في ظل الأزمات المتلاحقة التي تضرب قطاع الطيران في البلاد يتضح جليًا أن الحكومة غير قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة فرغم الجهود المعلنة لطرح عدد من المطارات المصرية للقطاع الخاص تبقى النوايا مجرد شعارات تفتقر إلى التنفيذ الفعلي.
المرحلة الأولى من البرنامج المزعوم تركز على مطارات معينة مثل القاهرة وسفنكس والعلمين وشرم الشيخ والغردقة لكن الأمر يبدو كحلم بعيد المنال.
تسعى الحكومة لتصحيح مسار السياحة الوافدة من خلال خطة طموحة لجذب 30 مليون سائح بحلول عام 2028 ومضاعفة الطاقة الفندقية إلى ما بين 450 و500 ألف غرفة بحلول عام 2030 ولكن من الواضح أن العوائق أمام هذا الهدف عديدة ولا حصر لها.
الهدف من الطرح المزعوم هو إدارة وتشغيل المطارات بدلاً من طرح الأصول لكن يتطلب ذلك وجود شركات ذات خبرة تسهم في التسويق والترويج وهو ما نفتقر إليه بشدة.
الحديث عن شراكة مع شركات دولية متخصصة يبدو محط استغراب حيث تشير مصادر إلى أنه في 16 أكتوبر أبدت شركة يونانية رغبتها في التعاون مع الحكومة في مجال الطيران ولكن هل ستحقق هذه الشراكة شيئًا ملموسًا؟ يتساءل الجميع عن قدرة الحكومة على جذب هذه الشركات في ظل الظروف الحالية.
تأمل الحكومة في طرح مزيد من المطارات أمام القطاع الخاص في المستقبل القريب حيث تشمل هذه الخطط مطاري الأقصر وأسوان اللذين يُعتبران جوهرتين سياحيتين لكن هل ستتحقق هذه الآمال في ظل غياب استراتيجيات فعلية؟
تشير التوقعات إلى أن مطار أسوان قد يصبح محورًا رئيسيًا لحركة الطيران من وإلى دول إفريقيا ولكن هذا يعتمد على توافر خطط عمل واضحة.
الجميع يعرف أن أكثر من 95% من حركة السياحة تعتمد على الطيران ولذا فإن نمو الرحلات الجوية يجب أن يكون أولوية قصوى.
إن فشل الحكومة في تحقيق ذلك ينعكس سلبًا على كل من قطاع السياحة وشحن البضائع حيث تقل الصادرات الحالية من المنتجات الزراعية عن 500 ألف طن سنويًا. إذا لم يتم تفعيل الخطط بشكل عاجل ستستمر معاناة الاقتصاد المصري.
بالنظر إلى وضع المطارات في البلاد نجد أن مصر تمتلك 23 مطارًا بالإضافة إلى مطار القاهرة الرئيسي الذي يعتبر الأهم في المنطقة.
تستهدف الحكومة زيادة عدد الركاب إلى 72.2 مليون سنويًا بحلول نهاية العام المقبل لكنها لم توضح كيفية تحقيق هذا الهدف. حتى الآن لا يزال الوضع متعثرًا حيث يتعين على الحكومة وضع خطط مدروسة وقابلة للتنفيذ.
مع التطلعات نحو استراتيجية زيادة التدفقات السياحية يجب أن تُبذل جهود حقيقية لتحفيز شركات السياحة العالمية لكن كيف يمكن تحقيق ذلك في غياب نظم إدارة مطارات فعالة وقابلة للتسويق؟ هذه الأسئلة تطرح نفسها بشدة في ظل حالة الفوضى التي يعاني منها القطاع.
تظهر الوقائع أن الخطط الحكومية تفتقر إلى الواقعية والتنفيذ الجاد ورغم كل الجهود المعلنة لا تزال التحديات كبيرة. السعي لجذب شركات عالمية لإدارة المطارات يحتاج إلى استثمارات هائلة وتغيير شامل في طريقة إدارة العمل لكن الحكومة يبدو أنها تتجه نحو مزيد من الإخفاقات.
الواقع أن المطارات المصرية تحتاج إلى ثورة في الأداء والتسويق لتكون قادرة على المنافسة على الساحة الدولية في ظل هذه الظروف الصعبة.
التحديات الاقتصادية والسياسية تجعل من الضروري اعتماد خطط أكثر جذرية وكفاءة لضمان تحقيق الأهداف المعلنة.
إذا استمرت الأمور على هذا النحو فإن خطط الحكومة ستكون مجرد حبر على ورق مما يؤدي إلى تفويت فرص ذهبية قد تُنقذ الاقتصاد من الانهيار.
المجتمع الدولي ينظر إلى مصر كوجهة سياحية واعدة لكن هذه النظرة تتعرض للاهتزاز في ظل غياب استراتيجيات فعالة للتسويق.
لا تزال الحكومة مُصممة على الترويج لمشاريعها بينما تتجاهل الفشل الواضح في التنفيذ. كيف يمكن لخطط طموحة أن تنجح في ظل الإهمال وسوء الإدارة؟ هذه التساؤلات تبقى بلا إجابة بينما يعاني المواطنون من تداعيات هذه السياسات الفاشلة.
إن الوقت قد حان لتوجيه الأنظار نحو الاستراتيجيات الفعلية التي تحقق النتائج المرجوة بدلاً من استنزاف المزيد من الموارد في مشاريع غير مجدية. المطلوب هو التركيز على الحلول القابلة للتنفيذ وليس مجرد الشعارات والوعود الزائفة التي لم يعد يصدقها أحد.