عيد القوات البحرية المصرية: ذكرى تدمير المدمرة إيلات في 21 أكتوبر
تحتفل القوات البحرية المصرية كل عام في يوم 21 أكتوبر بعيدها السنوي المتميز والذي يتزامن مع ذكرى تدمير المدمرة إيلات الإسرائيلية. تعتبر هذه الذكرى تجسيدًا للكرامة الوطنية وللصمود في وجه التحديات العسكرية التي واجهتها مصر.
توافق هذه المناسبة التاريخية الذكرى السابعة والخمسين لعملية إغراق المدمرة إيلات التي حدثت في عام 1967. في تلك الليلة العصيبة كانت القوات البحرية المصرية تستعد لتوجيه ضربة قاصمة للجيش الإسرائيلي الذي كان يتفاخر بقوته البحرية. لم تكن تلك العملية مجرد تصرف عسكري بل كانت تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
كانت عملية تدمير المدمرة إيلات بمثابة رد قوي على غطرسة الاحتلال الإسرائيلي بعد هزيمة نكسة 1967. جسدت العملية الإرادة المصرية للتصدي للاحتلال ودحضت كل الأوهام حول القوة الإسرائيلية. جاءت هذه العملية بعد شهور من تلك الهزيمة، لتكون أولى العلامات على استعادة مصر لهيبتها العسكرية.
تضمنت هذه العملية نوعًا من المفاجأة والتخطيط العسكري المدروس. فعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن تدمير إيلات يعني تدمير الميناء، إلا أن الحقيقة تكمن في أن هناك عمليتين منفصلتين قامت بهما البحرية المصرية. الأولى كانت تدمير المدمرة نفسها، بينما الثانية كانت استهداف الميناء في عام 1969.
قبل تنفيذ عملية إغراق إيلات، كانت المياه الإقليمية المصرية تتعرض لانتهاكات متكررة من قبل القوات الإسرائيلية. كانت المدمرات الإسرائيلية تجوب المياه بحرية تامة، مما شكل تحديًا للقانون الدولي وأمن البلاد. عانت مصر كثيرًا في تلك المرحلة قبل أن تستعيد عافيتها العسكرية.
تاريخ المدمرة إيلات يعود إلى عام 1956 حينما وصلت المدمرتان إيلات ويافو إلى البحرية الإسرائيلية. كانت هذه المدمرات جزءًا من الترسانة العسكرية الإسرائيلية التي شاركت في العدوان الثلاثي على مصر. منذ ذلك الحين، أصبحت إيلات رمزًا للقوة الإسرائيلية.
استمرت المدمرات في العمل تحت قيادة جيش الاحتلال، متجاهلة السيادة المصرية. في ليلة 21 أكتوبر 1967، جاء القرار الحاسم لتدمير المدمرة إيلات التي كانت تمثل نصف قوة البحرية الإسرائيلية. كان على متنها طاقم مكون من مائة فرد وطلبة من الكلية البحرية.
توزعت القوات البحرية المصرية على فرقتين لمواجهة إيلات. الفريق الأول كان يقوده النقيب أحمد شاكر على اللنش 504، بينما تولى النقيب لطفي جاب الله قيادة اللنش الثاني. تلك الليلة، بدأ الاشتباك في تمام الساعة 5.45 مساءً بإطلاق أول دفعة من صاروخين على المدمرة.
شهدت بورسعيد تلك اللحظة التاريخية. الأهالي كانوا متجمهرين في الشوارع، عيونهم مشدودة نحو البحر. ضربة الصاروخ الأول لم تكن كافية، ولكن القوات المصرية لم تتراجع. استمرت الاشتباكات حتى أصاب الصاروخ الثاني المدمرة في منتصفها.
نتيجة لهذا الهجوم الشجاع، اشتعلت النيران في إيلات وبدأت تغوص في مياه البحر. كانت تلك اللحظة بمثابة انتصار ساحق للقوات البحرية المصرية، ضربة قاسية للروح المعنوية للجيش الإسرائيلي. لم يكن هذا مجرد انتصار عسكري بل كان رمزا للأمل والقوة الوطنية.
بعد نجاح العملية، صدر قرار جمهوري بتكريم الضباط والجنود الذين شاركوا في تدمير إيلات. تم منحهم الأوسمة والنياشين تقديرًا لشجاعتهم وتضحياتهم. من تلك اللحظة، أصبح 21 أكتوبر عيدًا سنويًا للقوات البحرية المصرية، احتفالا بالبطولة والفخر.
تسجل المعركة ضد المدمرة إيلات في صفحات التاريخ كواحدة من أبرز العمليات البحرية. لم يكن لها تأثير عسكري فحسب، بل ساهمت في تعزيز الروح الوطنية في قلب كل مصري. اليوم، لا يزال هذا اليوم يمثل رمزًا للصمود والإرادة.
إن الاحتفال بعيد القوات البحرية في هذا اليوم يعكس تكريمًا للتاريخ وتقديرًا للتضحيات. تدرك الأجيال الجديدة أهمية هذه اللحظة، وتبقى الذكرى حية في الأذهان. تتجاوز معاني هذه المناسبة الحدود العسكرية لتصبح رمزًا للكرامة والسيادة.
ويتجدد التأكيد على أهمية ذكرى تدمير إيلات، فهي ليست مجرد مناسبة سنوية بل هي تجسيد للإرادة المصرية وعزيمة الشعب. كل عام تحتفل القوات البحرية بذكراها، مؤكدين أن الماضي هو حافز للمستقبل.