كارثة الجلالة: 12 روحًا تُزهق بسبب تهور سائق مدمن مخدرات
في ليلة من ليالي الكارثة كان الأمل يلوح في الأفق لطلاب يسعون إلى تحقيق أحلامهم الجامعية وداخل حافلة يملؤها الحماس والرغبة في التعلم
لم يكن أحدهم يتخيل أن هذه الرحلة ستتحول إلى جحيم لا يُطاق وأن قلوبهم ستُحطم في لحظة واحدة عندما تكتسحهم مأساة فاجعة.
بينما كانوا يستعدون للعودة من الجامعة كان السائق يقود الأتوبيس بسرعة جنونية لا تعكس أية مسؤولية بل تعبر عن تهور لا يرحم حين مر عبر منعطف خطر كان يبدو كما لو أنه يستفز مصيرهم حيث انقلبت العجلات على جانب الطريق لتبدأ الفوضى.
في تلك اللحظة تجمد الزمن وحطمت أصوات الصرخات آذان الجميع ودخل الجميع في دوامة من الخوف والذهول.
12 روحًا زهقت في لحظة عنفوان عابث أضافت أعباءً جديدة إلى مشهد مأساوي مألوف تعود عليه المصريون.
بينما قُدّر للنيابة العامة أن تتحرك بجدية حازمة في مواجهة هذه الكارثة حيث قررت حبس السائق الذي ارتكب جريمته دون أي تفكير في العواقب. في أربعة أيام حبس احتياطي تنتظره لتحقيقات مكثفة تكشف عن حقيقة ما جرى.
تحقيقات النيابة لم تكتفِ بمظهر الحادث بل انطلقت لتفحص كل التفاصيل الدقيقة في تراخيص الأتوبيس والسائق، وعُين مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي على جثامين الضحايا.
من هم هؤلاء الذين فقدوا حياتهم في لحظة؟ ما هي ظروفهم؟ لقد حانت لحظة معرفة الأسباب وراء هذا الحادث الأليم وتبيان كيف تم إهمال كل معايير السلامة.
كما تفجرت حقيقة صادمة حول طبيعة الأتوبيس الذي انطلق بهم نحو المجهول حيث تبين أنه لا يتبع الجامعة المعنية، بل هو مجرد وسيلة نقل خاصة اجتمع الطلاب على الاتفاق مع صاحبها.
إنهم يكافحون من أجل التعليم والنجاح لكنهم وقعوا ضحية لعدم الاكتراث بالمخاطر التي قد تلاحقهم في كل رحلة.
شهدت التحقيقات صراعات داخلية، حيث أنكر السائق كل الاتهامات الموجهة إليه، لكن التحليل الأولي الذي أُجري له كان صادمًا إذ أظهر تعاطيه لمواد مخدرة تضعه في مرمى الشك والريبة.
هل يُعقل أن يضع حياته وحياة الآخرين في أيدي المخدرات؟ أصبح السائق الآن هدفًا لأسئلة لا تنتهي ونقاشات حول خطورة التعامل مع المراهقين والطلاب دون مراعاة لشروط السلامة المطلوبة.
تلك الحادثة لم تكن مجرد واحدة من بين آلاف الحوادث التي شهدتها مصر، بل كانت حلقة جديدة في سلسلة من المآسي التي تتكرر كل يوم.
أرقام صادمة تشير إلى وفاة 5861 شخصًا في حوادث الطرق عام 2023 بمعدل يفوق الـ 7762 في عام 2022.
مع ارتفاع عدد الإصابات إلى نحو 71 ألف إصابة في عام واحد. إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات بل هي أرواح تسقط في بحر من الإهمال والفوضى.
كل لحظة في حياة الطلاب كانت محسوبة والآن تتوقف الساعات على وقع الكارثة، الأهل في حالة صدمة وأقارب الضحايا يواجهون فقدانًا لا يمكن تعويضه.
المأساة ليست فقط في فقدان الحياة، بل في الفوضى التي أعقبتها، في حالة الفوضى التي يعيشها المجتمع حيث باتت الحوادث هي العنوان الرئيسي لحياة الناس.
مع استمرار التحقيقات يتضح أن الفوضى لا تقتصر على السائق أو الأتوبيس بل تتعدى ذلك إلى نظام النقل بأكمله، حيث غابت المسؤولية وتم التلاعب بحياة البشر وكأنها مجرد أرقام.
لقد حان الوقت لتفعيل إجراءات صارمة تُعيد الهيبة إلى طرقاتنا وتضع حدًا لهذه الفوضى التي تكتسح حياة الشباب.
أين المسؤولون عن حماية أرواح الناس؟ كيف يمكن أن يظل المواطنون ضحايا لغياب المعايير التي تحميهم؟
إن القضايا لا تتوقف عند الأرقام بل تحتاج إلى وقفة جادة وفورية تتناول أصل المشكلة وتفكك خيوطها العنكبوتية التي تربط الإهمال بالمخاطر.
هذا الحادث كان جرس إنذار لكل من يسير على الطرقات، تذكير بأن حياة الإنسان لا تُقدر بثمن وأن السلامة ليست خيارًا بل ضرورة.
فهل سنستمر في انتظار الكارثة القادمة أم أن هناك من سيتحرك قبل فوات الأوان لردع الفوضى وحماية الأرواح؟