الدكتور عصام ملكاوي: حرب محتملة في الأفق بسبب تصعيد إسرائيلي كارثي نحو إيران
أعلن الدكتور عصام ملكاوي أستاذ الدراسات السياسية عن حالة من الارتباك والانزعاج تسود الأجواء الإسرائيلية بشأن القدرات العسكرية المرتبطة بالخطط الهجومية ضد إيران في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة وقد بات من الواضح أن تل أبيب تتراجع تدريجياً عن تهديداتها السابقة التي كانت تستهدف ضرب المنشآت النفطية الإيرانية وهو ما يعكس تخبطاً واضحاً في الاستراتيجية الإسرائيلية
في حديثه أشار ملكاوي إلى أن التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحمل في طياتها دلالات عميقة فهي ليست مجرد كلمات عابرة بل تعكس محاولة يائسة لتهدئة الشارع الإسرائيلي الذي يزداد صوتاً وصخباً مطالباً بردود فعل صارمة تجاه إيران عقب سلسلة من الهجمات التي أزعجت الكيان الصهيوني ودفعته لتغيير نبرته تجاه طهران فقد أصبح من الغريب أن تعلن إسرائيل عن الأهداف التي تخطط لاستهدافها علناً وكأنها تسلمت مفاتيح الشجاعة بينما تترقب ردود الفعل من الطرف الآخر
ومع تصاعد الضغوط الداخلية في إسرائيل يستشعر ملكاوي خطراً حقيقياً يتمثل في قدرة إيران على الرد بحسم وقوة إذا ما تعرضت لاعتداء نووي إسرائيلي فالنظام الإيراني لن يتوانى عن استخدام ترسانته النووية دفاعاً عن وجوده في حال شعر بخطر وجودي نتيجة لأي عمل عدائي من جانب تل أبيب وهذا يثير تساؤلات حول جدوى التصعيد العسكري في الوقت الذي يتعين فيه على إسرائيل أن تعيد النظر في استراتيجياتها
أكثر من ذلك أضاف ملكاوي أن الأهداف الإسرائيلية تتجاوز مجرد تدمير المنشآت العسكرية الإيرانية فإسرائيل تسعى لنسف المشروع السياسي الإيراني الذي يمد جذوره في المنطقة عبر دعمها لجماعات مثل الحوثيين وحزب الله وهو أمر يتطلب من المجتمع الدولي الانتباه والتدخل فالعملية ليست مجرد صراع عسكري وإنما هي لعبة قوى تسعى من خلالها إسرائيل لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحها الخاصة
تتزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية للقيام بعمل عسكري حاسم ضد إيران في وقت تزداد فيه حدة الانقسامات الداخلية حول كيفية التعامل مع هذا التحدي الكبير في ظل عدم اليقين الذي يحيط بالتحركات العسكرية الإسرائيلية يتضح أن الأمور لا تسير وفق ما خطط له البعض بل تشير إلى واقع أكثر تعقيداً وخطورة
في الوقت الذي تعاني فيه إسرائيل من ضغوط داخلية تدعو للانتقام تبرز قضايا جديدة تتعلق باستراتيجيات إيران في المنطقة وبالطبع لا يمكن تجاهل الدعم الذي تقدمه إيران لجماعات مسلحة تثير الفوضى وتعزز من نفوذها في بلدان مجاورة مما يزيد من قلق تل أبيب ويعكس حالة من الاستنفار العسكري والأمني داخل حدودها
من الضروري على صناع القرار في تل أبيب أن يدركوا أن الموقف الإيراني ليس وليد اللحظة بل هو نتاج سنوات من التخطيط الاستراتيجي المدروس فالإيرانيون لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي اعتداء محتمل بل سيبحثون عن وسائل للدفاع عن أنفسهم وبالتأكيد سيسعون لتوجيه ضربات مضادة قد تكون مدمرة وهذا ما يجعل الوضع أكثر خطورة وتعقيداً
إن المحاولات الإسرائيلية للعب على وتر الهجمات والتصعيد العسكري قد تعود بعواقب وخيمة فالعالم يراقب عن كثب ما يحدث في المنطقة والتطورات السياسية والعسكرية قد تفضي إلى صراعات جديدة تعيد رسم خرائط التحالفات وتؤدي إلى تغييرات جذرية في موازين القوى في الشرق الأوسط
في النهاية يتضح أن إسرائيل تعيش حالة من الارتباك والصراع الداخلي فبينما يسعى قادتها لتحقيق إنجازات عسكرية تستند إلى تهديدات جوفاء يصبح من الضروري عليهم أن يدركوا أن أي تحرك عسكري قد يتسبب في إشعال فتيل صراع أكبر من قدرتهم على السيطرة عليه وعليه فإن المسار الذي تسلكه إسرائيل يواجه مستقبلاً مظلماً يتطلب إعادة تقييم شاملة لسياساتها في المنطقة واستراتيجياتها العسكرية قبل أن تجر نفسها إلى هاوية لا يمكن الرجوع منها