسات الحكومية التي تركز على الزراعة المحلية وتعزيز الإنتاج أدى إلى تفشي الفقر وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

تاريخيًا كانت مصر تُعرف بقدرتها على تلبية احتياجات مواطنيها من المنتجات الزراعية، وخصوصًا القمح حيث كانت دلتا النيل تُعتبر سلة الخبز للدول المجاورة.

إلا أن الأحداث المتتالية على مدار العقود الماضية كشفت عن خلل كبير في نظام الإنتاج الزراعي حيث أصبح الاعتماد على الواردات هو السمة الغالبة الأمر الذي يُضعف من قدرة مصر على مواجهة الأزمات الغذائية.

رغم الوعود والتعهدات الحكومية التي تأتي في إطار برامج تنموية، لا يزال الأمل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ضئيلًا. إذ تشير الأرقام إلى أن مصر تستورد حوالي 80 في المئة من احتياجاتها من القمح مما يجعلها أكبر مستورد للقمح في العالم،

وفي ظل الصراعات السياسية والأمنية التي تشهدها بعض دول العالم، فإن هذه النسبة تُعد مؤشرا مقلقًا على عدم الاستقرار الغذائي الذي يُعاني منه المواطن المصري.

الحديث عن الاكتفاء الذاتي من الغذاء لا يقتصر فقط على النظر إلى الأرقام بل يجب أن يترافق مع سياسات عملية تدعم الفلاحين وتحفزهم على زيادة إنتاجهم، لكن ما يحدث هو العكس تمامًا

حيث يُظهر الفلاحون عدم الرغبة في زراعة أراضيهم بسبب تدهور الأوضاع وارتفاع تكلفة الإنتاج مقابل الأسعار المتدنية التي يتلقونها مقابل محاصيلهم مما يُظهر جليًا غياب الرؤية الحكومية الواضحة نحو دعم القطاع الزراعي.

لذلك فإن ما يحدث اليوم هو نتيجة حتمية لسياسات خاطئة امتدت لعقود عديدة فبدلًا من أن تكون الحكومة هي الراعية للفلاحين، أصبحت عائقًا أمامهم،

وقد أدى ذلك إلى تفشي ظاهرة البطالة والفقر بين صفوف الفلاحين الذين يعانون من الجفاف وعدم توفر الأسمدة والمياه اللازمة للزراعة مما يؤدي إلى تدهور الإنتاج وارتفاع الأسعار بشكل مستمر.

حقيقة الأمر أن هناك حالة من الإحباط العام في صفوف المواطنين الذين يرون أن الأوضاع الاقتصادية لا تتحسن بل تسير من سيئ إلى أسوأ.

إن هذا الواقع المرير يعكس غياب الأمل والثقة في الحكومة وقدرتها على تحقيق أي تغيير إيجابي بل يبعث على الخوف من المستقبل الذي يبدو مظلمًا ولا يحمل في طياته أي بارقة أمل خاصة في ظل الصعوبات التي يُعاني منها المصريون في الحصول على قوت يومهم.

ويُعد الفقر أحد أهم القضايا التي تواجه المجتمع المصري حيث تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر تجاوزت 30 في المئة من الشعب المصري.

إن هذه النسبة تعكس مدى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المصريون مما يُؤكد أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية المتبعة وتوجيه الجهود نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والمنتجات الزراعية.

عندما نستعرض تجارب الدول التي تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي نجد أن ذلك لم يكن ليحدث دون إرادة سياسية واضحة ودعم حكومي قوي للقطاع الزراعي. ولكن في مصر، يتضح جليًا أن الحكومة لا تملك تلك الإرادة، مما يجعل من الصعب تحقيق الأهداف المرجوة.

ومع استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه الزراعة المصرية، تظل الحكومة مُستمرّة في اتخاذ خطوات غير مُجدية حيث تُظهر عجزًا تامًا في وضع استراتيجيات فعالة للتصدي للأزمة.

ورغم كل النداءات من قبل الفلاحين والمزارعين، لا يبدو أن هناك أي تغيير ملموس على الأرض، مما يزيد من حالة الإحباط وعدم الثقة في المؤسسات الحكومية.

إن الوضع الحالي يبعث على القلق الشديد خصوصًا مع ارتفاع الأسعار الجنونية للسلع الأساسية مثل الخبز الذي يُعتبر عنصرا حيويًا في حياة المواطن المصري.

فمع استمرار ارتفاع الأسعار وعدم قدرة الفلاحين على تلبية احتياجات السوق، يبدو أن الحكومة تُغض الطرف عن الأزمة، مما يجعل من الصعب على المواطنين الاستمرار في الحصول على أبسط مقومات الحياة.

وفي ظل هذا الواقع المرير، يُعاني الشباب من فقدان الأمل حيث تشير التقارير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب مما يزيد من المخاوف من تفشي الجريمة والعنف في المجتمع.

إن هذه الأوضاع تُجبر الكثير من الشباب على البحث عن فرص عمل خارج البلاد، تاركين وراءهم أحلامهم وآمالهم في وطن لم يُقدم لهم أي فرصة.

إن أزمة القمح ليست مجرد أزمة غذائية بل هي أزمة حياة وموت، إذ إن توفير الخبز يعتبر من أبسط حقوق المواطن. ولكن بفضل السياسات الفاشلة، تجد الحكومة نفسها في دوامة من الفشل والفساد مما يضع مستقبل الأجيال القادمة في خطر حقيقي.

فالأمل الوحيد الذي يمكن أن يحمله المواطن المصري اليوم هو التغيير الجذري في السياسات الحكومية والتي يجب أن تركز على دعم الفلاحين وتعزيز إنتاج القمح المحلي.

إن هذا التغيير يجب أن يأتي من خلال استراتيجيات واضحة ومتكاملة تتبناها الحكومة، ولكن يبدو أن هذا الأمل بعيد المنال في ظل الوضع الراهن.

إن الفشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح هو بمثابة فشل كامل للمنظومة الحكومية التي لا تُعير اهتمامًا لمطالب الشعب.

فيجب على الحكومة أن تعيد تقييم سياستها تجاه القطاع الزراعي وأن تُعيد الفلاح المصري إلى مركز الصدارة في الإنتاج الزراعي، وعليها أن تدرك أن التغاضي عن هذه القضايا سيؤدي إلى تفاقم الأزمات بشكل لا يُمكن إصلاحه.

إن الأمل في التغيير يتلاشى يوما بعد يوم، ومصر اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الزراعية لتفادي كوارث مستقبلية.

فالأزمات لن تُحل بالكلمات أو الوعود بل بالعمل الجاد والفوري الذي يجب أن يلتزم به الجميع من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى