انتهاكات حقوق الإنسان في مصر .. صرخات تعذيب واختفاء قسري في السجون
أصدر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب تقريرًا كارثيًا يسلط الضوء على الأوضاع المأساوية التي يعيشها المواطنون المصريون داخل السجون ومراكز الاحتجاز
حيث تم رصد ما يقرب من 1189 انتهاكًا مختلفًا خلال الربع الثالث من عام 2024 تحديدًا في شهري يوليو وأغسطس وسبتمبر ما يبرز فظاعة الأوضاع ويؤكد أن آلة القمع لا تتوقف عن العمل ضد الأبرياء
يشمل التقرير رصدًا مثيرًا للاشمئزاز حيث تم تسجيل حالة قتل واحدة و15 حالة وفاة بالإضافة إلى 12 حالة تعذيب فردي و91 حالة تكدير فردي و37 واقعة تكدير جماعي ما يدل على أن التعذيب في السجون المصرية قد وصل إلى مستويات غير إنسانية
أما عن الانتهاكات الأخرى فقد تم تسجيل 41 واقعة تدوير متهمين على ذمة قضايا جديدة و44 حالة إهمال طبي متعمد و250 حالة اختفاء قسري في حين ظهر 567 مواطنًا أمام سلطات التقاضي بعد فترات طويلة من الاختفاء القسري كما تم تسجيل 131 واقعة عنف تمارسها الدولة بشكل ممنهج
يعتمد مركز النديم على جمع المعلومات من منصات إعلامية مستقلة وحسابات حقوقية موثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي ليشكل بذلك صورة واضحة ومفزعة عن واقع الانتهاكات الممارسة ضد المواطنين المصريين
فالتعذيب والعنف والإهمال الطبي والاختفاء القسري أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للكثيرين في مصر مما يثير قلقًا واسعًا حول مستقبل حقوق الإنسان في البلاد
تتعدد أساليب التعذيب التي يرصدها المركز في تقاريره حيث تشمل الضرب المبرح والنقل القسري إلى زنازين انفرادية
بالإضافة إلى السحل والصعق بالكهرباء في مناطق حساسة من الجسم وربط اليدين من الخلف وتعليق الأرجل واحتقار الضحية عبر رمي البراز في وجهها وعصب العينين ما يوضح أن التعذيب ليس مجرد أداة قمع بل هو وسيلة لترهيب المجتمع بأسره
خلال النصف الأول من العام الجاري رصد المركز 1985 انتهاكًا مختلفًا لحقوق الإنسان داخل السجون ومراكز الاحتجاز ما يجعل من الواضح أن هذه الأرقام ليست مجرد أرقام إحصائية
بل هي قصص مأساوية تعبر عن أوجاع وأحزان الناس الذين يعيشون في ظلال القمع والخوف حيث يصبح الموت والانتهاك هما المصير الحتمي لأي شخص يتجرأ على التعبير عن رأيه أو يتحدى السلطة
وفي هذا السياق يبرز أهمية دور المجتمع المدني في التصدي لهذه الانتهاكات فالتقارير التي ينشرها مركز النديم تعد بمثابة صرخات تنطلق من داخل قلوب المظلومين الذين فقدوا الأمل في العدالة
حيث أن التوثيق الدقيق لهذه الانتهاكات هو أولى خطوات الضغط على السلطات لتغيير هذا الواقع المرير
تظهر هذه الأرقام بشكل قاطع أن الحكومة المصرية لا تكترث بالمعاناة الإنسانية التي تعاني منها شعوبها فهي تستمر في فرض سياستها القمعية رغم كل الصرخات التي تدعو إلى التغيير والعدالة
كما أن صمت المجتمع الدولي أمام هذه الانتهاكات يعكس عجزًا واضحًا عن حماية حقوق الإنسان في البلاد حيث يتزايد عدد الضحايا في صمت تام مما يجعل من الضروري أن يرتفع صوت النداء للعدالة
يتطلب الوضع الراهن في مصر تدخلاً عاجلاً من قبل المجتمع الدولي للحيلولة دون تفشي المزيد من الانتهاكات
فالصمت لن يحل المشكلة بل سيفاقمها مع مرور الوقت وبذلك تتحمل كافة الأطراف المسؤولية عن هذه الأوضاع المأساوية حيث يجب أن يقف المجتمع الدولي بجانب الضحايا بدلًا من تجاهل معاناتهم
وفي ظل هذا الوضع المتردي يصبح من الملح على كل مواطن مصري أن يرفع صوته ضد هذه الانتهاكات
فكل صوت ينادي بالحق هو صوت يحتاج إلى الدعم والتأييد فعندما يتحد الناس للمطالبة بحقوقهم فإنهم يمكن أن يحدثوا فرقًا كبيرًا في المعادلة
ختامًا يبقى أن نؤكد على ضرورة عدم السكوت على هذه الانتهاكات إذ يجب أن تكون التقارير والبيانات التي تصدر عن مركز النديم وغيرها من المنظمات الحقوقية محط اهتمام المجتمع الدولي ووسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان حتى يتحقق الحد الأدنى من العدالة في مصر
إن تقرير مركز النديم ليس مجرد وثيقة فحسب بل هو نداء استغاثة لجميع الضحايا والمظلومين الذين يتوقون إلى الحرية والعدالة في عالم يصر على إسكات أصواتهم
لذلك يجب أن يكون هدفنا الأسمى هو تحقيق عالم يتسم بالعدالة حيث يُحترم فيه الإنسان وحقوقه ويُعتبر ضحية التعذيب والانتهاك جزءًا من النسيج الاجتماعي الذي يحتاج إلى الدعم والإنصاف