الشرق الأوسط يقترب من حرب شاملة: إسرائيل وإيران على صفيح ساخن
في ظل إصرار الحكومة الإسرائيلية المتطرفة على توسيع رقعة الحرب واندفاعها نحو إشعال نزاع إقليمي أكبر في منطقة الشرق الأوسط
يبدو أن هذا السيناريو بات وشيكًا مع استمرار تبعية الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن لإرادة إسرائيل وسعيها المحموم لتأمين الدعم الصهيوني قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
هذه الانتخابات التي تعد مصيرية بالنسبة للحزب الديمقراطي هي في الواقع مفتاح البقاء في البيت الأبيض ليس بأيدي الناخب الأمريكي
كما يُعتقد بل بفضل التأثير الهائل للوبي الصهيوني الذي يتحكم فعليًا في المعادلة السياسية الأمريكية.
يتزايد الحديث حول اقتراب إسرائيل من تنفيذ هجوم عسكري على إيران وهو ما أصبح شبه مؤكد بعد إعلان الجيش الأمريكي صباح يوم الأحد 13 أكتوبر 2024 عن نشر نظام الدفاع الجوي “ثاد” في إسرائيل
كخطوة استباقية تهدف إلى اعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية وتعزيز المنظومة الدفاعية الإسرائيلية ضد أي رد إيراني متوقع في حال شنت إسرائيل هجومًا على طهران.
هذه الخطوة جاءت بعد فشل القبة الحديدية في التصدي لصواريخ إيرانية باليستية استهدفت ثلاث قواعد عسكرية ومحور نتساريم في غزة خلال أوائل أكتوبر 2024.
الأمر الذي أظهر ضعفًا واضحًا في هذه المنظومة الدفاعية التي طالما روجت لها إسرائيل كدرع لا يمكن اختراقه.
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وحرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني تمكنت المقاومة العراقية من تنفيذ أكثر من 215 عملية نوعية استهدفت الاحتلال في فلسطين وغور الأردن وسوريا
في حين أعلن حزب الله اللبناني عن تنفيذ ما يزيد عن 3194 عملية هجومية استهدفت مواقع وأهداف عسكرية واستخباراتية واقتصادية داخل الأراضي المحتلة وضربت 100 مستوطنة إسرائيلية خلال عام واحد.
في الوقت ذاته تصاعدت الهجمات الصاروخية من اليمن والتي استهدفت مدنًا حيوية مثل إيلات وحيفا وتل أبيب
مما دفع القناة 14 الإسرائيلية للتأكيد على أن أكثر من 10 آلاف صاروخ وقذيفة أطلقت على شمال إسرائيل من اليمن وغزة ولبنان والعراق خلال عام واحد.
تصاعد الأزمة بين إسرائيل وإيران بلغ ذروته خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والتي استمرت لخمسين دقيقة في التاسع من أكتوبر 2024.
تناولت المكالمة خطط إسرائيل لشن هجوم على إيران ردًا على إطلاق طهران 200 صاروخ استهدفت قواعد عسكرية إسرائيلية ومواقع استخباراتية.
وبينما تطرقت المكالمة إلى الملفين الإيراني واللبناني إلا أنها لم تتناول بأي شكل من الأشكال قطاع غزة أو مسألة وقف العدوان على الفلسطينيين أو صفقة التبادل التي تتعلق بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة.
أكدت مصادر متعددة أن بايدن طالب نتنياهو بضرورة إنهاء العملية العسكرية في لبنان بأسرع وقت ممكن والتوصل إلى اتفاق سياسي قبل تصفية حزب الله
وذلك خوفًا من استمرار التوتر الذي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر لكن نتنياهو رفض هذا الطرح مؤكدًا أنه يرى في الوضع الحالي فرصة نادرة يجب استغلالها لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية دائمة.
في المقابل أبدت إدارة بايدن تحفظًا واضحًا تجاه الطموحات الإسرائيلية في مهاجمة المنشآت النووية والنفطية الإيرانية تجنبًا لتصعيد إقليمي قد يتسبب في اندلاع حرب شاملة لكن نتنياهو بدا مصرًا على تنفيذ خططه العدوانية دون اكتراث للتحذيرات الأمريكية.
الإدارة الأمريكية رغم محاولاتها للحد من تطلعات إسرائيل العسكرية باتت أقل توترًا نظرًا لتقلص الفجوة بين المواقف الأمريكية والإسرائيلية فيما يتعلق بنطاق الهجوم على إيران فإدارة بايدن
ورغم قلقها من استهداف منشآت قد تشعل حربًا إقليمية واسعة النطاق لم تستبعد أن يكون الهجوم الإسرائيلي المرتقب كبيرًا بما فيه الكفاية ليشمل ضربات جوية وعمليات استخباراتية تستهدف قادة النظام الإيراني وعناصر من المقاومة داخل طهران نفسها.
ما يزيد من المخاوف الأمريكية هو ما نقلته وكالة بلومبرج عن مصادر داخل فريق بايدن بشأن الخشية من أن تؤدي الضربة الإسرائيلية للبنية التحتية للطاقة الإيرانية إلى زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية وهو أمر لا يمكن لأحد توقع تداعياته خاصة إذا قررت روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية التدخل في النزاع.
من ناحية أخرى عرض بايدن على نتنياهو بدائل غير عسكرية تشمل فرض عقوبات اقتصادية أكثر صرامة على إيران لكن هذه المقترحات قوبلت بالرفض من الجانب الإسرائيلي.
وعليه تتوقع واشنطن أن إسرائيل قد تبدأ هجومها على إيران في أي لحظة وهو ما قد يؤدي إلى سلسلة من التصعيدات العسكرية التي لا يمكن التحكم بها في منطقة الشرق الأوسط.
نائب الرئيس الأمريكي كمالا هاريس من جهتها أبدت تحفظها الواضح على الانخراط بشكل أعمق في الملف الشرق الأوسطي المشتعل إذ يبدو أن طموحاتها الانتخابية جعلتها مترددة في اتخاذ أي خطوات قد تؤثر سلبًا على حملتها الانتخابية
خاصة وأن نتنياهو أعلن عن دعمه العلني لمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب وهو ما دفع هاريس إلى الابتعاد عن هذا الملف لتجنب استنزاف مواردها السياسية في مواجهة نفوذ نتنياهو وترامب.
رغم كل التحذيرات الأمريكية انتهت المكالمة بين بايدن ونتنياهو بتفاهم ضمني على شن هجوم إسرائيلي ضد إيران لكن الفجوة بقيت فيما يتعلق بالأهداف التي يجب ضربها إذ تخشى واشنطن من أن تتسبب بعض الضربات في إشعال فتيل حرب إقليمية واسعة لا يمكن لأحد التنبؤ بعواقبها.
في المقابل على الجانب الإيراني فإن طهران قد أعدت عدتها منذ إطلاقها لـ 200 صاروخ في بداية أكتوبر وهي جاهزة للرد بقوة في حال شنت إسرائيل أي هجوم
حيث أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي صراحة أنه أعطى تعليمات واضحة للمؤسسة العسكرية الإيرانية للرد دون الرجوع إليه في حال تعرضت إيران لعدوان إسرائيلي وأشار إلى أن المدن الإسرائيلية الكبرى مثل تل أبيب وحيفا ستكون أول الأهداف الإيرانية.
في هذا السياق أكد مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني أن طهران تمتلك القدرة على تسوية عشرات المصانع والمنشآت الإسرائيلية بالأرض إذا استهدفت إسرائيل أي جزء من أراضيها مشيرًا إلى أن أمريكا هي سبب كل المشاكل في المنطقة.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من جانبه أكد أن إيران لن تتردد في الرد بقوة على أي هجوم إسرائيلي مشيرًا إلى أن الرد سيكون سريعًا ومدمرًا.
وفقًا للمصادر الإيرانية حددت طهران أهدافًا استراتيجية داخل إسرائيل تشمل محطات توليد الكهرباء الرئيسية والقواعد الجوية والمنشآت الصناعية والعسكرية الحيوية
كما وضعت موانئ حيفا وأشدود وإيلات وعسقلان ضمن لائحة الأهداف إلى جانب مركز ديمونا النووي ومنشآت الصواريخ والفضاء.
على الجانب الآخر تستهدف إسرائيل المنشآت النفطية الإيرانية الرئيسية مثل حقول الأهواز وآغاجاري بالإضافة إلى منشآت الغاز والمصافي البترولية والمفاعلات النووية مثل فوردو ونطنز إلى جانب مراكز القيادة التابعة للحرس الثوري الإيراني.
يبدو أن المنطقة تقف على حافة هاوية حرب شاملة ستكون لها تداعيات كارثية على الشرق الأوسط والعالم بأسره في حال قررت إسرائيل تنفيذ مخططاتها ضد إيران