تعيش منطقة الشرفا في مدينة ومركز قوص التابعة لمحافظة قنا وضعًا مأساويًا يمتد لثلاثة عقود من الزمن، حيث يعاني سكان المنطقة من نقص حاد في خدمات الصرف الصحي.
على الرغم من وجود المواسير التي تم تركيبها منذ 30 عامًا، إلا أن الأهالي لا يزالون ينتظرون بفارغ الصبر توصيل الخدمة الأساسية التي تضمن لهم حياة كريمة.
يتحدث أحد سكان الشرفا ويُعرف باسم محمد الزير، مُعبرًا عن إحباطه: نعيش في ظروف لا تطاق، فقد تم تثبيت خطوط الصرف منذ ثلاثين عامًا، ولكن لا جديد في الأمر.
الجهات المسؤولة تعلم بحالتنا، ومع ذلك، ما زلنا نعاني. نضطر لاستخدام سيارات الكسح التي تكلفنا الكثير من الأموال،
وعند نفاد الخيارات، نُجبر على إغلاق المياه لتفادي زيادة الضغط على البيارات، ننتظر في حيرة حتى تأتي عملية الكسح.
يؤكد الزير أن المنطقة تحتوي على عمارات سكنية قديمة وجديدة، ومع ذلك تظل خدمة الصرف الصحي غائبة. يتبادل مسؤولو الهيئة والشركة التهم، دون أي حل فعلي يلوح في الأفق.
الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً، فالأهالي يتجهون في بعض الأحيان لتصريف مياه البيارات في الأراضي الزراعية المجاورة، مما يفاقم التلوث ويزيد من احتمالية انتشار الأمراض.
وكما يؤكد محسن شوري أحد السكان أيضًا، على نفس المعاناة، مُشيرًا إلى أن المعاناة تعود لأكثر من 30 عامًا، حيث لا تزال المواسير ملقاة في الأرض دون أي تحرك لتوصيل الخدمة.
في الوقت الذي حصلت فيه القرى المجاورة على خدمات الصرف الصحي، فإن سكان الشرفا يعيشون في كابوس يومي.
تتفاقم المشاكل الصحية والبيئية بشكل مروع نتيجة لهذه الأوضاع. يقول محمد تاج الدين، أحد السكان، إن غياب الصرف الصحي أدى إلى تفشي الأمراض في المنطقة،
حيث عانى البعض من الفشل الكلوي، بينما تُعاني الأطفال من ظروف معيشية صعبة بسبب تدهور حالة المنازل. الوضع وصل حدًا صارخًا جعل بعضهم يُضطر لبيع منازله.
عباس عاطف، ساكن آخر في المنطقة، يعبر عن استيائه من تعطل مشروع الصرف الصحي. الشركة المنفذة توقفت عن العمل بعد إكمال جزء من المشروع، مما يجعل الأهالي محاصرين بين التكاليف المرتفعة لسيارات الكسح التي تتراوح ما بين 70 و100 جنيه، وبين تكاليف النزح الشهرية التي تصل إلى 400 جنيه.
يتحدث عباس عن المشكلات المستمرة الناجمة عن تسرب مياه البيارات إلى الشوارع، وهو ما يضاعف معاناة المواطنين.
التوتر يسود بين الأهالي، أحيانًا تصل الأمور إلى مشاجرات بسبب تسرب المياه، بينما يطالب الجميع بحل سريع وفعال. الوعود المتكررة دون تنفيذ أصبحت مملة، وأصبحت آمالهم تتلاشى في ظل الفوضى المستمرة.
ومع تزايد الضغط، يخرج محمد القناوي، ناشط حقوقي ومحامي، ليشير إلى جهوده في تحريك إجراءات الدفع النفقي، ولكنه يعبر عن قلقه من توقف العمل مجددًا.
يشعر السكان باليأس، ويتساءلون عن الحلول المفقودة، فيما تزداد معاناتهم. يقول طايع: الوضع لا يمكن تحمله، نحن نشتكي إلى من؟
يوسف عز الدين، أحد السكان، يشكو من عدم جدوى الحلول المؤقتة. كل يوم يُنزل الأهالي مياه الصرف الصحي باستخدام سيارات الكسح، لكن هذا ليس حلاً دائمًا.
تتفاقم المشاكل كل 15 يومًا بسبب الأعطال في نظام الصرف، مما يكبد الأهالي تكاليف باهظة تصل إلى 9000 جنيه شهريًا، فضلًا عن الحاجة لتغيير موتور السحب بشكل دوري.
تخرج إحدى السيدات لتُعبر عن استيائها قائلة: نقوم بتصريف مياه البيارات بخراطيم غاطس، ولكننا لا نفهم سبب تجاهل مطالبنا بتوصيل الصرف.
لماذا تتلقى القرى المجاورة الخدمات بينما نحن نبقى دون أي تقدم؟ تعبنا من هذا الوضع ولا نستطيع الاستمرار على هذا النحو.
الحكايات تتكرر من كل زاوية في الشرفا، والمياه تتدفق من البيارات إلى الشوارع. حسين عبدالجبار، أحد السكان، يُضيف أن التكلفة الباهظة لنظام النزح جعلتهم عُرضة للفشل، بينما يُطالب الجميع بتحرك حقيقي.
وأكد مصدر رفيع المستوي في مجلس مدينة قوص، “رفض ذكر أسمه”، بأن إحدي شركات المقاولات بدأت في تنفيذ الدفع النفقي، ولكن العمل لم يُستكمل بعد. بينما تظل الوعود غير مكتملة، يتزايد إحباط الأهالي، الذين يحتاجون إلى حلول عاجلة.
هذه المعاناة المروعة تتطلب تدخلًا فوريًا من الجهات المعنية. إن حياة أكثر من 30 ألف نسمة مُعرضة للخطر بسبب غياب الخدمة الأساسية.
في الوقت الذي يُتوقع فيه من المسؤولين التحرك الفوري، يبقى الأمل معلقًا في عقول المواطنين. هم في انتظار الحلول، ولكن هل ستأتي الحلول قبل فوات الأوان؟