يبدو أن الحكومة المصرية تعيش في عالم موازٍ حيث النجاح يتجسد فقط في البيانات الرسمية بينما الواقع يتخبط في الأزمات والتحديات اليومية يصرح رئيس الحكومة مصطفى مدبولي بفخر زائف عن انخفاض معدل البطالة في ظل زيادة هائلة للسكان تعدت خمسة وعشرين مليون نسمة متجاهلا الأبعاد الحقيقية لهذه الأرقام.
هذا التصريح يأتي في إطار ما يسميه مدبولي مسيرة الإصلاح الاقتصادي المزعومة والتي تتناقض تماما مع واقع المواطن المصري الذي يعاني من غلاء الأسعار وعدم توفر الخدمات الأساسية حيث تظل البطالة واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه المجتمع بل إنها تزداد تعقيدا مع كل يوم يمر في ظل سياسة حكومية غير واضحة المعالم.
أما بشأن أزمة الدواء فمدبولي يتحدث عن تجاوز الأزمة بنسبة خمسة وتسعين بالمئة ويزعم أنه لا توجد شكاوى من المواطنين ولكن على الأرض الواقع مغاير تماما فالمواطنون يتسابقون يوميا للحصول على الأدوية المفقودة في الصيدليات حيث تتزايد الشكاوى من نقص الأدوية الضرورية بشكل يثير القلق.
من جهة أخرى يواصل مدبولي الإدلاء بتصريحات عن الديون ويقول إن حركة النقد الأجنبي تسير بانتظام ولكن في الحقيقة تعاني البلاد من أزمات خانقة تزيد من أعباء المواطنين حيث أن المواطنين لا يرون أي أثر لهذه التصريحات على حياتهم اليومية بل العكس هو ما يحدث حيث تتزايد الأعباء المالية بشكل غير مسبوق.
خلال حديثه تحدث رئيس الحكومة عن عدم تأخر البلاد في سداد الديون حتى في أصعب الظروف الاقتصادية ولكن ما يغفله هو أن هذا السداد يأتي على حساب التنمية الحقيقية والرفاهية للمواطنين حيث تزداد تكلفة المعيشة بشكل يعصف بمستوى المعيشة ويدفع المزيد من المواطنين إلى حافة الفقر.
في سياق الحديث عن سعر الصرف يشدد مدبولي على أن الحكومة لن تعيد تجربة تعويم الجنيه مرة أخرى ولكن السؤال الأهم هو ماذا عن المستهلك المصري الذي يعاني من آثار التعويم السابق والتي زادت من الأعباء المالية عليه حيث يتعين على الحكومة أن تكون أكثر شفافية فيما يتعلق بسياساتها المالية والنقدية.
التصريحات الحكومية قد تبدو واعدة على السطح لكنها لا تعكس الواقع المرير الذي يعيشه المصريون حيث أن الاقتصاد الحقيقي يعاني من أزمات متعددة تعكسها الأسواق وأسعار السلع الأساسية في الأسواق التي تشهد فوضى عارمة فالحكومة تحتاج إلى استراتيجية شاملة للخروج من هذا النفق المظلم.
هناك شعور متزايد بالإحباط من المواطنين تجاه الحكومة وعدم الثقة في تصريحات المسؤولين التي لا تعكس حقيقة الواقع فالشعب المصري يحتاج إلى حلول فعلية وليس مجرد بيانات رسمية تخفي ورائها الأزمات المتزايدة التي تشتعل يوما بعد يوم مما يزيد من الهوة بين الحكومة والشعب.
ولا يمكن تجاهل أن هناك أزمات متراكمة تتطلب عملاً جاداً وفعالاً من الحكومة للخروج منها ولكن يبدو أن ما تقدمه الحكومة لا يعدو كونه مجرد تصريحات تفتقر إلى البعد العملي حيث أن التصريحات لا تكفي بينما يحتاج المواطنون إلى رؤية ملموسة لحياتهم اليومية.
إن المواطن المصري يحتاج إلى أمل حقيقي وإلى خطوات عملية تؤدي إلى تحسين أوضاعهم المعيشية بدلاً من الوعود الفارغة حيث أن الانتقادات المتزايدة تجاه الحكومة تعكس تراجع الثقة في قدرتها على إدارة الأمور في البلاد مما يوجب على الحكومة التحرك بشكل عاجل وحقيقي للتصدي للأزمات المستفحلة.