في حادثة تعد واحدة من أكثر الكوارث التعليمية إثارة للجدل في تاريخ مصر الحديث أظهرت مجدداً عمق الفساد المتفشي في أروقة النظام التعليمي المصري
انتشر فيديو صادم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر مدير إحدى المدارس في حي الزهور بمدينة بورسعيد وهو يجبر الطلاب على الانضمام إلى مركز دروسه الخصوصية بأساليب تتراوح بين الترهيب والضغط النفسي
هذه الواقعة ليست مجرد فعل فردي بل تكشف عن غياب الرقابة وضعف الحكومة في التصدي لهذه التجاوزات الخطيرة التي تسيء إلى التعليم في مصر وتؤكد على تفشي الفساد المستشري في كافة قطاعات الدولة
إن التعليم في مصر أصبح مجرد سلعة تتداول في أسواق الفساد بعيداً عن أي اعتبار لمصلحة الطلاب أو مستقبلهم في هذا السياق نجد أن المدير الذي يستغل منصبه كسلطة تنفيذية ليس فقط يمارس استغلالاً واضحاً للطلاب
بل إنه يستغل موقفه للربح الشخصي حيث يظهر في الفيديو وهو يتحدث بتفاخر عن مركزه للدروس الخصوصية وكيف أن هذه الدروس ضرورية لتحقيق النجاح الأكاديمي للطلاب مما يدل على أن العملية التعليمية قد تم اختزالها إلى مجرد أداة للكسب المالي
الأسوأ من ذلك هو الموقف الصامت الذي تتخذه الجهات الحكومية تجاه هذه الممارسات غير القانونية فبدلاً من اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذا السلوك اللامسؤول يبدو أن الحكومة المصرية تواصل تجاهل القضايا الجوهرية التي تؤثر على العملية التعليمية في البلاد فالمدير يتمتع بحماية ضمنية من السلطات المحلية مما يعكس الفشل الذريع في نظام الرقابة والتقييم القائم على التعليم وهو ما يضع مستقبل الأجيال القادمة في مهب الريح
لا يمكن التغاضي عن أثر هذه الأفعال على الطلاب الذين يصبحون ضحايا لهذه الممارسات الفاسدة فمن ينجح في الضغط على الطلاب للالتحاق بدروسه الخصوصية يتسبب في خلق بيئة تعليمية غير عادلة حيث يتم تمييز الطلاب الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف هذه الدروس في الوقت الذي يكتفي فيه الآخرون بالمعرفة الأساسية التي تقدمها المدرسة إن هذه الفجوة التعليمية تتسع يوماً بعد يوم لتظهر جلياً الفوارق بين الطلاب الفقراء والميسورين مما يؤدي إلى تكريس ظاهرة التهميش في المجتمع المصري
في الوقت الذي تتغنى فيه الحكومة بإنجازاتها المزعومة في مجال التعليم يبدو أن الواقع لا يبتعد كثيراً عن الفشل الذريع فبدلاً من العمل على تحسين جودة التعليم وتوفير بيئة مناسبة للطلاب تواصل هذه المؤسسات تجاهل القضايا الملحة التي تواجه الطلاب وعائلاتهم إذ لا زالت المدارس تعاني من نقص في الموارد وغياب خطط واضحة للإصلاح مما يجعلنا نتساءل هل هناك إرادة حقيقية لدى الحكومة للتغيير أم أن الأمر مجرد محاولة لتجميل الصورة أمام الرأي العام
ويجب على المجتمع المصري بكافة أطيافه أن يستفيق من غفوته وينتفض ضد هذه الانتهاكات التي تؤثر بشكل مباشر على مستقبل أبنائه يجب أن نتحرك جميعاً لرفع صوتنا في وجه هذه الممارسات الفاسدة التي تضر بالتعليم وتدمر الآمال المستقبلية للطلاب ففي النهاية التعليم هو حق للجميع وليس وسيلة للاسترزاق يجب أن يكون الهدف هو تعليم الطلاب وتأهيلهم للمستقبل وليس استغلالهم لمصالح شخصية
إن تصرفات هذا المدير ليست حدثاً عابراً بل هي انعكاس لصورة أكبر تعاني منها مؤسسات التعليم في مصر مما يتطلب تحركاً عاجلاً من الحكومة ووزارة التربية والتعليم لوضع حد لهذه التجاوزات ولإعادة الثقة في النظام التعليمي يجب اتخاذ خطوات جادة لمحاسبة الفاسدين وتوفير بيئة تعليمية تضمن للجميع فرصاً متساوية بعيداً عن الضغوط المالية والاجتماعية
والأهالي يناشدوا جميع المعنيين بالتعليم في مصر أن يضعوا مصلحة الطلاب في المقام الأول وأن يتحركوا بكل قوة لمحاربة الفساد الذي ينخر في جسد التعليم المصري يجب أن يتحد المجتمع بكل فئاته لدعم جهود الإصلاح وأن يكون لدينا الوعي الكافي للتصدي لهذه الممارسات التي تهدد مستقبل الأجيال القادمة إن التعليم هو أساس بناء المجتمع ولا يمكن السكوت على أي ممارسات تسيء له أو تفرغ رسالته النبيلة من محتواها يجب أن ندافع عن حق كل طالب في الحصول على تعليم عادل وذو جودة عالية بعيداً عن الابتزاز والاستغلال نحن أمام اختبار حقيقي لقدرتنا على مواجهة الفساد وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة