تقارير

ليبيا: اختفاء 19 رجلاً ومطالب ملحة بالكشف عن مصيرهم

في خضم الفوضى المستمرة في ليبيا، تطفو على السطح قضية مختفين قسريًا تثير القلق والغضب. منذ عام كامل، تتعذب عائلات 19 رجلاً بينهم الوزير السابق المهدي البرغثي تحت وطأة الجهل بمصير أحبائهم الذين اختفوا في ظروف غامضة.

ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن القوات المسلحة العربية الليبية، التي تسيطر على شرق البلاد، تتحمل مسؤولية هذا الاختفاء المروع.

القلق والخوف يسيطران على عائلات البرغثي وأقاربه ومؤيديه. لا تزال عائلاتهم تعيش في حالة من الفزع، تتساءل إن كان أحبابهم أحياء أم لقوا حتفهم.

يشير بسام القنطار، الباحث في الشأن الليبي بالمنظمة، إلى أن المآسي التي تعيشها هذه العائلات تكشف عن مدى استهتار السلطات بأرواح المواطنين.

يتضح أن القوات المسلحة العربية الليبية، أثناء سعيها لإحكام سيطرتها، لا تتردد في الاعتداء على من يعارضها، محصنة بسلطة شبه كاملة دون رادع.

تؤكد منظمة العفو الدولية على ضرورة أن تقوم حكومة الوحدة الوطنية والقوات المسلحة العربية الليبية بإجراء تحقيقات نزيهة وشفافة حول هذه الجرائم.

يجب عليهم الكشف عن مصير المختفين وضمان عدم الإفلات من العقاب للجهات المسؤولة. يأتي ذلك في الوقت الذي تظل فيه عائلات هؤلاء الرجال تحت وطأة القلق والترقب، تتوسل لمعرفة مصير ذويهم.

في السادس من أكتوبر، عاد المهدي البرغثي إلى بنغازي بعد جهود مصالحة، لكن هذا الحدث قوبل بوحشية. داهمت الجماعات المسلحة التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية منزله، مما أسفر عن اشتباكات مسلحة عنيفة تسببت في مقتل 15 شخصًا.

خلال هذه الأحداث، تم اختطاف 36 امرأة و13 طفلًا من عائلة البرغثي كرهائن، ثم أُطلق سراحهم بعد أن تم القبض على المهدي البرغثي وابنه، في حين ظل مصير 19 شخصًا آخرين غامضًا.

تتحدث التقارير عن وفاة ستة من المختفين في ظروف غامضة، مما يزيد من القلق حول مصير بقية المحتجزين.

يُخشى أن يكون هؤلاء قد أُعدموا بعد أسرهم، ما يجعل الوضع أكثر كارثية. تم إجراء مقابلات مع عائلات الضحايا وشهادات تفيد بأن العديد منهم تعرضوا للتعذيب، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.

تمت مواجهة العائلات بمأساة أخرى؛ تم احتجاز 15 شخصًا، وأظهر تقرير أولي للطب الشرعي أن بعضهم قد توفي جراء إصابات نارية، مما يثير التساؤلات حول الظروف التي أدت إلى وفاتهم.

تواصل منظمة العفو الدولية جهودها لتوثيق الأدلة، حيث جمعت شهادات وبيانات طبية حول الأوضاع القاسية التي مر بها هؤلاء الأشخاص.

تتوالى الأنباء المروعة، حيث يتضح من المقابلات والتقارير أن هؤلاء الرجال لم يُحاكموا ولا يُعرف عنهم شيء، بل تم حجبهم عن التواصل مع أسرهم ومحاميهم. تُنتهك حقوقهم بشكل صارخ، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك لمحاسبة الجناة.

القضية ليست مجرد أرقام أو أسماء بل تمثل مآسي إنسانية حقيقية، عائلات تتألم في صمت، تتوق إلى معرفة الحقيقة. تسلط الأحداث الضوء على الحاجة الملحة إلى الكشف عن هوية هؤلاء الرجال المختفين وإحقاق العدالة لعائلاتهم.

يُعتبر المهدي البرغثي شخصية بارزة في المشهد السياسي الليبي، وقد شغل منصب وزير الدفاع. اختفاؤه والرجال الذين كانوا معه يُظهران كيف يمكن أن تتقاطع السياسة مع مصائر الناس البسطاء، وتُسفك الدماء دون اعتبار للأرواح.

على الرغم من وجود قوى مسلحة تحكم البلاد، تظل دعوات حقوق الإنسان تتعالى، مطالبة بالكشف عن مصير هؤلاء المختفين. فقد حان الوقت لوضع حد لهذه الفوضى وإعادة الحق لأصحابه.

إن مسؤولية المجتمع الدولي كبيرة في الضغط على السلطات الليبية لضمان تنفيذ التحقيقات اللازمة ومحاسبة المتورطين. يجب أن تُعطى الأولوية لحقوق الإنسان في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية.

تسجل ليبيا على مر التاريخ مآسي لا حصر لها، والقصص المروعة لأسر البرغثي وأحبائه تمثل جزءًا من هذه المأساة. يطالب الجميع بإحقاق العدالة ومعرفة الحقيقة حول ما حدث للرجال التسعة عشر، فالصمت لن يكون خيارًا.

إن القضية ليست مجرد قضية اختفاء قسري بل هي دعوة ملحة لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي تُمارس من قبل القوى المسلحة. يجب أن تتحد الأصوات من جميع أنحاء العالم للضغط من أجل الحقيقة والعدالة.

لقد حان الوقت لوضع حد لمعاناة الأسر المكلومة، وإلزام السلطات الليبية بالاستجابة للمطالب الملحة للكشف عن مصير هؤلاء المختفين. إن التصرفات الوحشية يجب أن تُعاقب،

وأن تُعيد الحقوق لأصحابها. فالعدالة هي السبيل الوحيد لإعادة الأمل في نفوس هؤلاء الذين فقدوا أحباءهم في أتون النزاع المستمر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى