تقاريرمصر

أزمة المجمع المقدس: تأجيل السيمينار وسط انقسامات كنسية حادة

تصاعدت حدة الأزمة الأخيرة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بعد تسريب أسماء عدد من الأساقفة الذين عبروا عن اعتراضهم على سياسة إدارة سيمينار المجمع المقدس والذي كان من المقرر عقده في الثامن عشر من نوفمبر المقبل بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.

تحولت هذه القضية إلى موضوع رأي عام بعد أن انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعلها تكتسب زخماً غير مسبوق.

باتت هذه الأزمة تُعتبر ثورة تصحيح وانتفاضة ضد الأنبا دانيال سكرتير المجمع المقدس بل وضد البابا تواضروس بابا الإسكندرية نفسه.

تجلى الصراع في الساحة الكنسية بوضوح حيث دخلت أطراف متناحرة لها مصالح وأجندات مشبوهة تسعى لزرع الفتنة وتقسيم المجمع المقدس إلى جبهتين.

الأساقفة المعترضون لم يعودوا في الظل بل أصبحوا في بؤرة الضوء، مما أدى إلى تفاقم الوضع إلى نقطة حرجة. فمع كل تغريدة وتعليق يتزايد الضغط على قيادات الكنيسة.

يُعتبر الأنبا سيداروس الأسقف العام لكنائس عزبة النخل والمرج من أبرز الشخصيات التي لها دور مؤثر في الكنيسة، حيث يُعرف بأنه رجل المهام الصعبة.

كلفه البابا تواضروس مؤخراً بملف رهبان جنوب أفريقيا الذين قُتلوا على يد أحد طلاب الرهبنة. تطرق الحوار مع الأنبا سيداروس إلى أزمة سيمينار المجمع المقدس ورؤيته لموقف الأساقفة المعترضين، مشيراً إلى حالة الغضب السائدة بين الأقباط على السوشيال ميديا.

عبّر الأنبا سيداروس عن تألمه الشديد لخروج هذه الآراء على العلن، حيث أكد على قوة كنيستنا وأن ما يحدث هو زوبعة في فنجان.

أكد أنه في حالة اتخاذ قرارات غير متوافقة مع العقيدة، كان من الممكن تفهم الغضب. لكن في ظل الحفاظ على الإيمان المسيحي، فإن هذا الغضب غير مبرر.

وأكد الأنبا سيداروس أن المجمع المقدس يتخذ قراراته ضمن إطار ديمقراطي، حيث يتم مناقشة جميع الآراء، حتى الوصول إلى إجماع.

وأشار إلى أن بعض الأعضاء في المجمع هم أقلية لن تسمح بأي مساس بالعقيدة. من جانب آخر، تمنى أن تُطرح الأمور داخلياً بدلاً من تفجيرها على السوشيال ميديا، مما قد يؤدي إلى انقسامات لا تُحمد عقباها.

أضاف الأنبا سيداروس أن هذه المناقشات تُعد مضيعة للوقت، لأن الإيمان المسيحي لا يمكن أن يتغير بتوجهات شخصية أو آراء فردية. قال إن هناك تعاليم ثابتة لا يمكن المساس بها، وأي محاولة للتشكيك بها تُعتبر تدبيراً شيطانياً يحاول شق الصف.

في الإطار الأوسع، تحدث الأنبا سيداروس عن الأزمات التي تندلع أحياناً في الكنيسة الكاثوليكية، مُشيراً إلى موقف البابا فرانسيس والذي أثار جدلاً واسعاً بسبب تصريحاته حول الخلاص. وأكد أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تتمسك بالعقيدة القويمة ولا تقبل أي انحراف عنها.

خلص الأنبا سيداروس إلى أن المجمع المقدس يعمل بتنسيق وتفاهم تام بين أعضائه، حيث يتم التوصل إلى توافق على القرارات. أكد أن البابا تواضروس ديمقراطي ويأخذ بعين الاعتبار جميع الآراء.

لكن على الجانب الآخر، تساءل الأنبا سيداروس عن تأثير الجماعات الإرهابية التي تتاجر بالأزمات، معتبراً أنهم يستغلون الفرص لإشعال الفتن بين صفوف المؤمنين.

وأشار إلى أن البعض من هذه الجماعات مدعومون من الخارج، مما يستدعي من المجتمع القبطي التكاتف لمواجهة هذه التحديات.

في ضوء هذه التطورات، أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بياناً أكدت فيه تأجيل سيمينار المجمع المقدس بسبب اعتراضات بعض الأساقفة. أوضحت أن السيمينار يعد مؤتمراً دراسياً لمناقشة موضوعات الخدمة والرعاية، وأنه لن يصدر عنه أي قرارات إيمانية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى