تقاريرمصر

الصحة المصرية في مهب الريح: الحكومة تتخلى عن مسؤولياتها في الأزمات

تتزايد الأعباء الصحية في العاصمة المصرية القاهرة رغم توقف الحرب في غزة واستمرار الضغوط على النظام الصحي. تعيش مصر أوضاعًا صحية كارثية تتطلب تدخلًا عاجلًا وفعّالًا من الحكومة.

فالأعداد المتزايدة للاجئين والنازحين من الدول المجاورة تضيف عبئًا إضافيًا على كاهل النظام الصحي المنهك أصلاً. إذن، ما هو الدور الفعلي للحكومة في معالجة هذه الأزمات؟ لا شك أن الفشل في تقديم الرعاية الصحية اللازمة يشير إلى عدم كفاءة واضحة في إدارة الأزمات الصحية.

على الرغم من الجهود التي تبذلها منظمة الصحة العالمية لدعم مصر، إلا أن الحقيقة لا تزال مؤلمة. فالعائدون من غزة والسودان يعانون من نقص في الرعاية الصحية، مما يزيد من معاناتهم.

يجب أن نفهم أن هذه الوضعية لم تتكون بين ليلة وضحاها، بل هي نتيجة عقود من السياسات الصحية المتراخية والتخطيط غير المدروس.

يتعذر على المواطن المصري العادي الحصول على خدمات طبية ملائمة، وهو ما يؤكد فشل الحكومة في تحقيق العدالة الصحية.

من جهة أخرى، يمكن القول إن مبادرة “التأمين الصحي الشامل” قد تشكل بارقة أمل، لكنها ليست كافية لمواجهة الكوارث الصحية الحالية. لا يزال هناك عدد كبير من الفئات الاجتماعية المستبعدة من هذه المنظومة.

إن محاولة الحكومة لتطبيق التأمين الصحي على الجميع لا تعني أنها تحقق العدالة، إذ لا يزال العديد من المواطنين يعانون من تكاليف العلاج المرتفعة وعدم توافر الأدوية الأساسية.

بينما يتفاخر بعض المسؤولين بإنجازات معينة، تبقى الحقائق على الأرض مؤلمة. فعدد المصابين بالأمراض المزمنة في تزايد مستمر، والمستشفيات الحكومية تعاني من نقص حاد في الموارد.

إن عدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية يعد بمثابة جريمة بحق المواطنين. ومع ذلك، لا تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه القضية الحيوية. كيف يمكن لدولة أن تعاني من نقص في المستلزمات الصحية بينما تستقبل لاجئين جدد من مختلف البلدان؟

أما بالنسبة للوافدين من السودان، فقد أثبتت الحكومة بعض المرونة في تعاملها معهم. لكن يبقى السؤال: هل هذه المعاملة تعكس فعلاً التزام الحكومة بتحسين ظروفهم الصحية؟

إن معاملة السودانيين كمصريين في الحصول على العلاج تستحق الإشادة، لكنها لا تمثل الحل الشامل للأزمة. تحتاج الحكومة إلى تقديم خطة واضحة لدعم الصحة العامة، وليس مجرد تسويات لحالات فردية.

دور منظمة الصحة العالمية في هذه الأزمة يعد بالغ الأهمية، لكنها لا يمكنها أن تعوض عن قصور الحكومة. يعتمد نجاح نظام الصحة في مصر على توحيد الجهود بين الحكومة والمنظمات الدولية والمجتمع المحلي.

ورغم أن الدكتور نعمة سعيد عابد، ممثل المنظمة في مصر، يتحدث عن الإنجازات، إلا أن الأوضاع العامة تبين عكس ذلك. فالتقارير الدولية تشير إلى أن مصر ما زالت تواجه تحديات هائلة في مجال الصحة العامة، وهو ما يتطلب استراتيجية شاملة وموارد كافية.

إحدى القضايا الأساسية التي تواجه الحكومة هي عدم وجود استراتيجية فعّالة لمواجهة الأوبئة. رغم أن مصر قد حققت تقدمًا في بعض المجالات مثل القضاء على فيروس “سي”، إلا أن ذلك لا يكفي. يتطلب الأمر نهجًا وقائيًا متكاملًا لمواجهة أي طارئ صحي مستقبلي. النظام الصحي بحاجة ماسة إلى تحديث وبناء قدرات جديدة لمواجهة التحديات.

الحرب على جدرى القرود وغيرها من الأوبئة تمثل تحديًا إضافيًا للحكومة. يجب أن يكون هناك نظام ترصد قوي وقادر على استباق الأحداث قبل أن تتحول إلى كوارث. إن الفشل في وضع خطط استباقية سيوصلنا إلى ما هو أسوأ.

والحقيقة المرة هي أن المواطنين يدفعون الثمن بسبب عدم كفاءة الحكومة. يواجه المرضى في المستشفيات ظروفًا مزرية، ونقص حاد في الأدوية. ومع ذلك، لا نجد تحركًا جادًا من المسؤولين لمواجهة هذه القضايا. إن تجاهل هذه الأزمات يعني استمرار المعاناة بشكل يومي.

من المهم أن نكون صادقين: الحكومة المصرية بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الصحية. يجب أن يكون هناك استثمار حقيقي في القطاع الصحي. إن عدم الاهتمام بالاقتصاديات الصحية سيقودنا إلى مزيد من الفشل.

أصبحت مصر بحاجة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى. إن الحلول الآنية لن تجدي نفعًا، ويجب أن تكون هناك خطط واضحة وواقعية لتعزيز النظام الصحي. المساهمة الفعالة من جميع الأطراف هي السبيل الوحيد لتحقيق العدالة الصحية.

أما عن الشائعات المتعلقة بالأوبئة، فهي تمثل تحديًا آخر للحكومة. يتطلب الأمر تكثيف التوعية وتقديم معلومات موثوقة للمواطنين. لا يمكن أن تستمر حالة التخويف والذعر بسبب المعلومات المغلوطة.

إن تعزيز التعاون بين الحكومة ومنظمة الصحة العالمية هو ضرورة ملحة. لا بد من اتخاذ خطوات فورية للتعاون في مجالات الأبحاث وتطوير اللقاحات. يجب أن يتم الاستفادة من التجارب السابقة لتجنب الأخطاء.

الحقيقة المرة هي أن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى تفاقم الأزمات الصحية. إن عدم اتخاذ خطوات جادة وفعالة يعني أن معاناة المواطنين ستستمر بلا نهاية. يجب أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه مواطنيها.

ويجب أن ندرك أن الصحة ليست فقط حقًا بل هي أيضًا مسؤولية جماعية. على الحكومة المصرية أن تضع خططًا واضحة وتعمل على تحقيقها بجدية. المواطن المصري يستحق نظامًا صحيًا قويًا وفعّالًا.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى