كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني عن مأساة تُخفيها أروقة السياسة والتوترات الإقليمية حيث تتكشف فصول قصة مؤلمة تتعلق باحتجاز 7 مدنيين مصريين من قبل قوات الدعم السريع السودانية منذ أكثر من 16 شهرا دون أن تُبدي القاهرة أي اهتمام يُذكر في استعادة هؤلاء الأسرى أو تأمين إطلاق سراحهم.
إن هذا الوضع ليس مجرد حادث عابر ولكنه يمثل نقطة تحول حادة في العلاقات بين مصر والسودان في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات معقدة وتأثيرات كبيرة على حياة الأفراد.
في السياق نفسه، جاء تصريح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي ليثير الجدل حيث اتهم مصر بالوقوف وراء الضربات الجوية التي استهدفت قواته بالقرب من الخرطوم من أجل دعم القوات المسلحة السودانية.
ورغم خطورة هذه الاتهامات، نفت القاهرة صحة تلك المزاعم بشكل قاطع، مما يعكس حالة من التوتر المتزايد بين الجانبين.
ومع ذلك، لم يكن لهذا التصريح أي تأثير على وضع المدنيين المحتجزين الذين يعيشون في ظروف قاسية وغير إنسانية، مما يطرح تساؤلات حول مصيرهم وحقوقهم.
بعد يومين من تلك التصريحات، أعلنت قوات الدعم السريع أنها تحتجز مجموعة من “المرتزقة” المصريين، ولكنها لم تكشف عن هوياتهم أو مواقع احتجازهم، مما يزيد من الغموض حول قضية هؤلاء المدنيين.
حسبما ذكرت عائلات المحتجزين ومسؤولون سودانيون، فإن هؤلاء المصريين يُحتجزون كرهائن في مكان سري وغير معلوم، مما يُشير إلى احتمال وجود عمليات سرية تُمارَس ضدهم قد تتراوح بين التعذيب النفسي والبدني.
المحتجزون هم من سكان قرية أبو شنب التابعة لمركز إبشواي بمحافظة الفيوم.
وتكشف الأسماء التي ذكرها الموقع عن معاناة إنسانية عميقة أحمد عزيز المصري عبد القادر (43 عاما) وعماد محمد معوض حسين (44 عاما) وماجد محمد معوض حسين (35 عاما) ومحمد شعبان علي محمد (42 عاما) وعبد القادر عجمي عبد العزيز (55 عاما) وعلي طه عبد الكريم أحمد وفرج علام.
هؤلاء هم أباء وإخوة وأزواج فقدوا حريتهم، في وقت كانت فيه عائلاتهم بحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى.
وبينما تُحاط قضيتهم بالصمت واللامبالاة، يطرح الوضع تساؤلات مُلحّة عن فشل الحكومة المصرية في التدخل أو اتخاذ إجراءات ملموسة للإفراج عن مواطنيها.
إن الحكومة المصرية مُطالَبة الآن بتحمل مسؤوليتها تجاه مواطنيها وضمان حقوقهم الإنسانية.
فهل يُعقل أن تبقى القاهرة في حالة من الفتور إزاء مأساة إنسانية بهذا الحجم؟ أليس من واجبها أن تُظهر اهتماما بموضوع هؤلاء المدنيين؟
ليس هذا هو الوضع الأول الذي يُظهر ضعف الاستجابة الحكومية المصرية للأزمات التي تمس المواطنين في الخارج، بل يُظهر أيضا تدهورا في قدرة الدولة على حماية مواطنيها في ظل التحديات السياسية المتزايدة في المنطقة.
في خضم هذا السيناريو المأساوي، تُجبر العائلات المتضررة على العيش في حالة من القلق والترقب.
تلك الأسر التي تعيش في ظل الخوف من الأخبار السيئة، والتي تشعر بالعجز إزاء موقفها في عالم لا يُبالي بمعاناتها.
فكيف يُمكن لعائلات هؤلاء الرجال أن تتقبل فكرة أنهم مُحتجزون كرهائن، وأن هناك احتمالية لعدم عودتهم أبداً؟
في الوقت الذي تحتدم فيه الصراعات السياسية، تبقى أرواح هؤلاء المدنيين عالقة بين طيات الفوضى.
إن الوضع يتطلب تدخلا دوليا لضمان الإفراج عنهم، إذ يجب على المنظمات الإنسانية والدولية أن تلعب دورها في الضغط على السلطات السودانية لضمان حقوق هؤلاء الأفراد.
الموقف الحالي يُعبر عن حقيقة مُرّة تعيشها الأسر المصرية، فهل سيتحرك المجتمع الدولي لإنهاء معاناتهم، أم ستظل هذه القضية مُهمَلة في طيات النسيان؟ إن هذا السؤال يبقى بلا إجابة، في وقت يتطلب فيه الموقف تحركاً عاجلاً وجاداً.
تجدر الإشارة إلى أن أوضاع الأسرى المحتجزين تحتاج إلى ضوءٍ يكشف عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، وعلي المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في مواجهة هذا الواقع المُعقد.
فما يحدث في السودان ليس مجرد أزمة سياسية بل هو مأساة إنسانية تحتاج إلى صرخة تضامن من كل شعوب العالم.
وتبقى القضية واضحة ولا تقبل التأويل، فمستقبل هؤلاء المدنيين يتوقف على مدى سرعة واستجابة الجهات المعنية لإنقاذهم من براثن الاحتلال والاحتجاز، ليكون صوتهم مسموعا في خضم الضجيج السياسي، وليستعيدوا حريتهم التي انتُزعت منهم دون ذنب اقترفوه.