تقارير

استمرار كوارث القطارات رغم إنفاق التريليونات يفضح فشل الإنفاق والتطوير الحكومي

حوادث القطارات تمثل مأساة مستمرة تضع المسؤولين أمام مرآة الواقع الأليم ورغم المليارات التي تم إنفاقها لتحديث قطاع النقل فإن القصور ما زال يحاصر هذا القطاع الحيوي لتصبح حوادث القطارات سيدة الموقف كل يوم في مشهد متكرر ينذر بكارثة مستمرة

حيث وقع حادث تصادم قطارين في محافظة المنيا بعد يوم واحد فقط من تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي زعم فيها أنهم صرفوا تريليونات الجنيهات على تطوير القطاع لتقديم خدمة أفضل للمواطنين

في يوم 12 أكتوبر 2024 أكد السيسي خلال مؤتمر أنه تم صرف 2 تريليون جنيه على مشروعات النقل من أجل تحسين أوضاع المواطنين واستجابة لمتطلبات حياة كريمة لأكثر من 106 ملايين مصري

لكن هذا الحديث يبدو وكأنه مجرد شعارات بينما تتوالى الحوادث وتعصف بأحلام المواطن المصري الذي يبحث عن الأمان في وسائل النقل العامة

ومع صباح يوم 13 أكتوبر 2024 حدثت فاجعة جديدة في قلب محافظة المنيا عندما وقع تصادم مروع بين قطارين أسفر عن سقوط عدد من العربات في ترعة الإبراهيمية

مما خلف وراءه حالة من الذعر والفوضى بين الركاب الذين كانوا على متن القطارين وكأن الحياة أصبحت رهن الصدفة بين طريق سليم وآخر مليء بالمخاطر

الحادث أودى بحياة العديد من الأبرياء وأصاب آخرين بجروح بليغة لتعيد إلى الأذهان أسئلة ملحة حول الفساد والإهمال الذي يحيط بملف النقل في مصر

ورغم التصريحات الحكومية التي تتحدث عن تطوير البنية التحتية وسرعة تحديث القطارات إلا أن الواقع يكشف عكس ذلك تماما حيث تتكرر الحوادث في كل مرة وكأن هذه التحديثات لم تكن سوى كلام على ورق

عندما نقف عند الحادث الأخير نجد أن هناك علامات استفهام حول كيفية حدوث هذا التصادم المدمر ومن يتحمل المسؤولية عن وقوعه

حيث تطرح العديد من التساؤلات حول استثمارات التحديث التي تم الحديث عنها في السابق فهل كان الهدف الحقيقي منها هو تحسين الخدمة أم كانت مجرد محاولات لتجميل الصورة أمام الرأي العام

يستمر الصراخ والمناشدات من ذوي الضحايا الذين فقدوا أرواحهم في هذا الحادث المأساوي بينما الحكومة تصم آذانها عن تلك الأوجاع

وتكتفي بإصدار البيانات التقليدية التي تعبر عن أسفها وحزنها على ما حدث بينما تظل الخطوات العملية غائبة ولا نجد أية محاولات حقيقية لمنع تكرار تلك الكوارث

الخطورة هنا تكمن في أن هناك عدم اعتراف حقيقي بحجم الكارثة التي تواجه قطاع النقل إذ يبدو أن حالة من الاستهتار قد سيطرت على المسؤولين الذين لم يفهموا بعد أن الأرواح ليست مجرد أرقام ولا ينبغي أن تكون ضحية لإهمال أو فساد

حوادث القطارات ليست مجرد حوادث عابرة بل هي بمثابة جرس إنذار يشير إلى الفشل المتواصل في إدارة قطاع حيوي يخص حياة المواطنين

فالحديث عن تطوير مشروعات النقل يجب أن يقابله تطبيق فعلي يضمن السلامة والأمان للركاب ولا يمكن الاستمرار في إلقاء اللوم على الظروف أو الصدفة كلما وقعت فاجعة جديدة

المواطن المصري أصبح في حالة من القلق المستمر فهو لا يعرف ما الذي ينتظره في رحلته القادمة هل ستكون رحلة آمنة أم أنها ستكون الأخيرة في حياته وسط حالة من التوتر والفوضى التي تسيطر على قطاع السكك الحديدية

المسؤولية هنا تقع على عاتق الحكومة التي يجب أن تعي أن ما يحدث ليس مجرد حوادث عابرة بل هي نتاج سنوات من الإهمال الذي تحول إلى نمط حياة يجب تغييره

فالأرقام المهولة التي تتحدث عنها الحكومة يجب أن تعكس نتائج حقيقية على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات والتسويق الإعلامي

على الرغم من أن العديد من التصريحات تصدح بالوعود بتحسين أوضاع النقل فإن النتائج على الأرض لا تعكس ذلك

فالتحقيقات حول حوادث القطارات غالبا ما تتجاهل الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوعها وتظل الحلول السطحية هي السائدة بينما تظل الأرواح تتساقط وكأنها لا تعني أحدا

من المثير للسخرية أن نرى كيف أن التطوير المزعوم قد أصبح مجرد مصطلحات تستخدم في الإعلانات بينما تظل القطارات

كما هي تحمل بين جنباتها خطرًا حقيقيًا يهدد كل من يقترب منها فهل يعقل أن يستمر هذا الحال ونحن نشهد هذه الكوارث المتكررة

المشهد الآن أصبح مأساويًا على نحو متزايد فالأسر المفجوعة التي فقدت أحباءها بسبب حوادث القطارات تتزايد يومًا بعد يوم وكأنها عاقبة إهمال يتحمله الجميع دون استثناء فالتخطيط السليم والتنفيذ الجاد هما السبيل الوحيد لتفادي تكرار هذه الحوادث

لا يمكننا أن نستمر في الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذا الواقع المرير يجب أن تكون هناك خطوات حقيقية وفورية لإصلاح المنظومة وتقديم التقديرات الدقيقة لما حدث ولماذا يحدث ولا بد من أن تكون هناك محاسبة حقيقية للمسؤولين الذين تلاعبوا بمصير المواطنين وأرواحهم

الأمر يتطلب وضع خطط استراتيجية تحاكي الواقع وتعمل على تحسين خدمات النقل وإعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين الذين يتطلعون إلى رؤية نتائج ملموسة على أرض الواقع لا مجرد شعارات تُصاغ في مؤتمرات صحفية ووعود لا تتحقق

ويجب أن يدرك الجميع أن حوادث القطارات ليست مجرد أرقام في تقارير بل هي قصص مأساوية تحمل في طياتها الألم والخسارة والدموع التي لا تنتهي

ما يحدث هو جرس إنذار للجميع بأن الوضع لم يعد يحتمل السكوت وأن الأفعال يجب أن تتحدث بصوت أعلى من الكلمات

المطلوب الآن هو تغيير جذري في سياسات النقل وتطبيق إجراءات صارمة تضمن سلامة المواطنين وتمنع تكرار تلك الكوارث التي أدمت قلوب العديد من الأسر والذنب الذي يقع على عاتق الجميع يجب أن يتحمل الجميع المسؤولية الحقيقية في ظل هذه الظروف الصعبة والمخاطر المتزايدة

نحن أمام مرحلة حرجة تتطلب وقفة حقيقية يجب أن يتحرك الجميع قبل أن نصل إلى النقطة التي لا يمكن العودة منها

وقبل أن يتحول كل حادث إلى ذكرى مؤلمة تجسد غياب الأمان وغياب الشعور بالحماية للمواطن المصري الذي يستحق أفضل من هذا الحال

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button