حصار على سفينة الموت .. مالطا تمنع سفينة متفجرات متجهة لإسرائيل بضغوط مقاطعة BDS
في خطوة غير مسبوقة أثارت ضجة كبيرة في الأوساط الدولية أصدرت الحكومة المالطية قرارًا جريئًا بمنع دخول السفينة “كاثرين” التي ترفع علم البرتغال إلى مياهها الإقليمية
هذه السفينة التي كانت قد انطلقت من فيتنام وهي محملة بثماني حاويات من المواد المتفجرة التي تستخدم في تصنيع القنابل شديدة الانفجار كانت في طريقها إلى إسرائيل
الأمر الذي سلط الضوء على تصاعد الضغوط الدولية التي تمارسها حركة مقاطعة إسرائيل BDS على دول العالم للحد من التواطؤ مع السياسات الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين
يأتي هذا التحرك من مالطا في ظل تزايد الحملات العالمية المناهضة لإسرائيل التي تقودها حركة BDS والتي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها حتى تنهي احتلالها الأراضي الفلسطينية وتعترف بحقوق الشعب الفلسطيني
لم يكن قرار مالطا وليد اللحظة بل جاء نتيجة لتحركات مستمرة وضغوط متصاعدة من الحركة على مدى السنوات الماضية لإيقاف أي شكل من أشكال الدعم غير المباشر الذي قد يسهم في تعزيز قدرة إسرائيل على استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين
السفينة “كاثرين” التي أثارت الجدل كانت تحمل في طياتها خطرًا يهدد بتصاعد العنف في المنطقة فقد تم التأكيد على أن الشحنة التي تحملها عبارة عن مواد تستخدم في تصنيع أسلحة ذات قوة تدميرية كبيرة
وهو ما يزيد من تعقيد الموقف ويجعل من القرار المالطي خطوة ضرورية ولكن في ذات الوقت غير متوقعة نظرًا لحساسية العلاقات الاقتصادية والسياسية بين دول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل
الإجراءات التي اتخذتها مالطا تعكس التغير المتزايد في مواقف الدول تجاه السياسات الإسرائيلية والتي باتت تواجه انتقادات متزايدة من قبل المجتمعات الدولية الضغوط الشعبية والحقوقية تتزايد يومًا بعد يوم
مما يضع الحكومات في موقف حرج يجبرها على اتخاذ خطوات تصعيدية في بعض الأحيان حتى لا تتهم بالتواطؤ مع الانتهاكات التي تحدث في الأراضي المحتلة
ما يزيد من أهمية هذا القرار هو التوقيت الحرج الذي جاءت فيه فالمنطقة تعيش حالة من التوتر الشديد والصراع الإسرائيلي الفلسطيني في تصاعد مستمر
مما يجعل أي خطوة تتعلق بدعم إسرائيل عسكريًا أو لوجستيًا موضوعًا حساسًا للغاية السفينة التي كانت في طريقها لإسرائيل تحمل بين حاوياتها شحنة ليست عادية بل أدوات الموت والدمار التي ستستخدمها إسرائيل في حربها ضد الشعب الفلسطيني
وهو ما يضع كل دولة تتورط في تسهيل مرور مثل هذه الشحنات في دائرة الاتهام بالمشاركة في الجرائم ضد الإنسانية
قرار منع السفينة من دخول المياه المالطية يشكل انتصارًا كبيرًا لحركة BDS التي تسعى منذ تأسيسها إلى تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه بعض الدول والشركات العالمية في دعم آلة الحرب الإسرائيلية
هذه الحركة التي بدأت كحملة بسيطة تطالب بمقاطعة البضائع الإسرائيلية أصبحت الآن قوة لا يستهان بها في الساحة الدولية
حيث نجحت في جذب الانتباه العالمي لقضية الاحتلال الإسرائيلي والضغط على الحكومات والمؤسسات لاتخاذ مواقف واضحة ضد ممارسات إسرائيل
لكن في المقابل يفتح هذا القرار الباب على مصراعيه أمام تساؤلات عدة حول تأثير هذه الضغوط على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين دول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل التي لطالما كانت مدعومة من الغرب
هل سيكون قرار مالطا بداية لتغيير أوسع في سياسات الدول الأوروبية تجاه إسرائيل أم أن هذه الخطوة ستبقى معزولة؟
هناك أيضًا تساؤلات حول الرد الإسرائيلي المتوقع تجاه هذه الخطوة فمن المعروف أن إسرائيل لطالما كانت حساسة تجاه أي قرارات تتعلق بعرقلة شحناتها العسكرية أو التجارية
وقد تتخذ إجراءات مضادة ضد مالطا أو حتى الاتحاد الأوروبي بشكل أوسع في محاولة لتخفيف الضغط الممارس عليها في السنوات الأخيرة
من ناحية أخرى يرى بعض المحللين أن هذه الخطوة المالطية قد تكون بمثابة رسالة تحذيرية لإسرائيل ولحلفائها في الغرب مفادها أن العالم لم يعد يقف مكتوف الأيدي
أمام ما يحدث في فلسطين وأن الضغوط الشعبية المتزايدة قد تجبر الحكومات على اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الانتهاكات الإسرائيلية
حركة BDS التي كانت سببًا رئيسيًا في هذا القرار لم تكن مجرد حركة احتجاجية بل هي جزء من جهد عالمي متواصل يسعى لتغيير ميزان القوى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر استخدام أدوات سلمية وشرعية مثل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات والحقيقة
أن هذه الحركة أصبحت الآن أكثر تأثيرًا مما كانت عليه في أي وقت مضى خاصة مع تزايد الدعم العالمي لها من قبل شخصيات بارزة ومنظمات حقوقية دولية
في النهاية يبقى السؤال حول ما إذا كان هذا القرار سيشكل سابقة لدول أخرى في الاتحاد الأوروبي وهل سيؤدي إلى زيادة الضغط على إسرائيل لعزلها دوليًا أم أن الأمور ستعود إلى طبيعتها مع مرور الوقت وتحركات دبلوماسية لتهدئة الموقف