في زخم عالم تسوده الفوضى العارمة والصراعات المتزايدة، يأتي صوت الحكمة من قلب الأزهر الشريف، حيث استقبل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، سفيرة سويسرا لدى القاهرة، الدكتورة إيفون باومان.
هذا اللقاء لم يكن عابرًا، بل كان بمثابة جرس إنذار يقرع عميقًا في مسامع العالم حول الأزمات المستفحلة التي تعصف بالمجتمعات.
أعلن شيخ الأزهر بوضوح أن الدين، الذي يجب أن يكون مرشدًا وقائدًا للأخلاق والقيم، قد تم إقصاؤه بشكل متعمد من حياة الإنسان، ما أدى إلى حالة من الانهيار الأخلاقي لا مثيل لها.
لقد تساءل: كيف يمكن لعالم أن يستقر في ظل غياب القيم الروحية والأخلاقية، وكيف يمكن للناس أن يعيشوا في سلام عندما يصبح المال والسلاح والإعلام هم المتحكمون في مصائر الشعوب؟
تحدث الإمام الطيب بجرأة عن أزمة عالمية فاضحة، حيث أثبتت الأحداث أن من يملك المال والسلاح والإعلام يمكنه السيطرة على الجميع.
الفوضى التي نشهدها اليوم ليست مجرد نتيجة للاختلافات السياسية أو الثقافية، بل هي نتاج مباشر لإقصاء صوت الدين وقيمه.
وقد أشار إلى أن الحضارة المادية قد حاولت تأليه الإنسان، مما نتج عنه تلبية شهواته ورغباته على حساب الأخلاق والقيم.
في سياق هذا الحديث العميق، أشار الطيب إلى أن الأزهر الشريف يلعب دورًا محوريًا في إعادة إحياء هذه القيم التي تتآكل تحت وطأة النزاعات. هو ليس مجرد مؤسسة تعليمية، بل هو مركز لنشر قيم الأخوة وقبول الآخر.
واستعرض جهوده في غرس هذه المبادئ من خلال المناهج الدراسية التي تركز على التسامح والاحترام المتبادل، مشددًا على ضرورة التمسك بهذه القيم في عالم مضطرب.
اختتم الإمام الأكبر كلماته بالتأكيد على أن الاختلاف هو سنة إلهية، وأن الله خلق الناس مختلفين عن عمد. قال: لو شاء الله لخلقهم متشابهين، ولكن في تنوعهم يكمن جمال الحياة وأساس العلاقات الإنسانية.
إن الأخوة وقبول الآخر هما الأساس الذي ينبغي أن نبني عليه مجتمعاتنا، فبدون هذه المبادئ، سنظل عالقين في دوامة من الفوضى والاضطراب.
من جهتها، أعربت سفيرة سويسرا، الدكتورة إيفون باومان، عن تقدير بلادها العميق لما يقوم به شيخ الأزهر من جهود.
أبدت سعادتها بلقاء الإمام الأكبر، مشيدةً بمساعيه الرامية لنشر قيم السلام والتسامح بين الأديان والثقافات. وأكدت أن القادة الدينيين لديهم قوة تأثير كبيرة، وأنهم يلعبون دورًا محوريًا في تعزيز روح التقارب بين مختلف الثقافات.
وأشارت باومان إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقَّعها الإمام الأكبر والبابا فرنسيس، تمثل نموذجًا يحتذى به في بناء علاقات إيجابية بين الأديان، وتجسد الأمل في مستقبل يسوده التفاهم والتعاون.
هذا التعاون يمكن أن يكون أداة فعالة في مواجهة الفوضى العالمية، التي تزداد حدتها يومًا بعد يوم.