مصر تغرق في الفشل الحكومي والشعب يدفع الثمن الباهظ
تعيش مصر في دوامة من الأزمات المتزايدة التي لا تنتهي حيث تتصاعد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بصورة تنذر بالخطر وتظهر بوضوح تقاعس الحكومة في مواجهة تلك التحديات التي تعصف بالبلاد
فبعد الزيادات المتتالية في أسعار الوقود خلال عام 2024 جاء الإعلان عن بدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي ليعكس حقيقة الفشل في إدارة الاقتصاد الوطني بشكل سليم
ويعكس أيضا تدهور مستوى المعيشة للمواطنين الذين باتوا يعانون من الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي لا تعرف الرحمة
خلال الشهور القليلة الماضية شهدت مصر ارتفاعا غير مسبوق في أسعار الوقود حيث تم رفع الأسعار للمرة الثالثة مما زاد من عبء الحياة اليومية على المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار العام في جميع القطاعات ومع كل زيادة تضاف إلى أسعار الوقود
يأتي التبرير الحكومي بأن هذه الخطوات تهدف إلى إصلاح النظام الاقتصادي ولكن الواقع يشير إلى العكس حيث يزداد الفقر ويزداد الضغط على الطبقات الأكثر احتياجا وفي ظل هذه الأوضاع القاهرة كان من المتوقع أن تكون الحكومة أكثر وعيا بما يدور حولها ولكنها تستمر في نفس السياسات الفاشلة دون أي تغيير
فبدلا من اتخاذ إجراءات حقيقية وجذرية لمواجهة تلك الأزمة يبدو أن الحكومة تفضل السير في درب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي سعيا لتأجيل خطوات رفع الدعم عن الوقود والكهرباء
وهو ما يعكس مدى ضعف السياسات الاقتصادية المتبعة وعدم القدرة على مواجهة الأزمات بشكل فعلي فالاستمرار في الحديث عن المفاوضات يبين أن الحلول المعالجة للأزمات الاقتصادية غير موجودة وأن الحكومة تعيش في حالة من الإنكار تجاه حجم المشكلة التي يعاني منها الشعب
تتراكم الديون وتتزايد الفواتير على كاهل المواطن العادي الذي لا يجد أمامه أي حلول للتخفيف من معاناته فعندما تتزايد الأسعار وتستمر الحكومة في إجراءاتها التي تزيد الطين بلة يصبح من الواضح أن هناك خلل كبير في إدارة الدولة وأن هناك افتقارا للإرادة السياسية للتغيير فالخطوات الاقتصادية المتبعة تعكس عدم وجود رؤية واضحة للمستقبل وهو ما يزيد من تفاقم الأوضاع
تواجه الحكومة انتقادات حادة من جميع الأطياف السياسية والاقتصادية حيث يعتبر الكثيرون أن هذه السياسات تضر بمصلحة البلاد وأن الفشل في تحسين الأوضاع الاقتصادية يزداد يوما بعد يوم في حين أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا تعني سوى المزيد من القيود الاقتصادية التي ستضاف إلى كاهل المواطنين في ظل زيادة المديونية وبالتالي المزيد من الضغط على الفئات الأضعف
ولعل ما يزيد من سوء الوضع هو تفشي الفساد والاهدار المالي في قطاعات الدولة المختلفة مما يعرقل أي خطوات إيجابية يمكن أن تعالج الوضع الاقتصادي بشكل حقيقي
فبدلًا من توجيه الموارد المالية للدعم والإعانات للمحتاجين فإن هناك استمرارا في الهدر الذي يزيد من حجم المعاناة التي يعيشها المواطن البسيط والذي يتطلع إلى حياة كريمة وإلى تحسينات حقيقية في مستوى المعيشة ولكن هذا الأمل يبدو بعيد المنال في ظل الأوضاع الحالية
الشعب المصري بات يواجه خيارات صعبة فمع الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية يعيش المواطن في حالة من القلق المستمر
مما قد يترتب على الإجراءات الحكومية التي لا تفكر إلا في الحلول القصيرة المدى ودائما ما تكون القرارات متسرعة وغير مدروسة مما يزيد من معاناة المواطنين بدلا من أن توفر لهم حلول حقيقية
ومن الواضح أن الحكومة تحتاج إلى خطة استراتيجية شاملة لا تستند فقط إلى رفع الدعم بل إلى رؤية تنموية تشمل جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتضمن العدالة في توزيع الثروات وإدارتها بشكل فعال ولكن الواضح أن هذا الأمر بعيد المنال في ظل حالة من الفوضى الإدارية التي تعاني منها مؤسسات الدولة
إلى جانب ذلك فإن التباطؤ في تنفيذ مشاريع التنمية وتطوير البنية التحتية يتطلب من الحكومة موقفا حاسما وعاجلا ولكن ما يحدث هو تزايد الوعود دون تنفيذ واضح وهو ما يزيد من الإحباط لدى الشعب الذي يعاني بالفعل من شتى أنواع الضغوط الاقتصادية
تعتبر هذه الأزمات نتيجة طبيعية لفشل الحكومة في التعامل مع المشاكل المستفحلة وعدم قدرتها على تطوير آليات عمل جديدة تضمن تحسين الأوضاع في المستقبل القريب فتأجيل خطوات رفع الدعم في ظل هذه الظروف ما هو إلا هروب من مواجهة الحقيقة المرة واستمرارا في سياسة التهرب من المسؤولية
وبالنظر إلى ما يحدث على الساحة الاقتصادية والاجتماعية نجد أن هناك غيابا تاما للرؤية الحكومية في مواجهة التحديات المتزايدة وهذا ما يجعل المواطنين يعيشون في حالة من الضياع والقلق الدائم فالتجاهل المتعمد للاحتياجات الحقيقية للناس يضع الحكومة في موقف محرج بل ويضعها في خانة الفشل الذريع
إن تجاهل الحكومة للأصوات المطالبة بالإصلاح والتغيير يعكس عدم رغبتها في تحسين الأوضاع وباتت تكتفي بتقديم الوعود الزائفة التي لا تقدم أي جديد على أرض الواقع فتتجه الأمور نحو مزيد من الانهيار والضغوط على المواطنين الذين يواجهون مستقبلا مظلما وبائسا في ظل هذه السياسات الفاشلة
إن ما تشهده مصر من أزمات متعددة تتطلب تفكيرا عميقا وإرادة حقيقية للتغيير بعيدا عن المفاوضات التي لا تعود على المواطن بأي نفع فالحياة تزداد صعوبة ومعاناة المواطن تتزايد مع كل قرار حكومي يعزز من واقعهم المرير فالأمل في غد أفضل يتلاشى يوما بعد يوم والآمال في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية تبدو بعيدة المنال
لذلك فإنه من المهم أن يتحرك الشعب المصري لمواجهة تلك السياسات الفاشلة وأن يطالب بمستقبل أفضل وأن يسعى نحو تحقيق التغيير الفعلي في الحياة اليومية فالأزمات لن تحل بالاستمرار في نفس الدائرة بل تحتاج إلى شجاعة وإرادة من الجميع لتغيير هذا الواقع المرير الذي تعيشه البلاد
ومع غياب الحلول السريعة والفعالة فإن الوضع الحالي يبدو مقلقا وخطيرا فالأزمات تتوالى دون أي أمل في الخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد فالمواطن بات يتساءل أين تذهب أموال الضرائب وأين هي المشاريع التنموية التي ترفع عن كاهل المواطنين أعباء الحياة اليومية أم أن الوضع سيظل على ما هو عليه دون أي تغيير
إن الأمل الذي كان يراود الناس في التغيير والتطوير بدأ يتلاشى ومع كل يوم يمر يزداد الضغط على الفئات الأضعف في المجتمع لتصبح معاناتهم حديث الشارع فالمطالبات بالتغيير والإصلاح تتزايد ولكن الحكومة تظل في موقف المتفرج دون أي ردود فعل فعالة
إن الشعب بحاجة ماسة إلى صوت جديد يعبر عن معاناته ويطرح الحلول الجذرية للخروج من هذه الدائرة المفرغة التي يعيش فيها فالأمل في غد أفضل لن يتحقق إلا من خلال تضافر الجهود والعمل المشترك من أجل تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية التي باتت بعيدة المنال في ظل الأوضاع الراهنة
وتبقى الأوضاع في مصر تمثل صورة معبرة عن الفشل الحكومي والخلل في السياسات الاقتصادية فالصمت الحكومي لم يعد مقبولا والشعب يحتاج إلى خطوات حقيقية وملموسة لتحسين أوضاعه المعيشية وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة فهل ستتحرك الحكومة قبل فوات الأوان أم ستظل تسير على نفس الدرب المظلم الذي لم يعد يطاق