قرار مثير للجدل في الدقهلية يعيد للأذهان أساليب ناصر الديكتاتورية
في حادثة تثير الجدل وتعيد للأذهان أساليب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الديكتاتورية، أطلق محافظ الدقهلية اللواء طارق مرزوق سلسلة من الإجراءات القاسية ضد الطلاب المخالفين لقواعد اللياقة والأخلاق المدرسية.
جاء ذلك خلال جولة مفاجئة قام بها في عدد من المدارس بمدينة المنصورة، حيث رصد مظهراً غير مقبول لعدد من الطلاب وتخلفهم عن الحضور في مواعيدهم المحددة.
كان أبرز تلك الوقائع في مدرسة طه حسين الثانوية بنين ومدرسة ابن لقمان الإعدادية، حيث وقف المحافظ أمام مشهد من الفوضى والعدم.
لم يتردد اللواء مرزوق في توبيخ الطلاب، مطالباً بإجراء فوري لعقابهم عبر حلق شعرهم “زيرو” وخصم عشر درجات من أعمال السنة. هذه الإجراءات لم تكن مجرد رد فعل عابر،
بل كانت تعبيراً عن رغبة قوية في فرض النظام والالتزام داخل المدارس، مؤكداً على ضرورة الالتزام بالحضور وارتداء الزي المدرسي الموحد.
وضع المحافظ نصب عينيه مسألة إعادة هيبة التعليم الحكومي في مواجهة المراكز التعليمية الخاصة، مشدداً على أن عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة هو السبيل الوحيد لبناء جيل واعٍ ومؤمن بأهمية التعليم.
ففي تصريحه، أكد مرزوق أن كافة علماء مصر تخرجوا من المدارس الحكومية، وبالتالي فإن الالتزام والانضباط هما الأساس لبناء مستقبل أفضل.
الأكثر إثارة للجدل هو التأكيد على ضرورة الاهتمام بالمظهر العام للطلاب، حيث تم توجيه المديرين بعدم السماح بدخول أي طالب غير ملتزم بقواعد الذوق العام.
كما أشار إلى أهمية توعية الطلاب بتاريخ محافظة الدقهلية، داعياً لتسليط الضوء على المعالم التاريخية والثقافية التي تميزها.
كان من بين النقاط التي أثارها التاريخ المجيد لمعركة المنصورة، وضرورة استحضار أسماء رموز المحافظة مثل الشيخ الشعراوي وأم كلثوم وفاروق الباز كقدوة للشباب.
ومع هذا القرار الجريء، اجتاحت موجة من ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي. العديد من المعلقين أيدوا أسلوب المحافظ، معتبرين أنه يعيد للذاكرة بعض الأساليب الديكتاتورية للرئيس عبد الناصر.
فقد ارتبطت تلك الذكريات بقصة شهيرة تعود إلى أيام حكمه عندما تم وقف مسابقة ملك جمال الرجالة المعروفة على شاطئ المعمورة بالإسكندرية.
حيث أمر عبد الناصر بإلحاق المشاركين بمعسكرات التجنيد، وحلق شعرهم، في دلالة صارمة على رفض أي مظهر غير لائق.
هذا الأمر أثار تساؤلات عديدة حول فعالية مثل هذه الإجراءات في تحقيق الانضباط الحقيقي في المدارس، وما إذا كانت القسوة هي الحل الأمثل لبناء جيل من الطلاب الملتزمين.
بينما رأى البعض أن هذا النوع من العقاب يعكس نوعاً من الاستبداد الفكري، ولا يسهم في خلق بيئة تعليمية صحية.
وتبقى قضية التعليم في مصر موضوعاً شائكاً يتطلب تفكيراً عميقاً ورؤية شاملة، بعيدة عن ردود الأفعال العاطفية.
فهل ستنجح تلك القرارات في إعادة الهيبة للمدارس الحكومية وتحقيق الفائدة المرجوة، أم ستظل هذه الأساليب مجرد صدى لحقبة زمنية مضت، دون تأثير فعلي على الأجيال القادمة؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.