تقارير

أزمة دوائية طاحنة: اختفاء الأدوية الحيوية تهدد حياة الملايين

تتسارع الأحداث وتتفاقم الأزمات في منظومة الصحة العامة حيث تفاجأ المواطنون بواقع مرير متمثل في اختفاء ونقص حاد في معظم الأدوية الحيوية التي تتطلب حفظها في درجات حرارة منخفضة مثل أدوية علاج السكر والهرمونات والأعصاب وأدوية المخ والنمو والتبويض.

هذا ما كشف عنه عدد من الصيادلة الذين عبروا عن قلقهم الشديد من هذه الظاهرة التي تهدد حياة الآلاف من المرضى.

أصبح مرضى السكر والقلب، سواء كانوا أطفالًا أو كبارًا، ضحايا لأزمة خانقة تتعلق بنقص حاد في أنواع الأنسولين وأدوية الضغط وشرائط تحليل السكر.

كما يعاني السوق من غياب العديد من المضادات الحيوية والفيتامينات الأساسية، مما يزيد من قلق الأهالي والمجتمع.

لقد وصل الأمر إلى فقدان أدوية هرمون النمو الأساسية، وحتى الأدوية البسيطة التي تعالج الأملاح مثل فوار يوروسلفين وبدائله، وأدوية المعدة والقولون التي أصبحت تعاني بدورها من نقص حاد.

ومع مرور الوقت، تتدهور حالة السوق الصحية أكثر حيث شهدت الأسابيع القليلة الماضية حالة من التذبذب المستمر.

قبل أسبوعين، كان يتوفر معظم الأدوية التي تحتاجها العائلات، ولكن سرعان ما اختفت تلك الأدوية من جديد، لتظهر نواقص جديدة في كل يوم.

يتجلى ذلك بوضوح في نقص الأدوية البسيطة مثل الفوارات لعلاج الأملاح والنقرس وأشهرها فوار يوروسلفين، إضافة إلى دهانات علاج الألم والكدمات مثل ريباريل وهيموكلار، وكذلك أقراص دافلون لعلاج الأوعية الدموية وأدوية حصوات المرارة والمعدة والقولون.

الصيادلة يواجهون يوميًا تحديات هائلة، حيث يتعين عليهم متابعة النواقص والمتوافر من الأدوية بشكل متواصل.

ومع تفاقم أزمة نقص الأدوية الحيوية لمرضى السكر، تبرز الحاجة الملحة إلى توفير خراطيش وأقلام الأنسولين، إذ أن الأنواع الأساسية مثل هيمالوج ونوفو رابيد وميكس تارد وتريسيبا وتوجويو أصبحت تعاني من نقص غير مسبوق.

إن الشرائط المستخدمة لقياس مستوى السكر في الدم، مثل أكوا تشك وكيرسينس، تضاف إلى قائمة المفقودات التي تهدد حياة المرضى.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الصيدليات، إلا أن الوضع لا يبشر بالخير. الأدوية تظل في حالة من الغموض، فبعض الأدوية تختفي ثم تعود بشكل مفاجئ لمدة أيام قليلة قبل أن تعود للاختفاء مرة أخرى.

ومن المثير للقلق أن بعض الأنواع من الأنسولين تعود إلى الصيدلية لفترات قصيرة جدًا، الأمر الذي يعكس مدى الصعوبة التي يواجهها المرضى في الحصول على أدويتهم.

معاناة جديدة تضاف إلى معاناة المرضى، خاصة مرضى السكر، سواء كانوا من الأطفال أو البالغين.

الأسعار في السوق ترتفع بشكل مستمر، حيث شهدت زيادة وصلت إلى ضعف الثمن في بعض الأحيان، مما أدى إلى تفاقم أزمة النقص.

الأمهات يعبرن عن غضبهن وقلقهن، حيث تشير إحدى الأمهات إلى عدم توفر الأنسولين نوفو رابيد في التأمين الصحي لأكثر من شهرين.

وعندما يتوفر، فإن الكميات تكون ضئيلة للغاية، ولا يمكنها تحمل تكلفة شراءه من السوق الخاص الذي يصل سعره إلى ألف ومائتي جنيه.

والمأساة لا تتوقف هنا، فالأهالي يشكون من نقص الأدوية اللازمة لأطفالهم مرضى السكر وهرمون النمو.

الشكاوى تتكرر من الآباء والأمهات حول نقص الأنواع المختلفة من الأدوية لأكثر من شهر، في حين أن البدائل المتاحة في السوق ترتفع تكلفتها بشكل يفوق قدرة الأسر على التحمل.

إن احتياجات المرضى اليومية من الأدوية الحيوية أصبحت عبئًا نفسيًا وماليًا على الأسر، حيث تمثل أسعار الأدوية عقبة كبيرة حتى بالنسبة للعائلات الميسورة.

فكيف يمكن للأسر ذات الدخل المحدود تحمل هذه الأعباء؟ هذه الحالة المثيرة للقلق تتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية بالدولة، حيث لا بد من البحث في حلول جذرية لهذه الأزمة التي تهدد حياة ملايين المرضى.

الدولة قامت بدور مشكور في السابق، حيث كانت الأدوية متوافرة بشكل طبيعي للمرضى الذين يستفيدون من نظام التأمين الصحي.

ولكن الأمور تغيرت بشكل مفاجئ، حيث بدأت أزمة النقص ثم الشح ثم الاختفاء، مما ترك الكثير من الحالات المرضية، خاصة مرضى السكر، بدون خيارات واضحة للحصول على أدويتهم.

الواقع المأساوي يتطلب استجابة عاجلة من الحكومة، فالصحة العامة تتعرض لتهديدات حقيقية بسبب هذه الأزمات المتكررة.

لذلك، يتوجب على رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان التحرك بسرعة لضبط السوق وضمان عدم تفاقم الأوضاع أكثر.

إن استمرار هذا النقص سوف يؤدي إلى تدهور حالة المرضى، فقد تفقد الأدوية الحيوية والضرورية، مما يجعل حياتهم مهددة بشكل دائم.

لقد شهدنا العديد من الأسر التي تعاني من هذه المأساة. من الواضح أن نسبة كبيرة من حالات مرضى السكر تشمل طفلًا أو اثنين داخل كل أسرة، مما يزيد من حدة الألم والمعاناة.

فالأهالي يضطرون في بعض الأحيان إلى التخلي عن أولوياتهم الأساسية من الطعام والغذاء من أجل توفير تكلفة الأدوية.

إن الحلول ليست بالأمر السهل، ولكن يجب اتخاذ إجراءات فورية لضمان عدم استمرار هذا الوضع الكارثي.

من المهم أن تتبنى الدولة سياسات فعالة لمراقبة الأسعار وضمان توفر الأدوية في جميع الصيدليات.

ويجب أن نتذكر أن الأدوية ليست مجرد بضائع تباع في السوق، بل هي حق لكل مريض.

لذا فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع لضمان حصول المرضى على احتياجاتهم الأساسية من الأدوية. لن نستطيع الانتظار أكثر، فالحياة تتطلب التحرك الفوري والجاد لحل هذه الأزمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى