مقالات ورأى

عبدالجبار سلمان يكتب: اليمن.. دولة غير آمنة بين سيطرة المليشيات والانفصاليين وضعف الحكومة الشرعية

اليمن، منذ اندلاع الحرب في عام 2015، يعيش حالة من عدم الاستقرار والفوضى، وتفاقم الوضع مع بروز عدد من القوى المسلحة التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد.

وجود مليشيا الحوثي، الجماعات المسلحة الأخرى، والانفصاليين في الجنوب، بالإضافة إلى ضعف الحكومة الشرعية، أسهم في جعل اليمن بلداً غير آمن وغير مستقر.

تعد مليشيا الحوثي من أبرز الأطراف الفاعلة في النزاع اليمني. ظهرت كحركة تمردية في شمال اليمن خلال العقدين الماضيين، واستطاعت السيطرة على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.

منذ ذلك الحين، تفرض هذه الجماعة سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد، بما في ذلك معظم المناطق الشمالية والغربية.

الحوثيون يُعرفون بتلقيهم دعماً عسكرياً وسياسياً من إيران، مما أضفى على الصراع اليمني بُعداً إقليمياً.

تسببت سياساتهم في تصاعد الأزمة الإنسانية، حيث تُتهم هذه الجماعة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القمع والاعتقالات التعسفية للصحفيين والناشطين والمعارضين لسياستهم، واستهداف المدنيين.

كذلك، قاد الحوثيون هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه السعودية، مما زاد من التوترات الإقليمية.

وجود الحوثيين في السلطة في أجزاء كبيرة من البلاد يعني غياب القانون والنظام في تلك المناطق، حيث يسيطرون على المؤسسات الحكومية وينفذون قوانينهم الخاصة.

كما أن استهدافهم للمناطق المدنية واستخدامهم للألغام الأرضية يزيد من المخاطر التي تواجه السكان المدنيين. إلى جانب الحوثيين، هناك العديد من الجماعات المسلحة التي ظهرت خلال الحرب.

هذه الجماعات غالباً ما تكون مرتبطة بجهات خارجية، سواء كان ذلك دعماً من دول إقليمية أو أطراف داخلية. بعض هذه الجماعات تمولها وتسلحها جهات خارجية كجزء من سعيها لزيادة نفوذها في اليمن.

المليشيات المتناحرة أضافت المزيد من التعقيد للمشهد الأمني، حيث أن كل جماعة تسعى لفرض سيطرتها على أراضٍ وموارد محلية، مما يؤدي إلى اشتباكات متكررة وأعمال عنف.

هذه الجماعات لا تخضع لأي سلطة مركزية، وتعمل بشكل مستقل، مما يعني أن المناطق التي تسيطر عليها تعاني من حالة من الفوضى وغياب الاستقرار.

من جهة أخرى، يعمق “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وهو فصيل انفصالي مدعوم من الإمارات، الفجوة في اليمن.

يسيطر المجلس على مناطق واسعة في جنوب اليمن، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن، ويسعى إلى استعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة قبل الوحدة اليمنية في عام 1990.

يعتبر وجود المجلس الانتقالي تحديًا خطيرًا للحكومة الشرعية، حيث رفضت الجماعة الاعتراف بشرعية حكومة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، والمجلس الرئاسي حالياً، وتسعى لتحقيق أهدافها الانفصالية.

هذا الانقسام بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي أدى إلى اشتباكات متكررة في الجنوب، مما جعل تلك المناطق غير آمنة ومضطربة.

الحكومة الشرعية اليمنية، رغم الاعتراف الدولي بها، تُعتبر ضعيفة وغير قادرة على فرض سيطرتها على الأراضي اليمنية.

حتى في المناطق التي تعتبر “محررة” من سيطرة الحوثيين، تعاني الحكومة من ضعف شديد في الحوكمة وغياب الأمن.

هذا الضعف يعزى إلى اعتماد الحكومة بشكل كبير على الدعم الخارجي، خصوصاً من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وكذلك بسبب الانقسامات الداخلية بين الفصائل الموالية للحكومة.

علاوة على ذلك، الفساد المستشري داخل الحكومة والمؤسسات التابعة لها يعيق أي جهود لإعادة بناء البلاد وتحقيق الاستقرار.

الشعب اليمني يعاني من غياب الخدمات الأساسية، وتفشي الفقر والبطالة، بالإضافة إلى انتشار الأمراض والمجاعات.

ختاماً إن اليمن اليوم هو ساحة لصراع متعدد الأطراف، حيث تتنافس مليشيا الحوثي، الجماعات المسلحة، الانفصاليون، والحكومة الشرعية الضعيفة على السيطرة والنفوذ.

هذا التعدد في القوى المتنازعة يجعل اليمن بلداً غير آمن، حيث يعيش السكان تحت تهديد مستمر من العنف والفوضى.

فشل الأطراف المتصارعة في التوصل إلى حل سياسي شامل زاد من تعقيد الأزمة، وأدى إلى استمرار معاناة الشعب اليمني.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى