الممرضون في مصر: أبطال مجهولون يواجهون كارثة نظام صحي متهالك
في قلب الأزمة الصحية الراهنة تتجلى معاناة الممرضين في مصر بشكل صارخ حيث أصبحوا بمثابة الأبطال المجهولين الذين يتحملون عبء النظام الصحي المنهار
لا يمكن تجاهل دورهم المحوري في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها
وصل عدد الممرضين في البلاد إلى حوالي 216 ألف ممرض في عام 2021 ما يعني وجود 21 ممرض لكل 10 آلاف شخص
وهذا الرقم رغم كونه يبدو جيدًا من حيث الكمية إلا أنه في الواقع يمثل قمة جبل الجليد لمشاكل أعمق تعاني منها مهنة التمريض في مصر
فالنقص الحاد في التمريض المدرب والموارد اللازمة يؤثر بشكل مباشر على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى
تُظهر الإحصائيات أن أعداد الممرضين ليست كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان خاصة في ظل تفشي الأمراض والأوبئة التي تفرض ضغطًا متزايدًا على النظام الصحي
تعاني المستشفيات من طاقم تمريضي غير كافٍ للعمل في أقسام الطوارئ والعناية المركزة مما يؤدي إلى تدهور حالة المرضى ويجعلهم عرضة لمخاطر أكبر
مؤشرات الوضع الحالي تدق ناقوس الخطر فالعاملون في مجال التمريض يواجهون ضغوطًا نفسية وجسدية متزايدة نتيجة للتحديات المتراكمة فبالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة والتعامل مع حالات مرضية معقدة
يعاني الممرضون من نقص في المعدات الأساسية والموارد اللازمة لتقديم الرعاية الصحية مما يزيد من تفاقم الأوضاع ويضعهم في مواقف حرجة
في ظل هذا الواقع المرير يتضح أن النظام الصحي في مصر يحتاج إلى إصلاح شامل يبدأ بتحسين ظروف العمل للممرضين وزيادة الأجور بشكل يتناسب مع حجم المسؤوليات التي يتحملونها
فمعظمهم يحصلون على رواتب لا تعكس الجهد الذي يبذلونه بل تجعلهم يعيشون في حالة من القلق المالي وعدم الاستقرار
تجارب الممرضين تعكس واقعًا صادمًا حيث يتحدث العديد منهم عن تدهور الوضع الصحي بسبب عدم وجود تقدير كافٍ لدورهم في المجتمع
فعلى الرغم من كونهم العمود الفقري لنظام الرعاية الصحية إلا أنهم يعانون من ضعف التقدير والاحترام اللازمين من قبل السلطات الصحية والمجتمع
لم يعد بإمكان الممرضين الاستمرار في العمل في ظل ظروف غير إنسانية تتضمن غياب الدعم النفسي والاجتماعي
فالمشكلات اليومية التي يواجهونها لا تنتهي من نقص الموارد إلى الضغط النفسي الناتج عن مواجهة أزمات الصحة العامة وزيادة حالات الإصابة بالأمراض
فغالبًا ما يشعر الممرضون بأنهم عالقون في حلقة مفرغة من المسؤوليات المتزايدة وعدم القدرة على تحقيق التغيير
هذا الوضع الكارثي ينعكس بشكل سلبي على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى إذ تؤدي ظروف العمل الصعبة إلى شعور بالإحباط وفقدان الدافع للعمل
مما يزيد من معدلات الاستقالات والهجرة إلى الخارج بحثًا عن فرص أفضل في بلدان تقدّر الجهود التي يبذلها الممرضون
تظهر التقارير أن هناك حاجة ملحة لتغيير جذري في السياسات الصحية المعمول بها إذ يجب على الحكومة أن تتخذ خطوات فعلية لتحسين نظام التعليم التمريضي
وتوفير التدريب المستمر للكوادر التمريضية بما يضمن قدرتهم على التعامل مع التحديات المتزايدة في المجال الصحي