نهر الفساد يجرف حزب الوفد نحو الهاوية وصفقات مشبوهة تهدد مستقبله
تستمر فضائح الفساد في التفاعل داخل أروقة حزب الوفد حيث تثار علامات استفهام عديدة حول الصفقة المشبوهة التي أبرمها رئيس الحزب الدكتور عبد السند يمامة مع عدد من أعضاء الهيئة العليا في ظروف غامضة وخلف أبواب مغلقة مما يجعل القضية أكثر تعقيداً وخطورة على مستقبل الحزب وعلى العملية السياسية ككل
في يونيو 2024 أقدم الدكتور عبد السند يمامة على تقديم كشف حساب ومذكرة إيضاحية للجهاز المركزي للمحاسبات بالتعاون مع المدير المالي على اعتبار أنها تمثل ميزانية العام 2023 إلا أن رد الجهاز المركزي جاء ليشكل صدمة للجميع
حيث طلب مراجعة أمين الصندوق للميزانية وإقرارها من الهيئة العليا هذا الطلب لم يكن مجرد إجراء روتيني بل كان بمثابة دعوة للمحاسبة ودق ناقوس الخطر حول تلاعبات مالية محتملة
وبمجرد أن تسلم أمين صندوق الحزب الدكتور ياسر حسان الميزانية من الجهاز المركزي للمحاسبات اكتشف مفاجآت غير متوقعة تتعلق بسجلات المديونيات الخاصة بالنواب وتبرعات المرتبات
حيث تبين أن الدكتور عبد السند يمامة هو من قام بتسجيل هذه البيانات بشكل غير صحيح مما يثير الشكوك حول نزاهته وأمانته في إدارة أموال الحزب يضاف إلى ذلك النمو الربحي الغامض للوديعة التي لا تبدو متسقة مع الأداء المالي العام للحزب
تجدر الإشارة إلى أن ياسر حسان لم يكتفِ بالكشف عن هذه المخالفات بل قام بإعادة صياغة الميزانية بشكل محاسبي سليم وقام بتوزيع نسخ منها على جميع أعضاء الهيئة العليا ما يشير إلى نية لإحداث تغيير حقيقي في الشفافية المالية للحزب ولكن تزامن هذا مع تأجيل الدكتور يمامة لمناقشة الميزانية إلى جلسة 26 أكتوبر مما يطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التأجيل
وحسبما ترددت الأنباء فإن الدكتور يمامة طلب من الأعضاء عدم تسريب أي معلومات عن الميزانية حتى يتم إقرارها من الهيئة العليا وبعد التصديق عليها ستُختم بخاتم الحزب ويرفق محضر الاجتماع للمصادقة عليها من قبل مراقب الحسابات ورئيس الحزب وأمين الصندوق وهي خطوة تُظهر جلياً محاولاته للسيطرة على الموقف وتفادي أي محاسبة محتملة
وفي الاجتماع الأخير للهيئة العليا قرر يمامة تأجيل مناقشة الميزانية وكذلك انتخابات رئاسة الهيئة البرلمانية إلى يوم السبت 26 أكتوبر مما يثير القلق حول دوافع هذا التأجيل إذ تشير المعلومات إلى أنه ليس ناتجاً عن ضغوطات أمنية بل بسبب كراهيته لأحد المرشحين الذي يخشى نجاحه وقد أبدى يمامة انزعاجه بعد تسرب أخبار عن لقاءاته بمرشحين آخرين والوعود التي قطعها لهم بالدخول في القوائم الانتخابية مما يبرز الصراعات الداخلية على السلطة
يبدو أن الوضع داخل الحزب بات في غاية التعقيد حيث يشكو عدد من أعضاء الهيئة العليا من تجميد الأنشطة الحزبية في المحافظات وانعدام دور الحزب في معالجة مشكلات المواطنين الملحة مثل ارتفاع الأسعار والظروف المعيشية الصعبة مما قد يسبب تدهوراً في ثقة الشعب بالوفد كحزب سياسي
في ظل هذه الظروف فإن الحديث عن سحب الثقة من الدكتور يمامة يبدو قريباً جداً خاصة بعد ظهور عدة اجتماعات ومشاورات تشير إلى انقسام حاد داخل الحزب بينما يبدو يمامة مترنحاً ولا يستطيع الدفاع عن نفسه أمام تهم الفساد التي بدأت تلوح في الأفق وبدت علامات النهاية تقترب من هؤلاء الذين عقدوا صفقات مشبوهة أو علنية مستغلين في ذلك سطوتهم ونفوذهم داخل الحزب
إن ما يحدث في حزب الوفد هو بمثابة جرس إنذار للمشهد السياسي في مصر بأسره حيث تبرز الحاجة الملحة إلى تطبيق مبادئ الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد في جميع مؤسسات الدولة فاستمرار الفساد لن يؤدي إلا إلى تآكل الثقة بين المواطنين والأحزاب السياسية ويضعف من فرص بناء مستقبل سياسي مستقر وعادل للجميع
من الواضح أن حالة الفوضى والانقسام داخل حزب الوفد تعكس مشكلات أعمق تتعلق بإدارة الأحزاب السياسية في مصر وما لم يتم اتخاذ خطوات جادة نحو الإصلاح ومحاسبة المتورطين في الفساد فإن مصير الحزب قد يصبح مظلماً ومهدداً بالتفكك
فإن ما يجري داخل حزب الوفد هو تعبير صارخ عن الفساد المستشري الذي يجب التصدي له بكل حزم وجدية قبل أن يدمر ما تبقى من مصداقية للعمل السياسي في البلاد فلا بد من أن تكون هناك وقفة حاسمة أمام هذه الانتهاكات وضرورة إيجاد حلول جذرية تعيد للحزب دوره التاريخي الذي فقده بفعل الصفقات المشبوهة والتلاعبات المالية التي أضرت به وبمستقبل أعضائه بل وبالمواطنين الذين يعولون على الأحزاب السياسية في تحقيق مصالحهم والدفاع عن حقوقهم