تسعى الحكومة المصرية لتخفيض الدعم المخصص للمواطنين في وقت يعاني فيه المواطنون من أزمات اقتصادية طاحنة فتسعى الحكومة دائماً لتقليص المخصصات الاجتماعية بما فيها الدعم السلعي وذلك على حساب الفئات الأكثر احتياجاً.
تستهدف الحكومة بقراراتها تلك الفقراء الذين يعتمدون على الدعم في تأمين احتياجاتهم الأساسية فالأرقام المتداولة عن الدعم تبدو مثيرة للجدل وتفتقر إلى المصداقية حيث تسوق الحكومة دائمًا أن الدعم عبء كبير على ميزانية الدولة.
يتم استخدام هذا العبء كذريعة لتقليص الدعم المستمر في ظل الواقع المأساوي الذي يعاني منه المواطن فالأرقام المجردة التي تطرحها الحكومة لا تعكس الحالة الاقتصادية الحقيقية للمواطنين ولا تأخذ بعين الاعتبار تأثير التضخم الذي تفاقم بشكل ملحوظ.
تعاني مصر من تراجع حاد في قيمة الجنيه وارتفاع الأسعار الذي أثر على حياة المواطنين إذ ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق وهو ما يفرض ضغوطًا هائلة على الأسر ذات الدخل المحدود.
عند النظر إلى مخصصات الدعم نجد أن الحكومة تتجاهل العديد من العوامل الاقتصادية المهمة حيث يتم تقديم الأرقام بشكل تجريدي دون تقديم أي تحليل دقيق لما تعنيه تلك الأرقام بالنسبة لحياة الناس.
في كل عام تتجاهل بعض وسائل الإعلام المحورية في مصر واقع التضخم وتراجع سعر الصرف فتروج لفكرة أن الدعم المقدم هو رقم غير مسبوق وهو أمر بعيد عن الحقيقة ويتجاهل المعاناة اليومية التي يعيشها المصريون.
يتزايد حجم الفوائد وأقساط الديون بشكل يدعو للقلق حيث تمثل خدمة الدين نسبة عالية من إجمالي مصروفات الموازنة مما يعني أن الدعم سيكون في مرمى النيران ويجب على الحكومة اتخاذ قرارات جريئة بدلاً من استهداف الفقراء.
تظهر الإحصاءات أن إجمالي سداد القروض في الموازنة الحالية بلغ 1.6 تريليون جنيه بينما بلغ إجمالي الفوائد 1.83 تريليون جنيه مما يخلق أزمة حقيقية على صعيد المخصصات الاجتماعية.
إن واقع خدمة الدين الذي يصل إلى 3.44 تريليونات جنيه يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للحكومة إلا أن التعامل مع هذه الأرقام لا يزال خجولاً ولا يفي بحجم الكارثة.
تظل الفئات الضعيفة والمتوسطة في صراع يومي مع الحياة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وبالرغم من الوعود الحكومية بتحسين الوضع إلا أن الواقع يكشف عن تراجع مستمر في مستوى المعيشة.
إن استمرار الحكومة في تقليص الدعم في الوقت الذي تتزايد فيه الأزمات الاقتصادية يعكس عدم اكتراث بها وعدم قدرة على مواجهة التحديات بشكل حقيقي فالأرقام الرسمية لا تعكس ما يشعر به المواطن.
يجب أن تكون هناك شفافية في التعامل مع مخصصات الدعم وأن يتم إجراء تحليلات دقيقة تساعد على فهم تطورات الوضع الاقتصادي بشكل أفضل مما يساعد على اتخاذ قرارات أكثر فائدة للمواطنين.
تظهر الأرقام أن الحكومة تتجه نحو تقليص الدعم في الوقت الذي تحتاج فيه الأسر الفقيرة إلى مزيد من الدعم لتلبية احتياجاتهم اليومية فالأزمة المالية تتفاقم والقرارات الحكومية لا تزال متأخرة.
تعد الأوضاع الحالية نتيجة سنوات من الفساد والإهمال في إدارة الموارد المالية فالحكومة تسير في اتجاه بعيد عن احتياجات المواطنين بينما تعاني البلاد من قلة الموارد وتراجع مستوى الحياة.
إذا استمرت الحكومة في هذا الاتجاه فإن الفقر سيستمر في الارتفاع وستتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين بشكل كبير مما يؤدي إلى تفشي مشكلات اجتماعية واقتصادية جديدة.
يجب على الحكومة أن تعيد النظر في استراتيجيتها بشأن الدعم وأن تعطي الأولوية لمساعدة الفئات الأكثر احتياجًا بدلاً من تقليص المخصصات في كل مرة تواجه فيها صعوبات مالية.
تتطلب الظروف الحالية تحركًا جادًا من الحكومة لتخفيف المعاناة عن كاهل الفقراء وتحسين مخصصات الدعم بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي والتضخم المتزايد.
إن الحلول الجذرية لمواجهة الفساد والتقاعس تتطلب الشجاعة في اتخاذ قرارات تتسم بالشفافية والعدالة فمستقبل المواطنين يعتمد على مدى استجابة الحكومة لهذه التحديات.
لا يزال التردد في التعامل مع الأزمة الاقتصادية قائمًا مما يثير المخاوف حول مستقبل البلاد والقدرة على تحقيق التنمية المستدامة في ظل غياب الشفافية والمصداقية.
تعتبر الخطوات الحكومية الحالية بمثابة فشل ذريع في إدارة الأزمات المالية وقد يترتب عليها عواقب وخيمة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية فالتقليص المتكرر للدعم يزيد من الضغوط على الفئات الفقيرة.
من الواضح أن الحكومة تحتاج إلى استراتيجيات بديلة لمواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد وتخفيف آثارها على المواطنين بدلاً من إلقاء اللوم على الدعم ومخصصاته.
إن مواجهة الفساد وتحقيق العدالة الاقتصادية يتطلب من الحكومة الالتزام بمسؤولياتها تجاه الفئات الأكثر احتياجًا وعدم اتخاذ القرارات العشوائية التي تضر بمصالح الشعب.
ويجب أن تكون هناك خطة واضحة وشاملة لضمان تقديم الدعم لمستحقيه وتحقيق العدالة الاجتماعية دون الاعتماد على تقليص المخصصات مما يزيد من تفاقم الأزمة.