أطلقت وزارة الري المصرية حملة وطنية تحمل عنوان “على القد” تستهدف رفع مستوى الوعي بين المواطنين حول ضرورة ترشيد استهلاك المياه في حياتهم اليومية.
تتزامن هذه الحملة مع تحديات مائية جادة تواجه البلاد نتيجة محدودية الموارد المائية والنمو السكاني المطرد والتغيرات المناخية الحادة. تهدف الحملة إلى إيصال رسائل توعوية للمواطنين عبر خطب الجمعة والندوات الدينية، مما يعكس أهمية دور الدين في تعزيز الوعي المائي.
كذلك، سيتم نشر ملصقات توعية في محطات القطارات ومترو الأنفاق، بالإضافة إلى إطلاق تنويهات توعوية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مما يعكس التوجهات الحديثة في التوعية الجماهيرية.
وزير الري هاني سويلم حث المواطنين على ضرورة العمل على تقليل استهلاكهم اليومي من المياه بنسبة تتراوح بين 30% و40%. تأتي هذه الدعوة في إطار المحافظة على الموارد المائية المتاحة للدولة، خاصة أن حصة مصر السنوية من مياه نهر النيل ثابتة عند 55.5 مليار متر مكعب.
أكد سويلم أن الهدف الأساسي من هذه الحملة هو توعية المواطنين بالمخاطر المائية دون إلقاء الرعب في نفوسهم. فالتوعية تهدف إلى ترشيد استخدام المياه وحسن استغلالها بما يلبي احتياجات المواطنين، في ظل التحديات المتزايدة مع الزيادة السكانية.
وفي سياق استخدام المياه، يستهلك قطاع الزراعة نحو 70% من إجمالي المياه العذبة، بينما تستهلك مياه الشرب حوالي 20%، وقطاع الصناعة يستخدم حوالي 10%. هذا التوزيع يسلط الضوء على أهمية إدارة المياه بشكل فعال لتحقيق التوازن المطلوب.
كما شدد سويلم على أهمية التوعية الشعبية بشأن التحديات المائية، مع التأكيد على ضرورة التنسيق مع اتحاد روابط مستخدمي المياه على مستوى الجمهورية. يشكل هذا التعاون جزءًا أساسيًا من الحملة ويعزز دور المزارعين وسكان الريف في مواجهة الأزمة المائية.
تسعى الحملة إلى تعزيز شراكة فعالة مع العلماء من وزارة الأوقاف، حيث سيقوم هؤلاء العلماء بالمشاركة في أنشطة التوعية الموجهة للمزارعين وسكان القرى. إن هذه الخطوة تمثل استثمارًا في بناء وعي مجتمعي مستدام حول أهمية الحفاظ على المياه.
تعتبر أزمة المياه قضية مصيرية تمس حياة ملايين المواطنين، وغياب الوعي يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية. ومن هنا تأتي أهمية الحملة في محاولة التغيير الإيجابي نحو سلوكيات مائية أكثر استدامة.
ليس من المبالغة القول إن المستقبل المائي لمصر يعتمد بشكل كبير على وعي المواطنين واستجابتهم للتحديات الحالية. لذلك، يجب أن تظل هذه الحملة محور التركيز في الجهود الوطنية لمواجهة أزمات المياه.
الحكومة تدرك تمامًا أن أي تقاعس عن ترشيد استهلاك المياه يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، لذا ينبغي على الجميع الانخراط بفاعلية في هذه المبادرة الوطنية. التوعية يجب أن تتجاوز الشعارات لتصبح أسلوب حياة يتبناه الجميع.
إن هذه الحملة تمثل دعوة ملحة لكل مواطن ليكون جزءًا من الحل، وعدم الاكتفاء بالمراقبة أو الانتظار. فكل قطرة ماء تُعتبر ذات قيمة، ويجب أن نُسخر جميع جهودنا لضمان استخدامها بحكمة.
ختامًا، تبقى قضية المياه قضية معقدة وشائكة، تتطلب التزامًا جماعيًا وفهمًا عميقًا لتحدياتها. الحملة تتطلب مشاركة فعالة من كل فئات المجتمع لضمان تحقيق النتائج المرجوة.