قد يكون هذا العنوان مستفزا بعض الشيء للبعض، وقد يكون حافزا للبعض الآخر، والحقيقة التي لا يريدونكم معرفتها والوصول لها هي أن دون الحرية لايمكن أن تتقدموا قيد أنملة كما يقال.
الحرية أمر عظيم لا يمكن التقدم من دونها خطوة واحدة للأمام، ومن دون الحرية لن تكونوا في المقدمة في أي مجال، قد يقول قائل: بأن هناك في بعض اللحظات أو المواقف تاريخيًّا خطا البعض بها خطوة للأمام دون أن يمتلكوا الحرية، وهذا قد يكون صحيحًا، ولكن الواضح بأنها خطوة مؤقتة أو خطوة لم تترسخ؛ لذلك تراجعت للوراء.
لماذا الحرية ضمان لأي نجاح؟
أولاً: إن نظرنا للمجتمعات الحرة سنجد أن من يتصدر مشهدها هم أصحاب الكفاءة، ومن لديهم مشروع يطرحونه على مجتمعهم وينتخبهم مجتمعهم بكل حرية لتحقيق ذلك المشروع الذي وعدوهم به، وإن فشل به حاسبوه وعاقبوه بعدم انتخابه مرة أخرى؛ لذلك وضعت المجتمعات الحرة فكرة تولي المنصب لفترتين فقط، ومن ثم لا يحق له تولي المنصب مرة أخرى إلا بعد مرور دورة انتخابية.
ثانيًا: تجديد الدماء في المجتمعات الحرة معناه تجديد مشاريع مستقبلية تنفع المجتمع وتواكب تطلعاته.
ثالثًا: في المجتمعات الحرة لا يمكن لأي تافه أن يتبوأ منصبًا تنتخبه الأمة مستحيل، ولا يمكن لحزبه أن يرشحه أصلا، لو أنا لدي حزب مستحيل أرشح شخصًا اُتهم مجرد اتهام بتعاطيه المخدرات، أو إنسانا عنصريا أو عليه شكوك باختلاسات مالية أو صاحب سوابق إجرامية، لذلك الحرية تنظف نفسها بنفسها، مثل الديمقراطية التي تصحح نفسها بنفسها.
رابعا: الإبداع والابتكار والتجديد لا يأتي إلا في أجواء الحرية؛ لذلك نجد المجتمعات الحرة تنتج آلاف الابتكارات الجديدة بينما المجتمعات غير الحرة تقتل الإبداع والابتكار؛ لذلك لو نرجع لمؤشر الابتكار العالمي من حيث الابتكارات الجديدة نجد المجتمعات الحرة تتصدر القائمة، وإن كان هناك أي اختراق لهذه القائمة مثل الصين نجدها قد اعتمدت مبدأ الحرية في كل مجال ما عدا المجال السياسي، وهذا يعطي هامشًا كبيرًا لمناورة الابتكار والتطوير والتجديد، والسؤال هنا هل سُجِّل أي ابتكار في المجتمع الأفغاني مثلا لعام 2023 أو أي دولة من دولنا التي فيها هامش الحرية دون الصفر؟
خامسا: وإن كان سرد أهمية الحرية لتحقيق تقدم وانتصار طويل إلا أن حقيقة الهزيمة تنبع من عدم وجود حرية؛ لذلك كل حروب العرب مع أعدائها سواء تاريخيًّا أو حاليًّا جميعها اتسمت بالهزائم رغم كل الإمكانات وإن تحققت انتصارات إلا أنها في النهاية انهارت وتراجعت وانكفأت على ذاتها وتحولت لهزائم؛ وذلك راجع لسبب واحد وبسيط وهو عدم وجود حرية، الحرية التي تمنع تبوؤ التافهين للمشهد لذلك قناعتي تقول دون حرية قد تكسب معركة ولكن حتما لن تكسب حربًا لذلك لن تُحرر فلسطين دون حرية ليس تثبيطًا لعزيمة بقدر ما علينا أن نتلمس طريق الحرية لنصل للانتصار .
قرونًا ونحن نجرب العنتريات في المعارك واستدعاءات البطولات التاريخية التي لا نعلم حقيقة ما إذ كانت صحيحة أم لا، والنتيجة نشاهدها في واقعنا اليوم هزيمة تلو أخرى، و جربنا كل شيء ولكننا لم نجرب أن نقود حربًا بالحرية، وذلك مع الأسف نتيجة طبيعية لسبب بسيط جدًّا ألا وهو أن عقل المنطقة لا زال عالقًا في زمانات عنتر بن شداد.
فاجمـعْ مَفاخِــرَكَ القديمــةَ كلَّهـا
واجعـلْ لهـا مِن قـــاعِ صدرِكَ مقبـرة