سميحة أيوب تحذر: إزالة المسرح العائم جريمة ثقافية لا تغتفر
تجري في الأوساط الفنية المصرية موجة من الاستياء والغضب العارم عقب الأنباء المتداولة عن الإزالة المرتقبة للمسرح العائم الأمر الذي أثار ضجة لا يمكن تجاهلها
فالحديث عن هذا الصرح الثقافي والفني التاريخي ليس مجرد تفاصيل عابرة بل هو حديث عن هوية وثقافة وطن عريق يمتلك تراثا فنيا فريدا
تتجسد فيه قيم الإبداع والابتكار والمقاومة أمام قوى التدمير الثقافي التي تسعى لطمس الهوية الحقيقية للفن المصري
الفنانة القديرة سميحة أيوب التي تُلقب بـسيدة المسرح العربي لم تتردد في توجيه نداء استغاثة إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي من أجل التدخل لوقف هذا القرار الذي اعتبرته إهانة للثقافة والفن المصري الذي يواجه تحديات عدة
في ظل الأوضاع الراهنة مطالبةً بضرورة تعزيز البنية التحتية الثقافية من خلال إنشاء مسارح جديدة بدلاً من هدم المرافق القائمة التي تحمل تاريخا يمتد لأكثر من سبعين عامًا
المسرح العائم الذي يقع في حي المنيل بجوار نهر النيل يعد أحد أبرز العلامات الفارقة في تاريخ الفن المصري فهو ليس مجرد مسرح عادي بل هو مساحة فنية شهدت لحظات تاريخية واحتضنت عمالقة الفن المصري والعربي على خشبته
وقد أسست فرقة المسرح الكوميدي العريقة هناك عام 1963 ليصبح منبرًا للعديد من الروائع المسرحية التي ستبقى محفورة في ذاكرة الوطن
لكن الموقف الراهن يحمل في طياته حالة من الضبابية حيث لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الثقافة المصرية
فيما يتعلق بالقرار المرتقب لإزالة المسرح العائم في حين يتزايد القلق في صفوف الفنانين والمثقفين
الذين عبروا عن مخاوفهم عبر منصات التواصل الاجتماعي مطالبين بالحفاظ على هذا الإرث الفني الذي يعد شاهدا على تاريخهم وعلى إنجازاتهم
تشير بعض الأنباء إلى أن مسؤولين من جهات رسمية قد قاموا بزيارة المسرح عدة مرات بداعي دراسة مساحة المكان
لكن دون أن يُفصح عن الهدف الحقيقي لهذه الزيارات مما يزيد من الشكوك حول نوايا السلطات تجاه هذا المعلم الثقافي
ويستمر الجدل في التحليق فوق منصات التواصل حيث أثار الفنان محمد علي رزق جدلاً واسعاً بتساؤله عن صحة الأخبار المتداولة حول هدم المسرح العائم
مما ألقى بمزيد من الضوء على الأبعاد الثقافية والاجتماعية لهذه القضية المتفجرة فالأمر لا يتعلق فقط بإزالة مبنى ولكنه يتعلق بهدم جزء من الذاكرة الثقافية المصرية
يجب أن ندرك جميعا أن المسرح العائم ليس مجرد مكان للعرض بل هو فضاء يحمل في جنباته صدى الضحكات والأحزان والذكريات
حيث ارتبطت به أجيال من الفنانين والجماهير الذين شهدوا لحظات لا تُنسى خلال الفعاليات الفنية والثقافية المختلفة
إن هدم المسرح العائم سيمثل ضربة قاضية للجهود المبذولة للحفاظ على الثقافة والفن في مصر في وقت يتزايد فيه التأثير السلبي للعوامل الاقتصادية والسياسية على المشهد الفني
وقد أشار الكثيرون إلى أهمية الوعي المجتمعي والتحرك الجماعي للحفاظ على هذا المعلم الفني الذي يعتبر رمزًا للتحدي في وجه محاولات التدمير الثقافي
إن ما يحدث اليوم يتجاوز كونه مجرد نقاش حول الإزالة أو البقاء فالأمر يتعلق بمسؤوليتنا جميعا كفنانين ومثقفين وجمهور للحفاظ على إرثنا الثقافي وتاريخنا الفني الذي يتطلب منا التكاتف من أجل حمايته وصونه ضد أي محاولات للتهميش أو الإلغاء
دعونا نتساءل ما هي الرسالة التي نود إيصالها للأجيال القادمة عندما نسمح بإزالة معلم ثقافي يحمل في طياته تاريخ وطن بكامله
إن الحفاظ على المسرح العائم يعني الحفاظ على هويتنا وثقافتنا وذاكرتنا التي يجب أن تظل نابضة بالحياة
في ختام هذا الطوفان من المشاعر المختلطة والمخاوف من القادم يتبادر إلى الذهن سؤال مهم ماذا سنفعل لحماية هذا المعلم الفني؟
هل سنبقى صامتين في وجه هذا القرار أم سنقف جميعا كفنانين ومثقفين وجمهور لنقول لا للإزالة ونطالب بالحفاظ على تراثنا الفني والثقافي؟
إنها لحظة حاسمة تتطلب منا جميعا أن نتكاتف لحماية المسرح العائم الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من تاريخنا الإبداعي فهل سنكون قادرين على التحرك قبل فوات الأوان؟
هذه هي التحديات التي تنتظرنا والمستقبل الذي يجب أن نكافح من أجله حتى لا تكون النهاية بمثابة طعنة في قلب الثقافة والفن المصري