تقاريرمصر

هدم التراث الأثري: حسني عبد ربه يختار المصلحة الشخصية على التاريخ

انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صور تكشف عن مأساة هدم قصر حسني عبد ربه لاعب الإسماعيلي ومنتخب مصر السابق في الإسماعيلية.

يعتبر هذا القصر أحد المعالم التاريخية التي تمثل تراثا معماريا فريدا. ورغم ذلك تم هدمه في ظل صمت محلي ودون تصريح رسمي من الجهات المعنية.

أثار هذا الحادث غضب العديد من أهالي الإسماعيلية الذين شهدوا عملية الهدم. يروي بعضهم كيف أن النجم الرياضي استغل انشغال الناس بمناسبة عيد الأضحى منذ سنوات لتدبير خطته.

انتشرت شائعات حول هدم القصر مما دفع المجتمع المحلي للاحتجاج. لكن عبد ربه لم يكترث لهذه الأصوات وقرر تنفيذ خطته.

أوضح الأهالي أن اللاعب كان حاضرا أثناء عملية الهدم. ظن البعض أنه جاء لتوزيع لحوم العيد. لكن الواقع كان أكثر صدمة حيث كان يشرف على عملية هدم القصر بنفسه.

وعندما حاول بعضهم توثيق الواقعة بالتصوير تعرضوا لملاحقة من قبل العمال التابعين له. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول غياب الأمن والمراقبة في تلك اللحظة.

يعود تاريخ القصر إلى حقبة ما بعد حفر قناة السويس، حيث تم تشييده خصيصا لعائلة يونانية. يمثل هذا القصر تحفة معمارية تحمل بصمة الطراز الفرنسي القديم.

تغيرت ملكية القصر عبر السنين وصولا إلى عبد الهادي الذي باعه للاعب مقابل 5 ملايين جنيه. ومع ذلك، كان هناك تقدير كبير من قبل السكان لثقافة هذا المعلم الأثري.

ما يدعو للتساؤل هو التصرفات المتناقضة لعبد ربه في نفس الفترة. فقد افتتح مسجدا في 2015 تحت اسم “نور الله” تخليدا لذكرى ابنته، مما يظهر تناقضا صارخا بين الأعمال الخيرية والهدم الممنهج للتراث.

كيف يمكن لنجم رياضي أن يحتفل بتخليد ذكرى ابنته في الوقت الذي يقوم فيه بتدمير قطعة فنية تاريخية؟

تتناقض الأفعال التي أقدم عليها حسني عبد ربه مع المعايير الأخلاقية والاجتماعية. يتساءل الكثيرون عن كيفية غياب المحاسبة.

لماذا لم يتم فرض أي عقوبات على اللاعب الذي استغل موقعه لتحقيق أهدافه الشخصية؟ يبدو أن الوضع يتطلب تدخلا عاجلا من قبل المسؤولين لحماية المعالم الأثرية.

في إطار الهدم، لم يكن حسني عبد ربه هو الشخصية المثيرة للجدل الوحيدة. فقد خرجت ابنته في يونيو 2022 لتهاجمه في فيديو على فيسبوك.

وكشفت عن تعرضها للتنمر والإيذاء من قبل والدها. هذا الوضع يعكس عمق الأزمة الأسرية التي يعيشها. فكيف يمكن للاعب كرة قدم أن يحقق النجاح المهني بينما يتخلى عن واجباته الأسرية؟

تظهر هذه الحادثة الجانب المظلم لحياة المشاهير، حيث يتوقع الجمهور منهم سلوكيات نموذجية.

تصريحات ابنته أعادت إلى الأذهان واقعة أخرى له عندما أجبر طفلا على خلع تي شيرت النادي الأهلي. تطرح هذه الأحداث تساؤلات حول تصرفاته وأخلاقياته.

يظهر من خلال هذا السيناريو أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في كيفية التعامل مع الشخصيات العامة في المجتمع.

فالأحداث الأخيرة كشفت عن نقص واضح في القيم الإنسانية والأخلاقية. كيف يمكن السماح لمثل هؤلاء الأشخاص بتحديد مصير التراث الثقافي والأثري في البلاد؟

التاريخ سيسجل هذا الحدث الكارثي كإحدى أكثر المواقف شجبا في تاريخ الإسماعيلية. تدمير القصر لم يكن مجرد هدم لمبنى، بل هو هدم لقيم وأخلاقيات عُرف بها المجتمع. لا بد من وقفة جادة أمام هذه التصرفات للحد من تكرارها مستقبلا.

يجب أن تكون هناك دعوة للتوعية حول أهمية الحفاظ على التراث الثقافي. وعلى المواطنين والإعلام التحرك للتعبير عن استيائهم من هذا الأمر. كيف يمكن أن نسمح بتدمير ما يعتبر جزءا من هويتنا وثقافتنا؟

الأهالي يطالبون بتحقيق شامل حول هذا الأمر. كما يجب أن تكون هناك مساءلة للمسؤولين الذين سمحوا بوقوع مثل هذه الجريمة. هذا الحدث هو بمثابة إنذار للجميع حول ضرورة حماية التراث والحفاظ على ما تبقى منه.

فإن هذه الحادثة تعكس أهمية أن يقف المجتمع معًا في مواجهة التجاوزات. كما أنها تؤكد على أهمية توعية الأجيال القادمة بقيمة التراث الثقافي والحضاري. فهل سيتعظ اللاعبون والمشاهير من هذا الدرس قبل فوات الأوان؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى