مصر تُسكت صوت التضامن: اعتقالات وقمع ضد مؤيدي فلسطين
تتفاقم في مصر موجة الاعتقالات بحق كل من يجرؤ على رفع صوته تضامنًا مع فلسطين في ظل الحملة المستمرة على قطاع غزة فالعام الماضي شهد تصاعدًا مرعبًا في القمع والاعتقالات بحق المتظاهرين السلميين الذين خرجوا دعمًا للقضية الفلسطينية وحريتها وتطالب المنظمات الحقوقية بسرعة الإفراج عن المحتجزين
التقرير الذي أصدرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات جاء صارخًا في إدانته لما يحدث من تضييق خانق على الحريات وأكد أن السلطات كثفت من جهودها القمعية ضد أي حراك شعبي يظهر الدعم لغزة أو لفلسطين بشكل عام خصوصًا بعد الهجمات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع
في أكتوبر 2023 مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة خرجت احتجاجات شعبية سلمية في مختلف أنحاء البلاد إلا أن الرد الأمني جاء عنيفًا دون هوادة حيث شنت قوات الأمن حملة شرسة على المتظاهرين لتكون هذه الاعتقالات نقطة انطلاق لسلسلة من الانتهاكات المستمرة طوال العام
التقارير تشير إلى أن غالبية المعتقلين تم القبض عليهم بسبب مشاركتهم في تلك التظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل شملت الاعتقالات من تم ضبطهم في منازلهم نتيجة تفاعلهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو نشرهم محتوى يدعم فلسطين
وفقًا للإحصائيات الصادرة عن المفوضية المصرية تم القبض على 82 شخصًا خلال هذا العام وجرى إخلاء سبيل 40 منهم بعد التحقيق معهم بينما تم إطلاق سراح 17 شخصًا آخرين دون توجيه أي تهم رسمية لهم أو فتح قضايا بشأنهم وهو ما يثير التساؤلات حول الأسس القانونية لهذه الإجراءات
الأمر الأكثر خطورة أن هناك 6 حالات أخرى تم اختفاؤها قسريًا بعد القبض عليهم سواء أثناء تظاهرهم أو أثناء وجودهم في محيط الاحتجاجات لتظل مصائرهم مجهولة وهو ما يضع الحكومة المصرية تحت طائلة الانتقادات الدولية بخصوص حقوق الإنسان وخرقها الواضح للقوانين الدولية
الأشخاص الذين تم القبض عليهم أدرجوا في 14 قضية باشرت نيابة أمن الدولة التحقيق في 11 منها فقط وهو ما يشير إلى استمرار حملة القمع ضدهم بلا هوادة رغم عدم وجود تهم واضحة تبرر إبقاءهم قيد الاحتجاز خصوصًا أن التحقيقات تستمر دون تقديم هؤلاء المعتقلين للمحاكمة
الاعتقالات التي طالت النشطاء والمتظاهرين لم تكن نهاية القصة حيث أظهرت التقارير أن معظم هؤلاء الأشخاص تعرضوا للاختفاء القسري لفترات تراوحت بين يوم و12 يومًا قبل أن يتم الإفراج عن البعض منهم دون توجيه تهم لهم أو تقديمهم للقضاء
حتى أولئك الذين تم إطلاق سراحهم دون محضر قضائي لم يسلموا من الانتهاكات حيث جرى عزلهم تمامًا عن أسرهم ومحاميهم لفترات بلغت ثلاثة أيام في بعض الحالات وهو ما يكشف حجم التجاوزات التي تتعرض لها حقوق المعتقلين في ظل غياب الرقابة القانونية والقضائية
المفوضية المصرية للحقوق والحريات أصدرت بيانًا شديد اللهجة أكدت فيه أن هذه الاعتقالات وما يصاحبها من انتهاكات صارخة تشكل خرقًا واضحًا للتعهدات والالتزامات التي وقعت عليها مصر ضمن الاتفاقيات والمواثيق الدولية والتي تضمن حق الأفراد في التعبير عن آرائهم والتجمع السلمي
ما يجري من تقييد غير مبرر للحريات العامة وقمع المتضامنين مع فلسطين ولبنان لا يمكن إلا أن يُنظر إليه باعتباره محاولة لإسكات الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية بأي وسيلة وهو ما يمثل تضييقًا واضحًا على حقوق الإنسان في التعبير الحر
إلى جانب الاعتقالات هناك ما هو أخطر حيث ما زال العديد من المعتقلين يقبعون رهن الحبس الاحتياطي دون تقديمهم لأي محاكمة في تجاوز صارخ لحقهم الأساسي في محاكمة عادلة وهو ما يعمق الأزمة ويضع السلطات المصرية في موقف حرج أمام الرأي العام الدولي
انتهاكات كهذه تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الحكومة المصرية تتجاهل بشكل متعمد التزاماتها الدولية بشأن حقوق الإنسان مما يجعل من قضية هؤلاء المعتقلين قضية دولية تستدعي تدخلًا فوريًا للضغط على الحكومة لإطلاق سراحهم وضمان حقهم في التعبير والتجمع السلمي