تقاريرمصر

مصر تحت وطأة السلاح: أسئلة بلا إجابات حول مستقبل الوطن

في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً وفتحت باب التساؤلات حول توجهات الحكومة المصرية وتصرفاتها خلال العقد الأخير أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي تحذيراً صارخاً حول التسليح المتزايد للجيش المصري خلال السنوات العشر الماضية

في سياق فعاليات الندوة التثقيفية الأربعين للقوات المسلحة احتفالاً بالذكرى الواحدة والخمسين لنصر أكتوبر المجيد كان حديثه بمثابة جرس إنذار لكل من يحاول فهم الديناميكيات المتغيرة في المشهد الأمني والسياسي في مصر.

السيسي بدلاً من تقديم إجابات شافية عن استفسارات المواطنين حول أسباب تعزيز القدرات العسكرية لم يشأ أن يضع حداً للشكوك التي تتصاعد حول هذا الموضوع الحساس

حيث أطلق تصريحاته بوضوح قاطع ومثير للدهشة قائلاً إنه لن يجيب على تلك الأسئلة على الإطلاق.

هذه الكلمات كانت بمثابة شرارة أثارت حفيظة كثيرين وجعلتهم يتساءلون عن الدوافع الحقيقية وراء هذا التسليح المكثف.

ولم يتردد السيسي في الإشارة إلى أهمية هذا التسليح ليس فقط في سياق التوترات العسكرية الراهنة ولكن أيضاً كوسيلة للحفاظ على القوة الشاملة للدولة من الناحية العسكرية والثقافية والوعي المجتمعي.

وهنا تبرز علامة استفهام كبيرة حول ما إذا كان هذا التصريح يعكس ثقة في الجيش وقدرته أم أنه يتسم بالخوف من تصاعد الأوضاع الإقليمية والدولية التي باتت تهدد استقرار البلاد.

السيسي تابع حديثه من دون تردد مؤكداً على ضرورة أن يكون الجيش والشرطة في أعلى درجات الاستعداد والجاهزية لحماية البلاد

وهذا البيان يحمل في طياته دعوة ملحة لكافة القطاعات الحكومية والمثقفين للانخراط في حوار دائم مع المواطنين حول هذه القضية الحاسمة.

في سياق ذلك يتجلى المشهد العام كحالة من الارتباك بين الحاجة الملحة لتعزيز القدرات العسكرية والقلق المتزايد بين المواطنين حيال غياب الشفافية حول هذه القرارات.

في خضم حديثه أشار السيسي إلى أن البلاد ولله الحمد بخير وأن قدرات الجيش كافية للدفاع عن الوطن

وهذه العبارة تحمل في طياتها طمأنة مزعومة للمواطنين الذين يعانون من أزمات اقتصادية خانقة وضغوط معيشية متزايدة.

فهل فعلاً يكفي التسليح المتزايد للجيش لحماية البلاد؟ أم أن الأوضاع الراهنة تستدعي المزيد من الجهود في مجالات أخرى مثل تحسين الاقتصاد وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين؟

تسليح الجيش المصري يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة صراعات عميقة وتوترات مستمرة حيث يواجه النظام المصري تحديات تتعلق بالاستقرار الداخلي والأمني.

ومع تصاعد الاضطرابات في الدول المجاورة ومخاوف من هجمات إرهابية محتملة يصبح من الواضح أن هناك ضرورة ملحة لتعزيز القدرات العسكرية.

ولكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو هل يعي المواطنون حقًا سبب هذا التوجه وما الذي يمكن أن يتوقعوه من الحكومة في الأيام المقبلة؟

الحديث عن جاهزية الجيش والحاجة إلى تعزيزها يجب أن يكون مرفوقاً بإيضاحات حول كيف سيتم استخدام هذه القدرات العسكرية وفي أي سياق.

هل نعيش في حالة من الحرب الدائمة؟ أم أن هناك خططاً استراتيجية متكاملة تراعي جميع جوانب الأمن القومي بما في ذلك الأمن الاقتصادي والاجتماعي؟

في النهاية تظل الأسئلة بلا إجابة ولا يزال المواطنون في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بمستقبلهم ومستقبل بلدهم.

إن التوجه نحو تعزيز القوات المسلحة قد يكون ضرورياً ولكن يجب أن يتم ذلك بشفافية وبحوار مفتوح يضمن مشاركة المجتمع في اتخاذ القرارات الحاسمة.

إجمالاً يمكن القول إن السيسي يحمل على عاتقه مسؤولية جسيمة تتمثل في تطمين المواطنين بشأن سياسات التسليح التي تتبعها الدولة

بينما يشير الواقع إلى ضرورة أن تكون هناك خطة متكاملة تشمل جميع جوانب الأمن والاستقرار وليس مجرد التركيز على القوة العسكرية.

إن ما يتجاوز هذه التصريحات هو الحاجة إلى مناقشة جدية حول واقع البلاد والسبل الممكنة لضمان استقرارها في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة.

فمصر ليست بحاجة إلى شعارات فحسب بل إلى استراتيجيات حقيقية تعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة وتعمل على معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة.

فهل سيستمر الوضع كما هو عليه أم أن ثمة إرادة حقيقية للتغيير في الأفق؟ الأمل في الغد يبقى مشوباً بالحذر والتساؤلات

بينما تظل الأسئلة قائمة حول منطق التسليح المتزايد والنتائج التي قد تترتب عليه على المدى الطويل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button