أحزابتقارير

طارق عبدالعزيز يحذر: قانون البناء الجديد يهدد بدستورية الدولة

وجه النائب طارق عبد العزيز، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد في مجلس الشيوخ، انتقادات حادة لتعديلات قانون البناء الجديد، محذرًا من أن بعض النصوص المقترحة قد تؤدي إلى إشكاليات دستورية خطيرة.

وأكد في جلسة عامة خلال مناقشة التعديلات الخاصة بالقانون الموحد للبناء رقم 119 لسنة 2008 أن هذه التعديلات جاءت بعد فترة طويلة من الركود التشريعي، حيث عانت البلاد من تشريعات البناء المهترئة والاشتراطات التي لم تخدم سوى مصالح ضيقة.

ومع ذلك، أثنى على جهود الحكومة، مشيرًا إلى أن القطاع العقاري في مصر تجاوز 12 تريليون جنيه، مسهمًا بنسبة 24% من الناتج القومي الإجمالي، وهو إنجاز كبير يتعين على الجميع تقديره.

وأكد عبد العزيز أن الدولة المصرية شهدت تطورات نوعية كبيرة في مجال التشييد والبناء، مشددًا على أن هذا القطاع يعد أحد الأعمدة الأساسية التي يرتكز عليها الاقتصاد المصري.

ومع نسبة تصل إلى 14% من العاملين في سوق العمل المصري ينتمون لهذا القطاع، ومع احتساب العاملين في القطاعات المرتبطة به كالكهرباء والغاز والصرف الصحي وشبكات الاتصالات، فإن النسبة ترتفع إلى أكثر من 25% من إجمالي قوة العمل.

هؤلاء الملايين من العاملين كانوا لفترة طويلة في حالة من البطالة المقنعة، لكن مع هذه التعديلات، يعود لهم الأمل في أن يلعبوا دورًا حاسمًا في بناء مصر الحديثة.

لكنه لم يتوان عن توجيه انتقادات حادة لبعض بنود القانون، خاصة تلك التي تربط موافقة المجالس المحلية على تنفيذ قرارات البناء، مؤكدًا أن ذلك لا يتناسب مع الوضع الحالي في البلاد، حيث لا توجد مجالس محلية فعالة.

وتساءل عبد العزيز بغضب: كيف يمكن أن نطلب موافقة جهة غير موجودة؟ وأضاف أن هذه النصوص تفتح الباب أمام تعطيل القانون وعرقلته، مما قد يعرّضه للطعن بعدم الدستورية، خاصة أن الدستور ينص بوضوح على أنه “لا رسوم إلا بقانون”، وهو ما يتناقض مع منح المحافظين صلاحية تحديد الرسوم كما ورد في التعديلات.

وأشار عبد العزيز إلى موافقة الهيئة البرلمانية لحزب الوفد على التعديلات المقترحة رغم بعض التحفظات، مشيرًا إلى أن القانون، برغم كل الإيجابيات التي يحملها، لا يزال بحاجة إلى مزيد من التعديلات.

وأضاف أنه لا ينبغي التخلي عن القانون بسبب بعض العيوب، مؤكدًا أن القطاع العقاري في مصر لا يزال يعاني من فجوة كبيرة بين العرض والطلب، ومع ذلك فإنه يظل من أنجح الأسواق العقارية على مستوى العالم، بشهادة المتخصصين والمراقبين.

وتابع عبد العزيز بالتأكيد على أهمية تنظيم القطاع العقاري لضمان استمراره في دعم الاقتصاد الوطني، معتبراً أن التعديلات الجديدة التي تم إدخالها على قانون البناء جاءت في الوقت المناسب لتتواكب مع التغيرات الكبيرة التي يشهدها المجتمع المصري، وتعكس طموحات المصريين في بناء الجمهورية الجديدة.

ورغم ذلك، شدد على أن هذه التعديلات ليست كافية، واصفًا القطاع العقاري بأنه “شريان الاقتصاد المصري” الذي يهم 120 مليون مواطن، مطالبًا بثورة تشريعية حقيقية لتحديث هذا القطاع بالكامل، ومشيرًا إلى أن هناك إرثًا ثقيلاً من المشكلات المتراكمة التي تحتاج إلى حلول جذرية.

وطالب النائب الحكومة بالإسراع في حسم عدد من الملفات المهمة، وعلى رأسها الانتهاء من تحديد الأحوزة العمرانية في جميع المحافظات والمدن والقرى، داعيًا إلى وضع جدول زمني واضح تلتزم به الحكومة لإنهاء هذه المشكلات التي طال أمدها.

كما شدد على ضرورة التفريق بين اشتراطات البناء في المدن الكبرى والمناطق الريفية، حيث لا يمكن فرض نفس الشروط على بناء منزل في حي مثل الزمالك وبين منزل في قرية صغيرة أو نجع ناءٍ. وأكد على أهمية الحفاظ على المكتسبات التي حصل عليها أبناء الريف المصري بفضل القيادة السياسية، ومنحهم فرصًا متكافئة في مجال البناء والتطوير.

واقترح عبد العزيز إنشاء آليات جديدة لتمويل البناء في الريف، من خلال البنك الزراعي المصري الذي وصفه بأنه “بنك الفلاحين”، حيث يمكن توفير نظم تمويل عقاري ميسرة تمكن المزارعين من بناء منازل لأبنائهم وأسرهم بشروط مرنة تساعدهم على تحقيق هذا الهدف دون أن يكونوا عبئًا على الدولة.

كما أشار إلى ضرورة إجراء تعديلات شاملة على القوانين التي تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر، مطالبًا الحكومة بإعطاء اهتمام أكبر لملف تصدير العقارات المصرية إلى الخارج كأحد المحاور المهمة لتنشيط الاقتصاد المصري.

وفي ختام حديثه، دعا عبد العزيز الحكومة إلى إجراء دراسة دقيقة للأثر التشريعي لقانون التصالح في مخالفات البناء، للتأكد من أنه يحقق الأهداف المرجوة منه، وعدم الاكتفاء بمجرد إصدار القانون دون متابعة أثره على أرض الواقع،

مشيرًا إلى أن الشعب المصري ينتظر من الحكومة تحقيق العدالة في تطبيق هذا القانون ومعالجة المشكلات العميقة التي تواجه القطاع العقاري بشكل نهائي، لضمان استقرار السوق ودعمه للاقتصاد الوطني في السنوات القادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى