في مشهد صادم وواقعة مأساوية تعكس مدى التدهور الذي وصل إليه قطاع الصحة في مصر تستغيث المواطنة سميرة سعيد إحدى مواطني مدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة من إهمال واضح وفساد متفشي داخل منظومة الصحة
وتوجه نداءً عاجلاً إلى الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان والدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة والدكتور السيد أحمد عبدالجواد وكيل وزارة الصحة بالبحيرة ومدير مستشفى الشاملة بكفر الدوار
في استغاثة مدوية تكشف عن فشل النظام الصحي في حماية المواطنين وتوفير خدمات صحية لائقة
سميرة سعيد كانت ضحية جديدة لمنظومة صحية فاشلة عندما توجهت إلى مستشفى الشاملة بمدينة كفر الدوار لاستخراج إيصال من أجل إجراء تحليلات دم RH الضرورية لصرف حقنة تثبيت الجنين
إلا أن ما واجهته داخل المستشفى من تلاعب وإهمال دفعها إلى رفع صوتها عالياً ضد هذا النظام الصحي المعطل والمتهالك لم يكن أمامها إلا أن تدفع 660 جنيهًا مقابل هذه الخدمة
رغم أن التحليل ذاته في المعامل الخاصة لا يتجاوز 230 جنيهًا مما يثير تساؤلات مشروعة حول أسباب هذا التضخم في الأسعار داخل مستشفى حكومي من المفترض أنه يقدم خدمات مدعمة للمواطنين البسطاء
الأمر لا يقتصر فقط على الفارق الكبير بين الأسعار بل يتعداه إلى التلاعب بالبيانات الرسمية حيث أن الإيصال الذي استخرجته السيدة لم يحتوي على تفاصيل واضحة أو دقيقة لم يتم تحديد المبلغ المدفوع أو تاريخ اليوم في الإيصال
بل كان مبهمًا في كل تفاصيله مما يجعل من المستحيل تتبع الأموال أو التأكد من مدى قانونية هذه الرسوم المدفوعة وهذا الوضع يكشف عن استغلال واضح للمواطنين في ظل غياب الرقابة والمساءلة
تجربة سميرة سعيد ليست حالة فردية بل هي جزء من صورة أكبر لواقع يعيشه المواطنون في كفر الدوار وربما في مناطق أخرى حيث أصبح من المعتاد أن يدفع المواطنون أموالاً طائلة مقابل خدمات من المفترض أن تكون مجانية أو بأسعار رمزية
وهذا ما يضع علامات استفهام كبيرة حول دور وزارة الصحة والمسؤولين في الرقابة على المستشفيات الحكومية وكيف يتمكن بعض العاملين فيها من استغلال المواطنين وابتزازهم ماليًا دون رادع
من المؤسف أن هذه الحادثة لم تكن مجرد سوء تفاهم أو خطأ إداري بل هي مؤشر على وجود خلل عميق في منظومة الصحة بكفر الدوار حيث أصبحت المستشفيات الحكومية ساحة للابتزاز المالي والتلاعب بالمواطنين
بدلاً من أن تكون ملاذًا آمنًا للحصول على العلاج اللازم بأسعار معقولة وبجودة مقبولة إن وجود إيصالات غير واضحة وغير موثقة يعتبر مخالفة جسيمة في نظام يجب أن يقوم على الشفافية والنزاهة والمحاسبةسميرة، التي لجأت إلى المستشفى بكامل ثقتها في الحصول على خدمة صحية تليق بمواطنة تعتمد على هذا المرفق العام،
كانت تأمل أن تكون العملية بسيطة وسريعة لكنها فوجئت باستخراج إيصال رسمي خالٍ من أي بيانات توضيحية يمكنها أن تشرح ما دفعته أو حتى توضيح تفاصيل اليوم الذي أصدِر فيه الإيصال.
ورغم أنها دفعت 660 جنيهًا مصريًا مقابل هذا التحليل، إلا أن الأمر الأكثر إثارة للاستغراب والغضب هو أن سعر التحليل في المعامل الخاصة لا يتجاوز 230 جنيهًا مصريًا، مما يثير الشكوك حول وجود تلاعب كبير في أسعار التحاليل داخل المستشفى.
الواقعة دفعت سميرة سعيد إلى إطلاق صرخة استغاثة عاجلة إلى الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، مطالبة بتدخل فوري وعاجل لوقف هذه التجاوزات والفساد الذي بات يشكل تهديداً مباشراً على حقوق المرضى.
كما توجهت بنداء عاجل إلى الدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة، والدكتور السيد أحمد عبد الجواد وكيل وزارة الصحة بالبحيرة، مطالبة بفتح تحقيق شامل وفوري في هذه الواقعة التي لم تعد حالة فردية بقدر ما تعكس واقعًا مريرًا يعيشه آلاف المرضى الذين يضطرون للتعامل مع مثل هذه المستشفيات.
المواطنة، التي أظهرت شجاعة كبيرة في فضح هذه التجاوزات، لم تكتفِ بمطالبتها بتوضيح الإيصال المبهم بل طالبت أيضًا بمراجعة عاجلة لأسعار التحاليل داخل المستشفى.
الفارق الصادم بين تكلفة التحليل داخل المستشفى وتكلفته في المعامل الخاصة، وهو فارق يتجاوز ثلاثة أضعاف، يثير العديد من التساؤلات حول مصير الأموال التي يتم جمعها من المرضى.
هل يتم تحويل هذه المبالغ إلى الجهة الصحيحة؟ أم أنها تقع ضحية لشبكة فساد إداري لا تعرف الرحمة في تعاملها مع المواطنين البسطاء؟
ورغم أن سميرة سعيد كانت تأمل في استجابة سريعة من الجهات المعنية، إلا أن التجربة القاسية التي مرت بها قد لا تكون الوحيدة في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها القطاع الصحي في مصر بشكل عام، وفي محافظة البحيرة بشكل خاص.
المستشفيات الحكومية، التي من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للمواطنين الباحثين عن رعاية صحية مناسبة، باتت تعاني من تراكم المشاكل الإدارية والفساد الذي ينعكس بشكل مباشر على الخدمات المقدمة للمرضى.
حالات الإهمال الطبي والفساد المالي تتزايد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وتكشف عن خلل عميق في منظومة الرعاية الصحية.
القضية التي فجرتها سميرة سعيد تفتح الباب على مصراعيه أمام التساؤلات حول مدى استعداد المسؤولين لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد الفساد والتسيب داخل المؤسسات الطبية.
هل ستتخذ وزارة الصحة والسكان خطوة فعلية لمعالجة هذا الخلل الواضح؟ وهل سيتحرك المسؤولون في محافظة البحيرة لفتح تحقيق جاد وشامل يضمن محاسبة كل من يثبت تورطه في هذه القضية؟ أم أن هذه الواقعة ستنضم إلى قائمة طويلة من الشكاوى التي لم تجد استجابة حقيقية على الأرض؟
المرضى الذين يلجأون إلى المستشفيات الحكومية في مصر يعانون يوميًا من عقبات لا حصر لها تبدأ من سوء المعاملة وتنتهي بتكاليف باهظة غير مبررة، والأخطر من ذلك هو الشعور باللاجدوى والإحباط عندما يصطدمون بجدار من الفساد وعدم المسؤولية.
حالة سميرة سعيد ليست مجرد حالة فردية بل هي جزء من منظومة معطلة تحتاج إلى تدخل عاجل، ليس فقط لحماية حقوق المرضى بل لإنقاذ حياة أولئك الذين لا يجدون أمامهم بديلاً سوى اللجوء إلى هذه المستشفيات، رغم علمهم المسبق بأنهم قد يتعرضون للابتزاز أو الإهمال.
هذه الواقعة المؤلمة تستدعي ضرورة فتح نقاش جاد حول مستقبل القطاع الصحي في مصر، والإصلاحات العاجلة التي يجب أن تبدأ من أعلى مستويات السلطة وصولًا إلى أصغر تفصيل في تقديم الخدمات الصحية.
هل يمكن للمواطنين أن يثقوا بعد الآن في المستشفيات الحكومية؟ وهل سيظل الفساد والإهمال واقعًا مفروضًا على المرضى البسطاء؟ الأسئلة كثيرة والإجابات لا تزال غائبة في ظل عدم وجود تحرك حقيقي لمعالجة هذه المشاكل المتفاقمة.
على الجهات المختصة الآن مسؤولية كبيرة في إعادة النظر في كل التفاصيل المتعلقة بالخدمات الصحية، بدءًا من تسعير التحاليل والفحوصات وصولًا إلى محاسبة المسؤولين عن إصدار إيصالات مبهمة لا تخدم سوى الفساد والمستفيدين منه.
والوقت الآن أكثر من أي وقت مضى، للتحرك السريع من أجل ضمان حق المواطنين في الحصول على خدمات صحية محترمة، في إطار من الشفافية والمساءلة