تقارير

حوض النيل على حافة الانهيار: صراع المصالح يتجدد من جديد

أعلنت مبادرة حوض النيل دخول الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل عنتيبي حيز التنفيذ بشكل رسمي لتحدث زلزالًا في العلاقات بين الدول المعنية.

في الوقت الذي تحتفل فيه إثيوبيا ببدء سريان الاتفاقية، تقف مصر والسودان في وجه العاصفة، مؤكدتين عدم التزامهما بها بسبب انتهاكها القانون الدولي.

الصراعات حول المياه تأخذ منحنى جديدًا بعد نحو عشر سنوات من المفاوضات التي كانت تُعتبر من أكثر المفاوضات تعقيدًا في التاريخ الحديث.

ففي بيان رسمي، أكدت مفوضية حوض النيل التي تضم عشر دول، سريان الاتفاقية كخطوة تاريخية تُعتبر علامة فارقة في تاريخ التعاون بين الدول.

ورغم ترحيب المفوضية، تصاعدت حدة الانتقادات من مصر والسودان، حيث تُعتبران من الدول الأكثر تأثرًا بالقرارات التي تم اتخاذها. توترات جديدة تتجلى في الأفق، مما يهدد استقرار المنطقة.

تزعم مفوضية حوض النيل أن الاتفاق يهدف إلى تصحيح اختلالات تاريخية في توزيع مياه النيل.

لكن تصريحاتها تكشف عما هو أبعد من ذلك، إذ يُفهم من سياقها أن الدولتين المصبتين تسعيان لفرض نفوذهما على موارد النهر.

ومع ذلك، تبقى مصر والسودان على موقفهما الراسخ في رفض الاتفاق، ما يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل التعاون بين هذه الدول.

فاجتمع الأمل والإحباط، حيث صدقت ست دول من أصل عشر على الاتفاق، ومن بينها إثيوبيا ورواندا وأوغندا، بينما واصلت مصر والسودان التحدي.

تكتسب هذه القصة طابعًا دراماتيكيًا بمرور الوقت، حيث تتزايد المخاوف من تأثير هذا الاتفاق على دول المصب، التي تعتمد بشكل كبير على نهر النيل في مواردها المائية.

الأمور تزداد تعقيدًا مع تفجر الخلافات بين الدول الموقعة على الاتفاقية، ما أدى إلى تأجيل قمة حوض النيل التي كان من المقرر عقدها في 17 أكتوبر.

ورغم الغموض الذي يكتنف أسباب التأجيل، إلا أن التصريحات الرسمية تشير إلى وجود توترات وخلافات داخلية قد تؤدي إلى مزيد من الانقسامات.

عند النظر إلى تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، نجد أنه يعتبر سريان الاتفاق خطوة مهمة لتحقيق استخدام عادل لموارد النيل.

عبر منصة إكس، وصف آبي أحمد يوم 13 أكتوبر بأنه نهاية رحلة طويلة نحو تحقيق التوزيع العادل لمياه النيل. هذه التصريحات تحمل في طياتها الكثير من التحديات والتصعيد، مما ينذر بمزيد من التوترات.

يُعتبر التفعيل الرسمي للاتفاقية نقطة تحول تاريخية في تعزيز التعاون بين دول حوض النيل، كما أشار آبي أحمد في تصريحاته.

ومع ذلك، يبدو أن الدول الأخرى غير الموقعة على الاتفاق ليست مستعدة للتخلي عن حقوقها. هنا يكمن لب الصراع، حيث يبدو أن رؤية بعض الدول تتعارض تمامًا مع مصالح الدول الأخرى.

أمام هذا التصعيد، جاءت تصريحات وزير الري والموارد المائية المصري هاني سويلم لتسلط الضوء على الأبعاد القانونية للأزمة.

فقد أكد على ضرورة موافقة كل الدول المعنية على أي اتفاق يتعلق بالأنهار المشتركة، مُشيرًا إلى وجود بنود في الاتفاقية تتعارض مع القانون الدولي. هذا الموقف يعكس قلق مصر من أي مساس بحقوقها المائية.

هاني سويلم لم يتردد في التأكيد على أن مصر لن تتنازل عن أي متر مكعب من مياه النيل، مشددًا على أهمية أن يكون التعاون مبنيًا على شمولية تمثيل دول الحوض.

ومن هنا، تتضح معالم الصراع القائم بين دول حوض النيل، حيث تبرز مصر كداعم رئيسي للحقوق المائية في وجه اتفاقية عنتيبي.

مصر والسودان، من جانبهما، أكدت في بيان رسمي أن مفوضية الدول الست الناشئة عن الاتفاق الإطاري لا تمثل حوض النيل.

هذا الموقف يعكس قلقهما من عدم قدرتهم على التأثير في قرارات قد تضر بمصالحهما. وفي ظل استمرار التوترات، تبقى المشاهد التالية في هذه القصة غامضة، حيث يُتوقع أن تتصاعد الخلافات أكثر.

الأسئلة التي تطرح نفسها هي: هل ستستمر الصراعات حول المياه في تصعيدها؟ هل سيتحقق السلام والتعاون بين دول حوض النيل؟

أو أن التاريخ سيعيد نفسه بطرق مأساوية؟ التوترات الحالية تشير إلى مستقبل مظلم يتطلب حلولًا عاجلة ودبلوماسية حقيقية.

ويبدو أن الأزمة لن تنتهي قريبًا، والأوضاع الراهنة تشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن المائي لدول حوض النيل. إن تطورات الأيام المقبلة قد تعيد تشكيل العلاقات بين هذه الدول بشكل جذري.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى