تعيش مصر أزمة غذائية متفاقمة تتطلب وقفة حقيقية من الحكومة إن لم يكن الأمر يعد كارثة فالأرقام تتحدث بوضوح ففي ظل غياب الرقابة يتجه المواطنون نحو معاناة متزايدة في الحصول على السلع الأساسية وسط ارتفاع الأسعار الذي لا يمكن احتماله وتتوالى الأزمات في مشهد مؤلم يعكس عدم كفاءة الحكومة في التعامل مع هذه الأزمات المعيشية
في هذا الإطار تواصل الحكومة محاولاتها لإخفاء الواقع المرير من خلال إطلاق مبادرات تحمل في طياتها وعوداً لا تتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للمواطنين فبدلاً من التركيز على تحسين جودة السلع والأسعار المناسبة نجد وزراء يطلقون تصريحات لا تعبر عن الواقع المؤلم
حيث أكد المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة أن القطاع بالتعاون مع الصندوق المركزي لتنمية الثروة الحيوانية طرح كميات من بيض المائدة بسعر 150 جنيهاً للطبق في محافظة الإسكندرية مما يبدو كحل سطحي للأزمة بينما تسير الأسعار في اتجاه آخر بعيداً عن الجهود الحكومية التي تفتقر إلى الجدوى
إضافة إلى ذلك أطلقت وزارة الزراعة مؤخراً 14 منفذاً متحركاً لبيع المنتجات الغذائية بأسعار مخفضة في محاولة لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين
لكن العديد من الخبراء يرون أن هذه المبادرات تفتقر إلى الفاعلية الحقيقية في معالجة الأزمة التي يعاني منها المواطنون وفي ظل استمرار الغلاء وارتفاع الأسعار يبرز التساؤل الأهم هل تكفي هذه الخطوات لمواجهة الواقع المأساوي الذي يعاني منه الشعب المصري
الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية انتقد مبادرة بيع كرتونة البيض بسعر 150 جنيها حيث أكد أن التكلفة الفعلية لطبق البيض في المزرعة تصل إلى 90 جنيهاً وأن السعر العادل للمستهلك لا يجب أن يتجاوز 120 جنيهاً
ومع ذلك نجد الحكومة تطرح أسعاراً مرتفعة تبين بوضوح حجم الفجوة بين واقع الأسعار والتكاليف الفعلية مما يجعل المواطنين ضحية للسياسات الغير مدروسة التي لا تعكس تطلعاتهم الحقيقية
وفي الوقت الذي تعاني فيه الأسر المصرية من ضغوط اقتصادية متزايدة يتعين على الحكومة اتخاذ إجراءات أكثر جدية لحل الأزمات الغذائية بدلاً من الاكتفاء بإصدار التصريحات وطرح الحلول المؤقتة التي لا تفيد في النهاية
فالأرقام تشير إلى انخفاض أسعار كرتونة البيض اليوم بمقدار جنيه واحد و4 قروش حيث بلغ سعر كرتونة البيض البلدي 177.12 جنيهاً بينما بلغ متوسط سعر الكرتونة 176.14 جنيهاً في وقت يحتاج فيه المواطن إلى حلول جذرية للتخفيف من وطأة الغلاء
عندما نتحدث عن ارتفاع أسعار البيض والدواجن يجب أن ندرك أن هذه الأسعار ليست مجرد أرقام بل تمثل جزءاً من معاناة يومية يعيشها المواطن فزيادة أسعار الكتكوت إلى 43 جنيهاً وارتفاع أسعار أسطوانات البوتاجاز إلى 300 جنيهاً يشيران إلى أزمة حقيقية ستؤدي حتماً إلى زيادة أسعار اللحوم البيضاء وهو ما يعد ضربة قاصمة للأسرة المصرية التي تعاني من تآكل دخلها
في النهاية لا بد من تسليط الضوء على أن جميع هذه الجهود الحكومية تظل دون جدوى إذا لم يكن هناك إرادة حقيقية لمعالجة الأزمات الاقتصادية بشكل جذري وتقديم حلول مستدامة تتماشى مع احتياجات المواطنين
فعندما تتحول الأزمات الغذائية إلى واقع يومي يؤرق الأسر يجب أن نتساءل أين هي خطط الحكومة لتحقيق الاستقرار والأسعار المنطقية التي تضمن حياة كريمة للمواطن المصري
في ظل هذه الظروف الصعبة يجب على الحكومة أن تعيد تقييم استراتيجياتها وتوجيه الجهود بشكل أكثر فعالية لمواجهة تحديات الغذاء التي تمس حياة المواطنين اليومية
فالأرقام تنبئ عن مأساة حقيقية والواقع يفرض على الحكومة اتخاذ خطوات حاسمة لتفادي الانزلاق إلى أزمة أشد قسوة قد تؤثر على استقرار المجتمع المصري في السنوات المقبلة