إقتصادتقارير

صدمة التمويل: الحكومة تُحكم الخناق على المشروعات المتناهية الصغر

في قرار مفاجئ أحدث زلزالًا في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، أقدمت الحكومة المصرية على وقف تمويل المشروعات متناهية الصغر،

وهو ما يُعتبر بمثابة ضربة قاسية للعديد من الشركات والجمعيات الأهلية التي تعتمد بشكل كبير على هذا النوع من التمويل.

وكشفت مصادر من هيئة الرقابة المالية أن السبب وراء هذا القرار الجريء يعود إلى عدم تحقيق القطاع للأهداف المرجوة منه، مما يثير تساؤلات كبيرة حول مستقبل التمويل في البلاد.

تسود حالة من الغضب والاستياء في أوساط العاملين في هذا القطاع، حيث جاء القرار بمثابة صدمة مدوية جعلت الجميع يتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الخطوة.

يأتي ذلك في وقت حرج حيث يتزايد عدد العاطلين عن العمل ويعاني العديد من الشباب من ضغوط اقتصادية متزايدة، في حين كانت آمالهم معلقة على دعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر كسبيل للخروج من أزماتهم المالية.

وأشار المصدر إلى أن الهيئة قد أصدرت قرارًا بوقف قبول طلبات التأسيس من الشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية لمزاولة نشاط تمويل المشروعات متناهية الصغر والتمويل الاستهلاكي، وذلك لمدة عام قابلة للتجديد.

يُعَد هذا القرار خطوة جذرية تهدف إلى إعادة تنظيم السوق الذي شهد توسعات غير مدروسة في الفترة الأخيرة، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى فاعلية هذه الإجراءات في معالجة المشاكل القائمة.

على مدار أكثر من عشرين عامًا، كان من المفترض أن يتحقق نجاح كبير في هذا القطاع، حيث كان يُتوقع أن يصل عدد العملاء إلى 12 مليون عميل.

ومع ذلك، تشير البيانات الصادرة عن هيئة الرقابة المالية إلى أن عدد عملاء التمويلات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لم يتجاوز 3.8 مليون عميل فقط، بينما بلغ عدد عملاء التمويل الاستهلاكي نحو 964 ألف عميل.

هذا الفشل الذريع يسلط الضوء على الحاجة الملحة لإعادة تقييم السياسات الحالية وابتكار حلول جديدة تسهم في إنعاش هذا القطاع.

وبينما تتزايد أسعار الفائدة بشكل مطرد خلال العامين الماضيين، تراجع الطلب على التمويل بشكل ملحوظ.

فقد أدت الظروف الاقتصادية الصعبة إلى إحجام الكثير من العملاء عن الاقتراض، خصوصًا تلك القروض الصغيرة التي تُعرف بـ”النانو فاينانس” والتي كانت تمثل بارقة أمل للعديد من الشباب وأصحاب المشاريع الصغيرة.

هذه الديناميكية تُظهر بوضوح مدى التأثير السلبي للظروف الاقتصادية على قدرة المواطنين على الاستفادة من التمويل الذي كان يُفترض أن يساعدهم في تحسين أوضاعهم.

أوضحت البيانات أن هيئة الرقابة المالية قد منحت 10 رخص جديدة لشركات التمويل المتناهي الصغر خلال العامين الماضيين من أصل 25 شركة حاصلة على ترخيص،

كما تم منح تراخيص لنحو 15 شركة في مجال التمويل الاستهلاكي من بين 30 شركة مرخصة.

هذه الأرقام تعكس حالة التراجع والتعثر التي يعاني منها هذا القطاع، وتدق ناقوس الخطر بشأن أهمية التحرك السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وإزاء هذا الوضع المتأزم، تبرز الحاجة الملحة للتفكير في سياسات جديدة تعيد الثقة في القطاع وتسمح بتدفق الأموال من جديد.

يتساءل الجميع عن مصير المشروعات التي كانت تعتمد بشكل رئيسي على هذه الأنظمة التمويلية، وما إذا كان هناك خطط حقيقية لإعادة تأهيل هذه المنظومة.

المسألة ليست مجرد أرقام أو بيانات، بل هي مصائر حقيقية تتعلق بأشخاص وعائلات كانت تعتقد أن التمويل المتناهي الصغر هو الحل لمشاكلهم المالية.

ومع قرار الحكومة الأخير، يجد الكثيرون أنفسهم في موقف لا يُحسد عليه، حيث تتلاشى الآمال وتُغلق الأبواب أمام الطموحات التي كانت تنتظر تحقّقها.

تظهر الأوضاع الحالية أن القطاع يحتاج إلى إعادة تقييم شاملة تأخذ في الاعتبار التحديات التي يواجهها والأسباب وراء عدم تحقيق الأهداف المرجوة.

ومن المهم العمل على تطوير استراتيجيات جديدة تسهم في تحفيز الطلب على التمويل وتقديم الدعم الحقيقي للمشروعات المتناهية الصغر.

وفي الوقت نفسه، يجب أن تتضافر جهود الحكومة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لإيجاد حلول فعالة.

قد يكون من الضروري إعادة النظر في سياسات الفائدة وإيجاد طرق مبتكرة لدعم أصحاب المشاريع الناشئة، حتى يتمكنوا من مواجهة التحديات الراهنة والبقاء في السوق.

هذا القرار يمثل فرصة لإعادة التفكير في كيفية دعم رواد الأعمال والمشروعات الصغيرة، وضرورة تبني نماذج جديدة تلبي احتياجات السوق وتساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.

يجب أن ندرك أن الدعم المالي ليس مجرد أرقام، بل هو جزء أساسي من النسيج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

إجمالًا، إن الوضع الحالي للتمويل المتناهي الصغر في مصر يتطلب تحركًا سريعًا وحاسمًا لتفادي المزيد من الكوارث التي قد تؤثر على مستقبل المشروعات الناشئة.

إن الأمل لا يزال قائمًا، ولكن يجب أن تُبذل جهود حقيقية لتحقيق تحول إيجابي ينعكس على أرض الواقع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى