تقاريرحوادث وقضايا

صراع الكلاب والشتائم: معركة نفوذ تهز منتجع الشيخ زايد

في ليلة هادئة ككل الليالي الأخرى في منتجع الشيخ زايد الفاخر، وقع حادث غير متوقع هز أركان المكان.

بدأ الأمر بصوت نباح كلبين يتصارعان، مما أزعج سكون الليل وأحدث جلبة سمعها الجميع.

كان الحدث بسيطاً في بدايته، لكن سرعان ما تحول إلى مسرحية درامية بين قوتين، تتبادلان الشتائم والاتهامات والتهديدات بشكل غير مسبوق.

ففي تلك الليلة، خرجت المذيعة الحديدية تتجول بكلبها المدلل بين الفيلات الفخمة، متبخترة بثقتها المعهودة.

ولكن فجأة، ومن دون سابق إنذار، هجم كلب من إحدى الفيلات المجاورة على كلبها. الشاب صاحب الكلب حاول السيطرة على الموقف، فأمسك بكلبه قبل أن يتفاقم الاشتباك، لكن الأجواء توترت.

هنا، انفجرت المذيعة كبركان، وانهالت على الشاب بوابل من الشتائم، معتبرة أن نفوذها يكفي لإخضاع أي خصم.

الشتائم لم تتوقف، بل امتدت إلى توبيخ شديد اللهجة، وكأنها اعتادت أن تكون الكلمة الأخيرة دائماً لها.

الشاب، بدوره، حاول التهدئة، لكن ذلك لم يشفع له أمام سيل من الإهانات المتواصلة.

ولم يكن يتوقع أحد أن تتفاقم الأمور إلى هذا الحد، ولكن تدخل والدة الشاب أشعل فتيل المواجهة.

خرجت الأم من فيلتها، وكأنها خرجت للدفاع عن ابنها وعن كرامتها الشخصية، فردت على المذيعة بنفس الحدة، بل زادت في توبيخها.

لم تكتفِ الأم بذلك، بل وجهت انتقادات لاذعة للمذيعة، واتهمتها بعدم احترام نفسها وارتداء ملابس غير لائقة. الموقف خرج عن السيطرة، وتحولت المواجهة إلى ساحة صراع لفظي مفتوح على كل الأصعدة.

المذيعة، التي وجدت نفسها محاصرة بكلمات الأم الجارحة، لم تجد مخرجًا سوى الهروب.

هرولت مسرعة هي وكلبها إلى داخل فيلتها، وكأنها تُهزم للمرة الأولى في حياتها، تاركة خلفها ساحة معركة لم تنتهِ بعد.

الجميع كان يراقب بصمت، فالحدث تجاوز حدود الخلاف بين كلبين، وتحول إلى استعراض للقوة والنفوذ بين شخصيات من الطبقة المخملية.

ولكن ما يثير الانتباه في هذه الحادثة هو حجم انتشار الكلاب في المجتمع المصري. ففي آخر إحصائية صدرت في عام 2023، وصل عدد الكلاب التي تعيش مع الأسر في المنازل إلى مليون كلب.

هذا الرقم يُظهر زيادة هائلة مقارنة بعام 2016، حيث كان العدد يبلغ ألفي كلب فقط.

ومع مرور السنين، قفز العدد بشكل غير متوقع ليصل إلى 800 ألف كلب في 2019، وها نحن في 2023 وقد تجاوزنا المليون.

ولا يتوقف الأمر عند الكلاب المنزلية فقط، بل يمتد إلى كلاب الشوارع التي أصبحت تشكل ظاهرة ملحوظة في كل مكان.

فعدد الكلاب الضالة في مصر وفقاً لجمعية الرفق بالحيوان يقدر بـ 30 مليون كلب، موزعة على جميع محافظات الجمهورية.

وفي الوقت نفسه، تقدر مصادر أخرى أن العدد أقل قليلاً، حيث يبلغ نحو 19 مليون كلب، لكن سواء كان الرقم هذا أو ذاك، فإن حجم المشكلة لا يمكن تجاهله.

وقد أدت هذه الزيادة الهائلة في عدد الكلاب، سواء كانت منزلية أو ضالة، إلى تصاعد في حالات العض بين المواطنين.

فوفقاً لتصريحات وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، فإن محافظات القاهرة، الجيزة، والبحيرة هي الأعلى من حيث تسجيل حالات تعرض للعقر من الكلاب الضالة.

الأمر الذي دفع الوزارة إلى زيادة ميزانيتها لتوفير الأمصال المضادة لعضات الكلاب.

في عام 2019، بلغت تكلفة هذه الأمصال نحو 146 مليون جنيه، ولكن الرقم ارتفع إلى 151 مليون جنيه في 2022، مع توقعات بزيادة أكبر في المستقبل، ربما تصل إلى 500 مليون جنيه.

هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر، وتضع أمام الحكومة تحديات هائلة لمواجهة تداعيات هذه الظاهرة المتزايدة.

ما حدث في منتجع الشيخ زايد ليس مجرد مشاجرة بين شخصين على خلفية حادثة بسيطة.

إنها تعكس صورة أوسع لمجتمع يزداد فيه حجم تربية الكلاب، وتتعاظم فيه مشكلات الكلاب الضالة، ومعها ترتفع التوترات الاجتماعية والاقتصادية.

الحادثة كشفت عن هشاشة العلاقات الاجتماعية حتى في الأحياء الراقية، حيث تتحول المواقف البسيطة إلى مواجهات تعكس استعراضات نفوذ وقوة.

ما بين الشتائم والتهديدات، والمشاجرات الكلامية، يبقى التساؤل: إلى أين ستأخذنا هذه الصراعات المتصاعدة؟

وهل سيشهد المجتمع مستقبلاً مشهدًا أكثر تعقيدًا بين أفراد يتصارعون على النفوذ والمكانة، بينما تتحول الكلاب من رفيق إلى محور صراعات لا تنتهي؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى