تقارير

الحكومة المصرية تهمل خريجي الكليات: مستقبل مظلم يهدد الشباب

في خضم التغييرات التي تشهدها مصر تتجلى مأساة حقيقية في مسار التعليم العالي واستجابة الحكومة لمتطلبات سوق العمل المتزايدة حيث يستمر تلاشي الأمل بالنسبة للخريجين فبينما تسعى الحكومة لتحسين الواقع إلا أن الفجوة تتسع بين طموحات الشباب ومتطلبات السوق

فور صدور نتائج الثانوية العامة يتفاجأ الطلاب وأولياء الأمور بحيرة شديدة أمام خيارات الكليات المتاحة ففي وقتٍ يتلاشى فيه مفهوم كليات القمة تحاصرهم مشكلات واقع العمل المعقد حيث أصبحت الكليات التقليدية ذات الفروع النظرية تواجه انتقادات لاذعة من قبل المجتمع

من جهة أخرى أظهرت السنوات الأخيرة تحولاً جذرياً في نظرة المجتمع إلى خريجي الكليات والمعاهد الفنية حيث كان يُنظر إلى هؤلاء باعتبارهم الفاشلين لكن مع تضخم سوق العمل أصبحت هذه التخصصات أمل الخريجين الحقيقيين

لا بد من تسليط الضوء على قصص النجاح لأبناء المعاهد الفنية حيث يمثل هؤلاء فئة تسعى جاهدة لمواجهة تحديات سوق العمل بينما يتعرض خريجو الكليات النظرية لانتقادات حادة تزداد يوماً بعد يوم

إلى جانب ذلك يبقى الدكتور محمود عبدالباسط أستاذ الصحافة والإعلام يؤكد أهمية تغيير نظرة المجتمع نحو التعليم الفني مشيراً إلى أن ذلك يعتمد على خلق فرص عمل حقيقية للخريجين وفتح المجال أمامهم للاندماج في سوق العمل

وتظهر التحديات المتمثلة في عدم توفر معلومات دقيقة عن فرص العمل لخريجي الكليات الفنية وكيفية الإقبال على تلك المعاهد حيث تبقى ثقافة “كليات القمة” حاضرة بقوة لدى كثير من الأسر المصرية ما يعقد الأمور أكثر

كما يحذر العادلي من أن الإعلام يجب أن يسلط الضوء على نماذج النجاح بدلاً من استمرارية نشر الأوهام حول كليات القمة موضحاً أن نجاح خريجي المعاهد الفنية يتطلب دعاية فعلية وواقعية تتجاوز مجرد الشهادات التعليمية

وبالحديث عن المهارات المطلوبة يتناول الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي أهمية المهارات الرقمية والتكنولوجية موضحًا أن هذه المهارات باتت من أهم العوامل التي تحدد فرص العمل في السوق الحالي

ويضيف أن المهارات التحليلية والإبداعية تعتبر من العوامل الأساسية التي يجب أن يمتلكها الخريجون حيث لا يقتصر الأمر على الحصول على الشهادات بل يتطلب أيضاً تطوير المهارات اللازمة لدخول سوق العمل بنجاح

وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الخريجين يتجه الاقتصاد المصري نحو التقلبات الاقتصادية التي تؤثر سلبًا على طلب السوق للوظائف المتاحة مما يضع الحكومة أمام تحديات جسيمة تستدعي ضرورة إعادة تقييم سياساتها التعليمية

ومع تلك الأزمات تواصل الحكومة التأكيد على أهمية التعليم الفني والتقني كجزء أساسي من خطط التنمية المستدامة حيث تعمل على توفير برامج تعليمية تتوافق مع احتياجات السوق لكن الواقع يشي بأمور أخرى

وعلى الرغم من محاولات الحكومة لتطوير التعليم الفني إلا أن الجهود تبدو غير كافية في ظل زيادة أعداد الخريجين الذين لا يجدون فرصاً تناسبهم مما يؤدي إلى تفشي البطالة بين الشباب الخريجين

والأدهى من ذلك أن الطلاب يتعرضون لضغوط اجتماعية ونفسية تجعلهم يتحملون عبء الاختيار الخاطئ لكليات غير متوافقة مع احتياجاتهم وقدراتهم في الوقت الذي يتجاهل فيه الكثير من أولياء الأمور طبيعة سوق العمل

وتشير الدكتورة وسام منير استشارية العلاقات الأسرية إلى أن كليات القمة أصبحت تمثل أكذوبة مدمرة في حياة الطلاب حيث تروج الأسر لثقافة معينة تحتم على أبنائهم الانضمام إلى تلك الكليات بغض النظر عن ميولهم

وتؤكد منير على أهمية تغيير تلك الثقافة وتوعية أولياء الأمور بضرورة دعم خيارات أبنائهم بدلاً من إجبارهم على مسارات قد تؤدي بهم إلى الفشل أو الاستسلام للأمر الواقع

في إطار تلك الظروف الصعبة نجد أن الحكومة بحاجة ماسة لتبني استراتيجيات فاعلة لتحسين واقع التعليم العالي حيث يتطلب الأمر جهوداً متكاملة تضم القطاع الخاص لخلق بيئة تعليمية متطورة تعزز من قدرات الشباب

ومع ذلك تبقى الفجوة شاسعة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل حيث لا تزال أغلب الكليات تنتج أعداداً كبيرة من الخريجين دون وجود تخطيط سليم يضمن دمجهم بشكل فعال في الحياة العملية

في النهاية تتجه الأنظار نحو دور الإعلام الذي يلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي المجتمعي حول التعليم الفني وأهمية المهارات المطلوبة حيث يجب أن يكون هناك تحرك حقيقي لتغيير الصورة النمطية

إنّ مستقبل خريجي الكليات والمعاهد الفنية يظل معلقاً بين جهود الحكومة والإعلام والأسرة لتحقيق النجاح المنشود ويظل النداء موجهًا للمسؤولين لتفعيل الخطط المتكاملة وضمان تحقيق نتائج إيجابية للشباب

في خضم تلك الأزمات يتوجب على الجميع العمل كفريق واحد لتغيير واقع التعليم العالي في مصر وضمان مستقبل أفضل للخريجين في عالم متغير يحتاج إلى مهارات جديدة وقدرات استثنائية

وفي ظل كل هذه التحديات يبقى الأمل معقوداً على الشباب المصري الذين يسعون للتغلب على الصعوبات حيث يحتاجون للدعم والتوجيه اللازم لتحقيق النجاح والتميز في مستقبلهم المهني

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى