شيخ الأزهر: العالم في قبضة الفوضى الدولية بغياب الأخلاق والقوانين العادلة
أطلق شيخ الأزهر أحمد الطيب تحذيراً حاداً يعكس الصورة القاتمة التي وصل إليها المجتمع الدولي في ظل فوضى عالمية تجتاح مختلف الأصعدة
مؤكداً أن هذه الفوضى تكمن في هيمنة القوى الكبرى التي تملك المال والسلاح وتسيطر على الإعلام وتملي على العالم توجهاتها وأجنداتها من دون أي رادع أو حسيب أو رقيب من القوانين الدولية أو المنظومات الأخلاقية
وأشار الشيخ أحمد الطيب إلى أن هذه الحالة العالمية المأساوية تمثل انحرافاً صارخاً عن القيم الإنسانية والمبادئ التي يفترض أن تظل الأساس الراسخ في تنظيم العلاقات بين الدول والشعوب
موضحاً أن ما يحدث اليوم هو تلاعب سافر بكل القيم المتعارف عليها لتحقيق مصالح ضيقة وفردية على حساب ملايين البشر الذين يدفعون الثمن من حياتهم واستقرارهم ومستقبلهم
يضيف الشيخ الطيب أن هذه القوى العالمية تمارس ظلمها واستبدادها بكل وقاحة أمام مرأى ومسمع العالم
دون أن تجد أي ردع حقيقي من المؤسسات الدولية التي كان من المفترض أن تكون هي حامية الحقوق والمدافعة عن المظلومين لكنها أصبحت عاجزة أو ربما متواطئة مع تلك القوى المهيمنة
ويرى شيخ الأزهر أن القانون الدولي قد أصبح ضعيفاً وعاجزاً عن أداء دوره الأساسي في منع العدوان وحماية الشعوب موضحاً أن هذا الضعف ليس مجرد صدفة
بل هو نتيجة مباشرة للمصالح المتشابكة بين الدول الكبرى التي تعمل دائماً على تكييف هذه القوانين
بما يخدم مصالحها ويمكّنها من مواصلة سيطرتها المطلقة على مقدرات الشعوب دون خوف من العقاب أو المحاسبة
وفي هذا السياق أشار الشيخ أحمد الطيب إلى أن الوضع القائم يفرض على العالم ضرورة مراجعة هذه المنظومة القانونية بشكل عاجل إذ لم يعد من المقبول الاستمرار في هذا المسار الذي يزيد من معاناة الشعوب
ويعزز من حالة الظلم والاضطهاد التي تتعرض لها مناطق كثيرة من العالم واعتبر أن استمرار هذا الوضع لا ينذر إلا بمزيد من الفوضى والتدمير ويهدد بحدوث كوارث كبرى ستطال الجميع بلا استثناء
وأوضح أن هذه الفوضى العالمية لا تقتصر على السياسة فقط بل تشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والإعلامية أيضاً مشيراً إلى أن الإعلام العالمي أصبح جزءاً من أدوات الهيمنة التي تستخدمها القوى الكبرى للتلاعب بعقول الناس
وتوجيه الرأي العام العالمي بما يتناسب مع مصالحها الخاصة دون اعتبار للحقيقة أو للعدالة
وأكد شيخ الأزهر أن الإعلام الذي يفترض أن يكون صوت الحقيقة والعدالة والوسيلة التي تنير العقول وتوجه الرأي العام نحو الحق أصبح للأسف أداة لخداع الشعوب ونشر الأكاذيب وترويج الحروب وتحقيق الأجندات المشبوهة
وفي ظل هذا الواقع المؤلم طالب الشيخ أحمد الطيب العالم بضرورة إعادة النظر في المفاهيم الأخلاقية التي يتم التعامل بها في العلاقات الدولية
مشيراً إلى أن الأخلاق ليست مجرد شعارات جوفاء تُرفع في المناسبات بل هي الأساس الذي يجب أن يُبنى عليه كل نظام عالمي حقيقي
وأكد الشيخ الطيب أن القيم الإنسانية والأخلاقية ليست حكراً على دين أو ثقافة بعينها بل هي مبادئ عالمية يجب أن يتفق عليها الجميع ويعملون على حمايتها
لأن البديل عن ذلك هو عالم تسوده القوة فقط حيث يفرض القوي إرادته على الضعيف دون أي اعتبار لحقوقه أو لكرامته الإنسانية
وأشار إلى أن العالم اليوم في حاجة ماسة إلى زعماء يتحلون بالمسؤولية الأخلاقية والقيم الإنسانية والعدل
مؤكداً أن أي زعيم لا يمتلك هذه المبادئ لا يمكنه أن يقود شعبه أو أمته نحو مستقبل أفضل لأن القيادة ليست مجرد منصب أو سلطة بل هي أمانة ومسؤولية تجاه الإنسانية جمعاء
وفي نهاية كلمته شدد شيخ الأزهر على أن الشعوب أيضاً تتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الفوضى العالمية
مشيراً إلى أن الشعوب لا يمكن أن تكون مجرد ضحية للقوى الكبرى بل يجب أن تتحمل مسؤوليتها في المطالبة بحقوقها
وفي السعي نحو تغيير هذا الواقع المؤلم وذلك من خلال الوحدة والعمل المشترك والتضامن الدولي في مواجهة الظلم والعدوان والفساد
وأضاف الشيخ الطيب أن الأمة الإسلامية على وجه الخصوص تقع عليها مسؤولية أكبر في هذا المجال لأن الإسلام دين يقوم على العدل والرحمة واحترام حقوق الإنسان
مشيراً إلى أن الشعوب الإسلامية يجب أن تكون في طليعة المدافعين عن هذه القيم وأن تعمل على بناء مجتمعات قوية قائمة على العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان حتى تكون نموذجاً يُحتذى به في العالم
ودعا في ختام حديثه إلى ضرورة التحلي بالأمل والتفاؤل رغم هذه التحديات الهائلة مؤكداً أن التغيير ممكن إذا توفرت الإرادة والعزيمة والتمسك بالقيم والمبادئ الصحيحة
مشيراً إلى أن التاريخ مليء بالأمثلة التي تؤكد أن الشعوب التي تمتلك الإيمان بقضيتها لا يمكن لأي قوة أن تقهرها
يختتم شيخ الأزهر حديثه بعبارات تحمل في طياتها الأمل والتحذير في آن واحد حيث يشير إلى أن العالم اليوم يقف على مفترق طرق بين طريق الفوضى والتدمير الذي تسلكه القوى الكبرى وطريق الإصلاح والتغيير الذي يتطلب من الجميع تحمل المسؤولية والعمل المشترك