حوادث الطرق: أزمة عالمية تزهق الأرواح وتستنزف الاقتصاد بلا رحمة
في كل عام يموت حوالي 1.19 مليون شخص بسبب حوادث المرور حول العالم حيث تمثل هذه الإحصائيات صدمة تتجاوز الأرقام وتتجاوز الأبعاد الإنسانية حوادث المرور أصبحت السبب الأول للوفيات بين الأطفال والشباب في سن 5 إلى 29 سنة ويُصنف ذلك بأنه أزمة صحية عامة تتطلب تدخلاً عاجلاً وحازماً.
تشير التقارير إلى أن 92٪ من وفيات حوادث الطرق تحدث في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث تعاني هذه الدول من قلة البنية التحتية وتدني مستويات الأمان على الطرقات رغم أن نسبة المركبات فيها لا تتجاوز 60٪ من إجمالي المركبات على مستوى العالم.
تعكس هذه الإحصائيات الفجوة الكبيرة في تقديم الرعاية والأمان على الطرق مما يزيد من خطورة التنقل في هذه المناطق.
تشير الأرقام إلى أن معظم الوفيات تأتي من بين المستخدمين الأكثر عرضة للخطر مثل المشاة وراكبي الدراجات النارية والهوائية وهو ما يعني أن الشوارع ليست آمنة للعديد من الأشخاص
وتؤكد الأبحاث أن حوادث المرور تكلف الدول نسبة تصل إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يمثل عبئاً اقتصادياً جسيماً يؤثر على التنمية المستدامة.
في إطار هذا السياق، تسعى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في تقليل عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور إلى النصف بحلول عام 2030 وذلك من خلال وضع استراتيجيات متكاملة تتضمن تحسين البنية التحتية وتعزيز الالتزام بالقوانين المرورية. يجب على الحكومات والجهات المعنية اتخاذ خطوات فعالة لتحقيق هذا الهدف وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
في مصر، وفي تقرير صادر في مايو 2024، أظهرت بيانات النشرة السنوية لحوادث السيارات والقطارات عام 2023، أن عدد المتوفين من حوادث الطرق بلغ 5861 شخصاً بينما كان العدد 7762 في العام السابق مما يعكس انخفاضاً بنسبة 24.5٪ إلا أن الأرقام تبقى مقلقة
حيث سجلت محافظة القاهرة أعلى عدد من الوفيات خلال العام مما يشير إلى ضرورة بذل جهود إضافية لتقليل هذه الأعداد.
تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن شهري يناير وأبريل كانا الأعلى من حيث الوفيات حيث بلغ عدد المتوفين 540 شخصاً بينما كان ديسمبر الأقل حيث بلغ عدد الوفيات 431 شخصاً وارتفع عدد وفيات الذكور إلى 4902 شخص بينما بلغ عدد وفيات الإناث 959 شخصاً مما يدل على الفجوة بين الجنسين في حالات الوفاة نتيجة الحوادث.
في الفئات العمرية، شهدت الفئة العمرية الأقل من 15 سنة أعلى عدد من الوفيات بـ 1409 متوفين تلتها الفئة العمرية من 15 إلى 35 عاماً بـ 891 متوفى.
ومن الواضح أن الشباب والأطفال هم الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة المرعبة مما يستدعي ضرورة التفكير بجدية في وسائل الحماية والسلامة لهذه الفئات الضعيفة.
تمثل حوادث المرور في مصر مشكلة معقدة ترتبط بمجموعة من العوامل مثل البنية التحتية وسلوكيات القيادة وقوانين المرور وغياب الوعي.
حيث أظهرت البيانات أن المارة كانوا الأكثر عرضة للخطر حيث بلغ عددهم 2199 متوفى تلاهم السائقون بـ 1442 متوفى مما يدل على الحاجة الملحة لتحسين الظروف على الطرق.
من الواضح أن هناك تدنياً في معدل القسوة حيث انخفض عدد الوفيات لكل 100 مصاب إلى 8.3 متوفى في عام 2023 مقارنة بـ 13.9 في عام 2022 وهذا يشير إلى تحسن نسبي إلا أن الأرقام لا تزال مقلقة وتستدعي المزيد من الإجراءات الوقائية الفعالة.
حيث بلغ معدل الوفيات لكل 100 ألف نسمة 5.6 متوفى في عام 2023 بينما كان 7.5 متوفى في عام 2022 مما يعكس تقدمًا ملحوظًا في التقليل من الوفيات لكن لا يزال هناك حاجة للمزيد من الإجراءات لضمان سلامة الجميع.
تستدعي مشكلة حوادث الطرق في مصر حلولاً شاملة تتضمن تحسين البنية التحتية للطرق وإصلاحها خاصة في المناطق الريفية مع تطوير وسائل النقل العام لخفض الازدحام وتحسين الأمان على الطرق. كما يجب تشديد القوانين المرورية وزيادة الوعي العام بخطورة القيادة المتهورة وكيفية تجنب الحوادث.
من الضروري اتخاذ خطوات جادة مثل تحسين وصيانة الطرق وتوفير جسور وأنفاق لتجنب التقاطعات الخطرة وتطبيق عقوبات صارمة على المخالفين.
يجب أن تشمل الحلول استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الرادارات الذكية لتتبع المخالفات وتعزيز الحملات التوعوية حول قواعد المرور.
وفيما يتعلق بحوادث القطارات، يجب تطوير البنية التحتية لصيانة السكك الحديدية وتحسين أنظمة الأمان باستخدام تقنيات حديثة للكشف عن أي خلل وإعداد برامج تدريب دورية للموظفين.
يجب أيضًا تطبيق قوانين صارمة على المركبات التي تتجاهل إشارات التحذير عند المزلقانات وتوعية الجمهور بأهمية الالتزام بهذه الإشارات.
وتبقى مشكلة حوادث المرور والسكك الحديدية أزمة تتطلب استجابة عاجلة وحلولا متكاملة تشمل جميع جوانب السلامة على الطرق.
يجب على جميع الأطراف المعنية من حكومات ومؤسسات وأفراد أن يعملوا معًا لضمان سلامة الطرق والحد من الحوادث المروعة التي تزهق أرواح الأبرياء بلا رحمة.