فضيحة فساد مدوية تفضح استغلال الأئمة في أوقاف دمياط
تعيش مديرية أوقاف دمياط أوقاتا عاصفة من الفساد الإداري والمالي الذي ينخر في جسد المؤسسة الدينية. مع تقارير تتوالى عن عمليات جمع الأموال بطرق غير مشروعة من الأئمة،
ينكشف غطاء معاناة لا حصر لها نتيجة لاستغلال السلطة من قبل المسؤولين. إذ يُدعى أن المدير العام للمديرية يقوم بشكل ممنهج بإرغام الإدارات الفرعية على جمع ما يقرب من 6000 جنيه
في كل مرة يحضر فيها لافتتاح المساجد أو الفعاليات الثقافية، وهو الأمر الذي يظهر واضحا أنه لا يخدم سوى مصالحه الشخصية ومصالح أعوانه المقربين.
الفضيحة لا تتوقف عند حدود الممارسات الفردية بل تتعداها إلى تنظيم واسع يتورط فيه عدد من الأفراد في هيكل الإدارة.
فمدير إدارة أوقاف دمياط هو جزء لا يتجزأ من هذه الآلية، حيث يشرف على جمع الأموال بشكل إجباري من الأئمة دون مراعاة للقوانين أو القواعد الأخلاقية.
الأمر يتجاوز جمع الأموال إلى فرض سطوة متزايدة على الأئمة، حيث يتم استغلال حاجاتهم وتحقيق مكاسب غير قانونية على حسابهم.
إحدى الشخصيات البارزة في هذا المشهد الكارثي هو مدير إحدي إدارات الأوقاف بمحافظة دمياط يُدعي بـ “م. ف. ع.”، الذي يتولى مهمة جمع مبالغ مالية من الأئمة المغتربين في مقابل السماح لهم بالامتناع عن حضور الأنشطة أو الالتزامات الوظيفية.
وتُظهر التحقيقات أن هناك دفاتر وهمية تُستخدم لتوثيق الأئمة الذين لا يحضرون، مما يُعد استغلالا صارخا للثقة وخرقا للأمانة.
المأساة تمتد لتطال الأئمة ومفتشي الإدارة الذين يعيشون تحت وطأة الاضطهاد. يتعرض هؤلاء الأفراد لضغوطات متزايدة تتضمن استدعاءات أمنية متكررة تهدف إلى تعويقهم عن القيام بواجباتهم.
إنهم يعيشون حالة من الرعب المستمر حيث تُمارس عليهم ضغوط لا تحتمل، مما يُعرقل سير العمل ويجعلهم تحت رحمة القادة الفاسدين.
من جهة أخرى، هناك شكاوى جادة تتعلق بمسجد علي بن أبي طالب في الروضة، حيث يُزعم أن إدارة المسجد قامت ببيع مكيفات الهواء الخاصة بالمسجد لمصلحة مسجد الفردوس بمبلغ قدره 60 ألف جنيه.
هذه الواقعة لا تعكس سوى جزء بسيط من الانتهاكات التي تمس أموال وممتلكات دور العبادة، وتُظهر كيف يُساء استغلال المنابر الدينية لمصالح خاصة.
الأمر الأكثر فظاعة هو ما يتعلق بمسألة جمع الذهب من الأهالي. فقد أُشير إلى أن اثنين من الأئمة التابعين للشيخ محمد سلامة قد قاموا بجمع الذهب بناءً على أوامره الشخصية، ثم قاموا ببيعه لمصالحهم الخاصة.
وعندما تم اكتشاف هذه الفضيحة، تم دفع مبلغ قدره 40 ألف جنيه للشيخ محمد سلامة في محاولة للتستر على الجريمة، وهو ما يُظهر حجم الفساد الذي يهدد كل أسس النزاهة في المؤسسة الدينية.
تواصل الجهات المعنية التحقيقات في هذه المخالفات التي تكشف عن عمق الفساد الإداري والمالي داخل المديرية.
تشهد مديرية أوقاف دمياط أزمة حقيقية تستدعي التدخل الفوري لوضع حد لهذه الانتهاكات، ولتكون هذه التحقيقات خطوة أولى في سبيل استعادة الثقة في هذه المؤسسة التي تُعنى بشؤون الدين.
وفي الوقت الذي تزداد فيه الأوضاع سوءًا، يبقى الأئمة والمفتشون عرضة للضغوط، ولا يبدو أن هناك بصيص أمل في إيقاف هذه الانتهاكات الممنهجة.
حيث أن الفساد يطال كل جوانب العمل داخل المديرية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وخطورة. إن كانت القوانين لا تطبق على الجميع بنفس الشدة، فإن الظلم سيستمر.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هذه الممارسات لن تتوقف إلا بفرض رقابة مشددة، وإجراءات حازمة للتصدي للمسؤولين الذين لا يراعون حرمة الأمانة التي وُضعت في أيديهم.
وفي ظل هذه الظروف، يبقى المجتمع المحلي متسائلا عن مستقبل العمل في المديرية، وما إذا كان يمكن استعادة النزاهة والشفافية التي تُعتبر من الأركان الأساسية لأي مؤسسة دينية.
إن الوضع الحالي في مديرية أوقاف دمياط يُعد بمثابة جرس إنذار لكل المعنيين، إذ يجب أن يكون هناك موقف جاد وحازم من كافة الجهات المعنية لحماية حقوق الأئمة وضمان عدم استغلالهم. الفساد لم يعد مجرد قضية إدارية بل أصبح تهديدا للأمن الاجتماعي والروحي للناس.
وتبقى قضية الفساد الإداري والمالي في مديرية أوقاف دمياط قيد المتابعة، إذ تواصل الصحافة المحلية والدولية تسليط الضوء على هذه الانتهاكات.
ستكون تلك قضية تتابعها الأنظار حتى تتحقق العدالة ويتم معاقبة المسؤولين عنها. هذه القصة ليست مجرد خبر بل هي دعوة لكل من يهمه الأمر للتحرك ووضع حد لهذه الممارسات الفاسدة.