كانت جريدة الوفد ذات يوم رمزًا نضاليًا يجسد روح المقاومة ضد الاستعمار والاستبداد شكلت صوت الشعب المعبر عن طموحاته واحتياجاته في الأوقات العصيبة كان حزب الوفد وجريدته يمثلان شعلة الأمل للمواطن المصري الذي وجد في هذا الحزب حصنًا يدافع عن استقلاله وحقوقه
كما كانت الجريدة تمثل منصة حرة للحديث عن قضايا الشعب بكل جرأة دون خوف من الضغوط السياسية أو التهديدات.
أسس حزب الوفد على مبادئ الوطنية الحقة والعدالة الاجتماعية وكان الحامل لراية الحرية في وجه الأنظمة المستبدة كان يعبر بصراحة عن طموحات المواطن العادي ويرفض أي ممارسات تقيد حريته
وكانت الجريدة هي المرآة العاكسة لهذا النضال بفضل شجاعتها في تناول القضايا الشائكة والمثيرة للجدل التي تجاهلتها الصحف الأخرى كما استطاعت أن تتحدث بصوت عالٍ عن مشاكل الشعب ومعاناته اليومية بعيدًا عن حسابات السلطة.
ولكن يبدو أن جريدة الوفد لم تعد تحمل تلك الرسالة النبيلة التي أُنشئت من أجلها لقد تغيرت أولوياتها وتبدلت أجنداتها لتتماشى مع توجهات الحكومة الحالية
أصبح واضحًا أنها تخلت عن دورها كمدافع عن الشعب وتحولت إلى وسيلة لتلميع النظام وتبرير سياساته الفاشلة مهما كانت آثارها الكارثية على المواطن البسيط.
أصبحت الجريدة الآن تنشر أخبارًا سطحية تفتقر إلى المصداقية هدفها الأساسي ليس عرض الحقائق وإنما تهدئة الغضب الشعبي وتوجيه الرأي العام بعيدًا عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم يومًا بعد يوم بدلاً من أن تكون صوت الشعب وآخر تلك الأخبار ما تم نشره تحت عنوان “بشرى سارة.. تأجيل الزيادة القادمة للبنزين والسولار 6 أشهر”
حيث أصبحت الجريدة صوت النخبة والسلطة وتخدم مصالحها على حساب مصلحة المواطن الذي أصبح يعيش في دوامة من الفقر والغلاء.
زيادة أسعار البنزين والسولار التي تم الترويج لها مؤخرًا على أنها “بشرى سارة” هي مثال حي لهذا الانحراف عن المسار الصحيح كيف يمكن وصف قرار كارثي كهذا على أنه إيجابي في ظل معاناة المواطن اليومية من غلاء المعيشة؟
هذه الزيادة لا تمثل سوى عبء إضافي على كاهل الشعب الذي بات بالكاد يستطيع تلبية احتياجاته الأساسية ومع ذلك، تصر الجريدة على تزيين الفشل وتقديمه في قالب يبدو إيجابيًا.
الجريدة التي كانت رمزًا للمقاومة والحرية تحولت إلى أداة في يد السلطة لتجميل أزماتها والتغطية على فشلها الذريع في إدارة شؤون البلاد
لقد أصبحت الوفد مرآة مشوهة تعكس ما تريده السلطة بدلاً من ما يحتاجه الشعب ويرغب في سماعه من حقائق ومعلومات دقيقة وموثوقة.
ما يحدث الآن يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الصحافة الحرة في مصر هل ستعود جريدة الوفد إلى سابق عهدها كمنبر للشعب وصوت للمظلومين أم أنها ستظل غارقة في مستنقع تزيين الفشل؟
هل ستواصل السير في هذا المسار الذي يقوض مصداقيتها أم أنها ستستعيد مكانتها كأحد أعمدة الصحافة الحرة في مصر؟