إنذارات حكومية تهدد بإغلاق العيادات الطبية وتفجر أزمة وطنية حادة
في تطور صادم وغير مسبوق وجهت أجهزة الإدارة المحلية في المحافظات إنذارات جماعية لمئات الأطباء تطالبهم بتوفيق أوضاع عياداتهم وتحويلها من وحدات سكنية إلى وحدات إدارية أو تجارية وهو ما أثار موجة هائلة من الغضب والاستياء خاصة بعد إغلاق عدد كبير من العيادات نتيجة لهذه الإنذارات
مما يهدد بحرمان شريحة واسعة من المرضى من الخدمات الطبية الضرورية تصاعدت حدة الأزمة خلال الأسابيع الماضية مع تصاعد عدد الشكاوى التي تلقتها النقابة العامة للأطباء والنقابات الفرعية من ممارسات الإدارة المحلية التي تمثلت في توجيه الإنذارات أو الإغلاق الفعلي لبعض العيادات.
لم تتأخر النقابة العامة للأطباء في التحرك حيث سارعت بتشكيل وفد رفيع المستوى برئاسة نقيب الأطباء الدكتور أسامة عبد الحي يضم عددا من أعضاء مجلس النقابة العامة سعيا لحل هذه الأزمة التي بدأت تلقي بظلالها على القطاع الطبي بأكمله
هذا الوفد التقى مع الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية لبحث الحلول الممكنة ولكن رغم هذا الاجتماع لم تسفر المناقشات عن أي نتائج إيجابية على أرض الواقع
حيث أصرت الوزيرة على مطالبة الأطباء بالتصالح ودفع الرسوم المقررة وهي خطوة وصفها الأطباء بالتعسفية.
النقابة العامة للأطباء لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التصعيد الحكومي إذ دعت إلى اجتماع طارئ لمجلس النقابة العامة مع النقابات الفرعية يوم الجمعة المقبل لمناقشة الوضع الطارئ الذي تواجهه مهنة الطب في مصر
كما قامت النقابة بتشكيل فريق قانوني متخصص للدفاع عن حقوق الأطباء ومواجهة هذه الإجراءات التي وصفوها بالتعسفية
وقررت النقابة أيضا مخاطبة رئيس الوزراء بشكل مباشر لإيقاف هذه الهجمة ضد الأطباء وضمان حقوقهم في إدارة عياداتهم وفقًا للقوانين المعمول بها منذ سنوات طويلة.
وفي سياق متصل صرح الدكتور أبو بكر القاضي أمين صندوق نقابة الأطباء ومقرر لجنة المنشآت بأن الإجراءات التي تتخذها الحكومة ليست قانونية وأنه لا يجوز مطالبة الأطباء بالتصالح على تحويل عياداتهم من سكني إلى إداري لأن هذا الشرط لم يكن موجودًا في القانون وقت حصولهم على الترخيص
وأضاف القاضي أن عيادات الأطباء قد تم ترخيصها وفقًا للقانون المعمول به حينها وأن مطالبتهم بتوفيق أوضاعهم الآن يعد تناقضًا واضحًا في السياسات الحكومية ويجب وقف هذا الإجراء التعسفي على الفور.
أوضح القاضي أن النقابة ليست ضد وضع اشتراطات جديدة لترخيص العيادات ولكن بشرط أن تُطبق هذه الاشتراطات واللوائح على التراخيص الجديدة فقط وليس بأثر رجعي على الأطباء الذين حصلوا على تراخيص قانونية سابقًا
وأكد على أن الطبيب يمارس مهنة حرة وليست مهنة تجارية ولا يجب أن يُعامل على أنه تاجر وأضاف أن هناك أطباء قاموا بشراء وحداتهم على أساس أنها إدارية
والآن يطالبونهم بتحويلها إلى وحدات تجارية وهو أمر غير معقول ويتطلب تدخلًا عاجلًا من رئيس الوزراء لإيقاف هذه الممارسات التعسفية.
من جانبه أكد القاضي أن العيادات الخاصة تشكل جزءًا أساسيًا من النظام الصحي في مصر وتعمل كشريك فعّال للمستشفيات الحكومية في تقديم الخدمات الطبية لأغلب الحالات غير الطارئة وأي زيادة في الرسوم أو الضغوط المالية المفروضة على الأطباء ستدفع بالكثيرين منهم إلى إغلاق عياداتهم
وهو ما سيزيد من الضغط على المستشفيات الحكومية التي تعاني بالفعل من نقص في الإمكانيات والكوادر الطبية ما سيؤدي إلى كارثة صحية قد تكون أبعادها كارثية على المجتمع المصري بأسره.
وأشار القاضي إلى أن تحميل الأطباء رسوم إضافية سيؤدي إلى زيادة تكاليف تشغيل العيادات وهو ما سينعكس بدوره على المرضى الذين يعانون بالفعل من ضغوط اقتصادية هائلة في ظل الظروف الحالية
وهو ما يجعل من المستحيل تحميلهم أية أعباء مالية إضافية ستؤدي إلى تدهور وضعهم الصحي وحرمانهم من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.
وزارة الصحة بدورها حددت مجموعة من الأوراق المطلوبة لترخيص العيادات الطبية ومنها عقد ملكية موثق أو عقد إيجار موثق في الشهر العقاري
بالإضافة إلى مجموعة من الاشتراطات الخاصة بمساحات الغرف والتجهيزات المطلوبة داخل العيادات
وذلك وفقًا لكل تخصص علاجي وقد حددت الوزارة عقوبات صارمة لمن يخالف هذه الاشتراطات أو يقوم بمزاولة النشاط الطبي بدون ترخيص حيث تتراوح العقوبات بين الغرامة التي تصل إلى 50 ألف جنيه وغلق المنشأة.
وتضمنت الإرشادات العامة للجودة التي وضعتها وزارة الصحة أن مساحة غرفة الكشف في أي عيادة يجب ألا تقل عن 8 متر مربع وأن تتوفر جميع التجهيزات الطبية الأساسية لكل غرفة حسب تخصص العيادة
وشددت الوزارة على ضرورة مراجعة الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص الطبية بوزارة الصحة
وكذلك الإدارات التابعة للعلاج الحر في مديريات الشؤون الصحية بالمحافظات لضمان الالتزام بهذه المعايير
ومع ذلك تبقى الأزمة الحالية متمثلة في التناقض بين القوانين والإجراءات التي تُفرض على الأطباء بين يوم وليلة مما يجعل مستقبل مهنة الطب في مصر مهددا.