تقارير

صراع الأفكار والتحديات في الندوة السلفية: خلط الأوراق بين إيران وإسرائيل

أثارت ندوة للدعوة السلفية، تحت إشراف الدكتور ياسر برهامي، عنوانها “المنطقة العربية والإسلامية بين المشروع الصهيوني والمشروع الشيعي”، جدلاً عاصفاً واستياءً واسعاً بسبب محاولة السلفيين المساواة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران.

في وقت تتعرض فيه غزة ولبنان لعدوان همجي من قبل الاحتلال، اجتمع السلفيون ليطلقوا تصريحات تصب في مصلحة إسرائيل، ما يثير تساؤلات عديدة حول نواياهم الحقيقية.

ندوة يوم الأربعاء الماضي، شهدت حضور عدد من الشخصيات البارزة في الدعوة السلفية، مثل المهندس عبد المنعم الشحات والدكتور محمد إبراهيم منصور.

وتعرضت هذه الندوة لانتقادات لاذعة من قبل سياسيين ومراقبين، حيث تم التأكيد على أن تصريحات المتحدثين تعزز من موقف الاحتلال، في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية على الأراضي العربية، وتواصل التهديدات للأراضي الإيرانية.

الدكتور ياسر برهامي، في كلمته، استند إلى نصوص الشريعة ليبرر موقفه. حيث قال إنه إذا كانت حماس تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع المسلمين، فإنهم يستحقون الأجر،

أما إذا كانت حساباتهم ضيقة تقتصر على مصالحهم فقط، فإنهم آثمون. هذا الموقف يعكس عدم المبالاة بخطورة الوضع الحالي في غزة ولبنان، ويعكس انقسامًا عميقًا داخل العالم الإسلامي.

وتعكس تعليقات برهامي على الشيعة موقفًا متناقضًا، حيث أشار إلى أن هناك أقوال كفرية في مذهبهم، لكنه لم يتبنى فكرة التكفير العيني، وهو ما يُعتبر تلاعبًا بالألفاظ في قضية حساسة.

وبدلاً من أن يدين تصرفات الاحتلال، اختار برهامي أن يسلط الضوء على ما يراه جرائم من قبل الشيعة، مما يعكس توجهًا لتشتيت الانتباه عن الإجرام الإسرائيلي.

الحديث الذي دار في الندوة حول العداء بين اليهود وإيران كان مدعومًا بمقارنات لا أساس لها، حيث قال برهامي إنه رأى صدامًا عنيفًا بين الطرفين،

مما يعكس عدم فهم عميق للعلاقات السياسية في المنطقة. فبدلاً من التركيز على القضايا الأساسية والمصالح الحقيقية للأمة، يختار السلفيون الانجرار إلى سجالات تتعلق بصراعات تاريخية.

وفي نفس السياق، أضاف عبد المنعم الشحات أن الشيعة لا يمكن أن يكونوا حلفاء في القضية الفلسطينية ما لم يوقفوا ما يصفه بالباطل في مذهبهم.

هذا الخطاب يحاول أن يفرض فكرة أن الدعم للقدس يجب أن يكون مشروطًا بإدانة العقائد الشيعية، وهو ما يزيد من حدة التوترات في زمن يتطلب الوحدة.

بينما أشار الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، إلى أن الخلاف بين السنة والشيعة هو خلاف جذري في الأصول العقائدية.

هذا الكلام يعكس حالة من التشدد والانغلاق الفكري، حيث ينظر إلى الآخرين كأعداء بدلاً من محاولة فهمهم. الهواري أشار إلى أن مصر هي الهدف الأكبر للشيعة، مما يعكس حالة من الرعب من التحولات المحتملة في المنطقة.

تاريخياً، كانت هناك محاولات لتشييع مصر، حيث أشار الهواري إلى الدولة الفاطمية، لكن هذه المحاولات كانت فاشلة.

ولكن ما يتجاهله السلفيون هو أن هذه السجالات والمخاوف تُشغلهم عن قضايا أكثر إلحاحًا، مثل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

وفي ظل الظروف الحالية، يبدو أن السلفيين يسعون إلى تعزيز موقفهم من خلال تصوير الشيعة كخطر يهدد الهوية السنية. الهواري أكد على ضرورة العمل على تحصين المصريين ضد الغزو الشيعي،

في وقت يعاني فيه الشعب من الفقر والبطالة. يتحدثون عن الشيعة كأعداء متربصين، بينما يغفلون التحديات الحقيقية التي تواجهها الأمة.

التصريحات عن عقيدة الشيعة في تكفير أمهات المؤمنين والتحريض على كراهية الآخرين ليست مجرد كلمات، بل تعكس حالة من الانغلاق الفكري. فبدلاً من تعزيز التعايش والسلام، يختار السلفيون التركيز على زرع الفتنة والنفور.

والندوة التي كان من المفترض أن تناقش قضايا مصيرية، تحولت إلى ساحة لإطلاق الاتهامات والإثارة. الخطاب الذي أُطلق يعكس انقسامًا خطيرًا داخل المجتمع الإسلامي، ويزيد من حالة الارتباك في ظل الأحداث الجارية.

هذا النوع من الحوار لا يمكن أن يساهم في تحقيق التقدم، بل يعمق الجروح ويجعل من الصعب الوصول إلى توافق حقيقي في المستقبل.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى